«الأثرياء المتخفون».. قصص ملهمة وطرق غير متوقعة لجني المليارات

يوفر قطاع التمويل ووادي السيليكون في الولايات المتحدة مسارات مهنية جذابة ومشهورة يمكن أن تؤدي إلى ثروات طائلة.
لكن ما يجهله الغالبية العظمى، أن عالما واسعا من الطرق التقليدية التي تشمل وظائف مملة تُركز على توفير السلع والخدمات أصبح محوريًا بشكل متزايد لتراكم ثروة طائلة، وإن كانت أقل إثارة للبعض، في الولايات المتحدة.
وشريحة الأثرياء الذين حققوا ثرواتهم من المشاريع التي وصفتها صحيفة وول ستريت جورنال بالمملة، تطلق عليهم الصحيفة اسم "الأثرياء المتخفون"، الذين يعملون في وظائف ويملكون مشاريع، لا توحي أبدا بما يمكن أن تدره من عائد مالي ضخم يصنع من صاحبها ثريا ذو ثروة طائلة.
وهذا ما قاله أوين زيدار، الخبير الاقتصادي بجامعة برينستون الذي درس هذه المجموعة من المشاريع ورواد الأعمال، مع الخبير الاقتصادي بجامعة شيكاغو إريك زويك.
ومن الأمثلة التي سلطت الصحيفة عليها الضوء، من رواد الأعمال الذين حققوا ثرواتهم من مشاريع مملة، أقل إثارة وأكثر بعدا عن الأضواء، رائد أعمال يدعى ديريك أولسون الذي نشأ في الولايات المتحدة، متمنيا إدارة مشروعه الخاص.
وبعد عقود، تحقق هذا الحلم وجعله ثريًا، ولكن ليس بالطريقة التي يمكن توقعها في الزمن الحاضر، حيث نجح أولسون في جمع ثروة طائلة من صناعة آلات تمزق أو تحطم الأرضيات، في المجمعات السكنية والمباني العامة مثل المدارس.
وقال أولسون، الرئيس التنفيذي لشركة "ناشيونال فلورينج إكويبمنت" والأب لطفلين، في تصريحاته للصحيفة "أن المباني التي تشهد أرضياتها تهالكا بشكل متكرر مثل المدارس الابتدائية، تحتاج إلى تجديد أرضياتها كل صيف تقريبًا، إنها صناعة متخصصة لا يعرفها أحد، والجميع بحاجة إليها".
وبعد سنوات من العمل وازدهار الطلب، يتوقع الآن أن تُحقق شركة ناشيونال، ومقرها مينيسوتا، إيرادات تُقارب 50 مليون دولار هذا العام، بعد شرائها مؤخرًا شركة تصنيع أسترالية.
ومن مظاهر الثراء التي تتمتع بها أسرة أولسون من أرباح شركته، أن عائلته تمتلك سيارتي لاند روفر، ويرتاد أبناؤه مدرسة خاصة للأطفال، وتقضي أسرته عطلة صيفية أوروبية لمدة شهر في كل عام.
نموذج الأعمال الفريد
هذا النموذج يدل على انتشاره بشكل كبير، ويدل على أنه لا يكمن أكبر مصدر دخل لنسبة (1%) من أصحاب الدخل الأعلى في الولايات المتحدة في العمل كشركاء في بنك استثماري أو إطلاق شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا، بل في امتلاك شركة إقليمية متوسطة الحجم.
والعديد من هذه الشركات نشاطها المهني ممل ولكن مربح للغاية، مثل وكالات السيارات، وموزعي المشروبات، ومحلات البقالة، وعيادات طب الأسنان، ومكاتب المحاماة، وفقًا لزيدار وزويك.
ويشير تحليلهما لبيانات ضريبية مجهولة المصدر من عام 2000 إلى عام 2022 إلى أن ملكية هذه الشركات تزداد أهميته للاقتصاد الأمريكي عاما بعد آخر.
فقد ارتفعت حصة الدخل التي تولدها الملكية لهذه الشركات إلى 34.9% في عام 2022، من 30.3% في عام 2014، من إجمالي دخل أصحاب الدخل الأعلى الذين يمثلون فئة الـ1% الأكثر ثراء.
وقد زادت هذه الحصة بشكل أكبر بين أعلى مستويات أصحاب الثروة الذين يمثلون نسبة 0.1%، وفي عام ٢٠٢٢، شكّلت ملكية هذه الأعمال التجارية 43.1% من دخل أعلى 0.1% من أصحاب الدخل الأعلى، مقارنةً بـ٣٧.٣% في عام ٢٠١٤.
ووفقًا لزيدار، كان الحد الأدنى للدخل في عام ٢٠٢٢ للتأهل لقائمة أعلى 0.1% من أصحاب الدخل الأعلى هو ٢.٣ مليون دولار سنويا.
وقال جريج فليمنج، الرئيس التنفيذي لشركة روكفلر كابيتال مانجمنت، التي تدير أو تدير أو تتداول أكثر من ١٥٠ مليار دولار لعملاء أثرياء، "ما زلتُ أتفاجأ أحيانًا من الأعمال التي يبنيها شخص ما والتي تتحول إلى مصدر ثروة للعائلة وتصبح جزءًا من الاقتصاد الأمريكي".
وخلال مسيرته المهنية التي امتدت ٣٧ عامًا، شهد فليمنج ثروات طائلة تُكوّنت من خلال مغاسل السيارات، وشركات الإضاءة المنزلية، وشركات توزيع قطع غيار الأجهزة الصناعية التي تحتاج إلى إصلاح.
وسّعت شركة روكفلر، التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، نطاقها ليشمل "مراكز الثروة الناشئة"، مثل غراند رابيدز بولاية ميشيغان، ووينتر بارك بولاية فلوريدا.
ويعزو زيدار وزويك نمو هذه المجموعة إلى التخفيضات الضريبية في العقود الأخيرة لأصحاب هذه الشركات، وانخفاض أسعار الفائدة التي عززت تقييمات الشركات.
وقد تضاعف عدد أصحاب هذه الشركات الذين تبلغ ثروتهم 10 ملايين دولار أو أكثر، بعد تعديل التضخم، بأكثر من الضعف منذ عام 2001، ليصل إلى 1.6 مليون رائد أعمال اعتباراً من عام 2022.