الاقتراع بالبريد في أمريكا.. آليات التنفيذ تواجه مخاوف التزوير
مع استمرار جائحة فيروس كورونا، اضطرت ولايات أمريكية إلى اتخاذ إجراءات لتسهيل التصويت أثارت جدلا في البلاد
مع استمرار جائحة فيروس كورونا المستجد، اضطرت ولايات أمريكية إلى اتخاذ إجراءات لتسهيل التصويت بالانتخابات الرئاسية المرتقبة في نوفمبر/تشرين ثاني المقبل، وسط جدل ومخاوف من استخدامها.
ودعا سياسيون وخبراء في مجال الصحة إلى إجراء عملية اقتراع بالبريد على نطاق واسع في جميع أنحاء الولايات المتحدة بسبب جائحة كورونا، غير أن زعماء من الحزب الجمهوري، من ضمنهم الرئيس دونالد ترامب، ادّعوا أن هذا الشكل من الانتخابات سيكون أكثر عرضة للاحتيال والتزوير.
وفي بلد يواجه أزمة صحية وانقساما حول العنصرية، ستكون الأيام الستون المقبلة اختبارا لقدرة أكبر اقتصاد في العالم على تنظيم انتخاباته بعدما غيره الوباء الذي أودى بـ188 ألف أمريكي.
وباتت آلية الاقتراع موضوعا ساخنا في مشهد سياسي يثير الانقسامات بشكل متزايد.
وكانت كاليفورنيا أول ولاية أمريكية تقرر العمل بالاقتراع عبر البريد بالنسبة لجميع الناخبين المسجلين للانتخابات الرئاسية في ظل انتشار وباء فيروس كورونا.
كما بدأت ولاية كارولاينا الشمالية في إرسال أكثر من 600 ألف بطاقة اقتراع بريدية، لتلبية الطلب الكبير على ذلك، وستتبعها في الأسابيع المقبلة ولايات أخرى مهمة مثل ويسكونسن.
وحتى الأحد، سجلت الولايات المتحدة نحو 188051 حالة وفاة جراء فيروس كورونا، في حين بلغ إجمالي الإصابات 6 ملايين و226879.
شكوك ترامب
وترامب نفسه، الذي يصوت بالبريد في ولاية فلوريدا المسجل فيها، قال مرارا ومن دون تقديم أدلة إن الاقتراع بالبريد يمكن أن يؤدي إلى تزوير واسع.
حتى أنه اقترح على أنصاره أن يحاولوا الاقتراع مرتين ليختبروا الآلية.
وأثارت اقتراحاته ردودا غاضبة في الولايات المتحدة، حيث يعتبر التصويت مرتين في انتخابات غير قانوني.
ويدرك ترامب أيضا أن التصويت بالمراسلة يمكن أن يجذب الأمريكيين الأفارقة والمنحدرين من أمريكا اللاتينية الذين يبدون أكثر ميلا إلى الامتناع عن المشاركة، بسبب أوضاعهم الهشة في معظم الأحيان، كما أنه يدرك أن الناخبين الديمقراطيين يميلون إلى التصويت بالمراسلة أكثر من مؤيديه.
وقالت ناطقة باسم خدمة البريد: "نحن لا نتباطأ في توزيع البريد الانتخابي ولا أي بريد آخر"، مشيرة إلى مشاكل مالية في المؤسسة.
وتعاني خدمة البريد منذ 2008 من عجز ومن صعوبات مع ازدهار الإنترنت وتراجع حجم المراسلات. ويتحدث الجمهوريون منذ فترة طويلة عن خصخصتها.
وحذّر مسؤولو الانتخابات الرئاسية في عدد من الولايات الأمريكية من أن يشكّل طول المدّة التي تلزم لفرز أصوات المقترعين عبر البريد، تأخيراً في معرفة اسم الفائز في السباق الرئاسي ليلة الانتخابات في الثالث من شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ما من شأنه أن يثير مخاوف من أن يستخدم ترامب هذا التأخير لإثارة الشكوك حول صحة النتائج.
وفي 3 سبتمبر/أيلول، حذرت وزارة العدل الأمريكية من التصويت عبر البريد في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مؤكدة تسهيله على أطراف خارجية التزوير والتلاعب بالنتائج.
والسبت 22 أغسطس/آب الماضي، أقر مجلس النواب الأمريكي، مشروع قانون لدعم خدمة البريد خشية أن تؤثر على الانتخابات الرئاسية المقبلة.
مخاوف من التأخير
وكان بعض النواب الأمريكيين قد أبدوا تخوفهم من أن إصلاحات خفض النفقات التي سنها رئيس جهاز البريد الأمريكي لويس ديجوي، يمكن أن تؤخر تسليم البريد في الوقت المحدد عندما يصوت كثير من الأمريكيين كإجراء احترازي، خلال جائحة فيروس كورونا.
ويتخوف جهاز البريد من أن ملايين من أوراق التصويت المرسلة بالبريد يمكن أن تصل متأخرة للغاية مما يحول دون فرزها ضمن الأصوات الانتخابية.
وقال مسؤولون في أغسطس/آب الماضي، إن جهاز البريد أزال صناديق جمع الرسائل في 4 ولايات على الأقل: نيويورك وأوريجون ومونتانا وإنديانا.
وبدأ الجهاز أيضًا بإخطار عمال البريد في 3 ولايات على الأقل، وست فرجينيا وفلوريدا وميسوري، بأنهم سيبدأون في تقليل ساعات عمل التجزئة، وفقًا لمسؤولي النقابات.
من جانبه، وصف المرشح الديمقراطي جو بايدن خلال حملة لجمع التبرعات عبر الإنترنت إزالة صناديق جمع الرسائل بأنها "غريبة".
والتأخر في إعلان النتائج في الانتخابات أمرٌ شائع في عدد قليل من الولايات التي يتمّ فيها التصويت بشكل رئيسي عن طريق البريد، ويشار في هذا السياق إلى ما جرى مطلع القرن الحالي في انتخابات فلوريدا حيث شهدت الولاية مخالفات اقتراع وفوضى انتخابية لم تُحسم فيها النتائج إلا عن طريق القضاء.
التصويت عبر البريد
يتشابه الاقتراع البريدي من عدة نواح مع الاقتراع الغيابي؛ ومع ذلك يُستخدم في الدوائر البريدية حيث في يوم الانتخابات لا تفتح أماكن للاقتراع في منطقة معينة ويحل بديلا عنها البريد.
بدأ استخدامه خلال الحرب الأهلية بهدف تمكين الجنود من التصويت عبر البريد أثناء الحرب، وامتد ليشمل جميع الناخبين الموجودين خارج ولاياتهم يوم الاقتراع، وكل من لديه عذر يمنعه من التصويت في مركز الاقتراع، وبمرور الوقت استخدم مسؤولون مصطلح التصويت عبر البريد.
وتسمح 29 ولاية إضافة إلى واشنطن العاصمة لناخبيها بطلب بطاقة اقتراع غيابي لأي سبب، في حين تشترط 16 ولاية عذرا للحصول على بطاقة الاقتراع الغيابي، والولايات الخمس المتبقية ترسل بطاقات الاقتراع الغيابي لجميع ناخبيها.
التصويت الغيابي والتصويت عبر البريد
تستخدم بطاقات الاقتراع ذاتها في الحالتين، لكن ثمة ولايات تفرق بينها وفق طريقة حصول الناخب على البطاقة.
وفي حال طلب الناخب البطاقة يعتبر تصويته غيابيا، وإذا أرسلت الولاية البطاقات إلى جميع الناخبين، يطلق على العملية اسم التصويت عبر البريد.
توقعت صحيفة "نيويورك تايمز" أن 76% من الأمريكيين سيتمكنون من التصويت عبر البريد.
ويهدف برنامج الاقتراع للغائبين السماح للمواطنين الذين سيكونون خارج البلاد بعيدا عن مراكز اقتراعهم المحلية في يوم الانتخابات من التصويت عن طريق البريد.
ويجب على الناخبين الغائبين أن يطلبوا بطاقات اقتراعهم قبل 60 يوما على الأقل من موعد الانتخابات.
والبطاقة البريدية الفدرالية (FPCA) هي بطاقة بريدية "مدفوعة الثمن من البريد الأمريكي" مطبوعة، وتوزّع من قبل الحكومة الفيدرالية لاستخدامها من قبل الناخبين الغائبين.
استطلاعات رأي
وتشير معظم استطلاعات الرأي حتى الآن إلى تقدم المرشح الديمقراطي جو بايدن على منافسه الجمهوري قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
لكن، وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، فإن مكاتب المراهنات ترى واقعا مختلفا وتضع كل ثقلها خلف دونالد ترامب.
وبالنسبة لبعض وكلاء المراهنات الأستراليين والبريطانيين، لا يزال ترامب المرشح الأوفر حظا.
والمراهنة على نتائج الانتخابات الوطنية أو المحلية غير قانوني في الولايات المتحدة، لكن الراغبين يمكنهم القيام بذلك عبر مواقع المراهنة الأجنبية، والتي يمكن للأمريكيين الوصول إليها في بعض الأحيان.
aXA6IDE4LjE4OC45Ni4xNyA= جزيرة ام اند امز