مالكوم إكس.. زعيم أمريكي غيّر الإسلام حياته (بروفايل)
تحل ذكرى وفاة الزعيم الأمريكي مالكوم إكس، الأربعاء، ورغم مرور 59 عاما على وفاته فإنه لا يزال حاضرا في الأذهان باعتباره نموذجا فريدا.
ولد مالكولم إكس، المعروف أيضا باسم " مالكوم ليتل" أو "الحاج مالك شباز"، يوم 19 مايو/أيار 1925 في ولاية نبراسكا الأمريكية لعائلة مسيحية تنتمي لعرق "السود"، وسرعان ما انتقل معها وهو رضيع إلى ولاية ميشيغان.
عندما كان مالكولم في السادسة من عمره توفي والده، إيرل ليتل، القس المعمداني والمؤيد السابق للزعيم القومي الأسود المبكر ماركوس غارفي، بعد أن صدمته عربة ترام.
تربى الصغير في أسرة فقيرة جدًا لدرجة أن والدة مالكولم، لويز ليتل، لجأت إلى طهي نباتات الهندباء الخضراء من الشارع لإطعام أطفالها.
وعندما بلغ عامه الـ14 حرم من والدته، لكن هذه المرة ليس بالوفاة وإنما بإدخالها مصحة للأمراض العقلية في عام 1939، لينتقل مالكوم وإخوته إلى إحدى دور الرعاية (الأحداث) في ميسون، ميشيغان.
كان مالكوم متفوقًا في المدرسة، ولكن بعد أن أخبره أحد معلميه في الصف الثامن بأنه يجب أن يصبح نجارًا بدلاً من محامٍ، فقد الاهتمام وسرعان ما أنهى تعليمه الرسمي.
ومع تخطي عمر الـ18 عاما، اضطر مالكوم للانتقال من دار الأحداث إلى قسم روكسبري في بوسطن ليعيش مع أخته غير الشقيقة، إيلا، من زواج والده الأول.
اعتناق مالكولم إكس الإسلام
في بوسطن، انخرط الشاب المتمرد في أنشطة إجرامية صغيرة ثم تطور ليصبح محتالًا في الشوارع، وتاجر مخدرات، وزعيم عصابة من اللصوص في روكسبري وهارلم في مدينة نيويورك.
وبسبب أنشطته الإجرامية قضى 6 سنوات من عمره في السجن بتهمة السرقة، تحديدا من عام 1946 إلى عام 1952، وخلال تلك الفترة الصعبة تغيرت أفكار مالكوم جذريا، وقرر تغيير دينه والانتماء لحركة إسلامية.
التغيير الفعلي للشاب بدأ في عام 1948، عندما أقلع مالكوم عن التدخين والمقامرة ورفض أكل لحم الخنزير، فضلا عن قضائه ساعات طويلة في قراءة الكتب في مكتبة السجن وصقل مهاراته في الطب الشرعي من خلال المشاركة في دروس المناظرة.
التغيير الجذري الذي أجراه الشاب المتمرد جاء بعد انضمامه إلى "أمة الإسلام"، وهي حركة أمريكية من أصل أفريقي جمعت بين عناصر الإسلام والقومية السوداء.
ووفقًا لتقاليدها، استبدل مالكوم لقبه "ليتل" بعلامة "X"، وهي عادة بين أتباع "أمة الإسلام" الذين اعتبروا أن أسماء عائلاتهم قد نشأت من مالكي العبيد البيض.
وبعد إطلاق سراحه من السجن، انخرط الشاب في أعمال الحركة وتدرج حتى بات مشاركا في قيادة "أمة الإسلام" خلال فترة نموها واتساع نفوذها.
وفي عام 1952، التقى مالكوم مع إيليا محمد في شيكاغو، وهو أحد أهم أضلاع الحركة، وانخرطا سويا في توسيع رقعة المنضمين لـ"أمة الإسلام" وبناء مقرات ومعابد لها في نيويورك وفيلادلفيا وبوسطن وفي مدن الجنوب.
وبفضل مالكوم خرجت صحيفة الأمة للنور بعدما طبعها في قبو منزله، واعترافًا بموهبته وقدرته عين الممثل الوطني لأمة الإسلام، في المرتبة الثانية بعد إيليا محمد نفسه وقتها.
وتحت قيادة مالكوم، بلغ عدد أعضاء حزب الأمة 500 ألف عضو، إذ كان متحدثًا عامًا فصيحًا، وشخصية كاريزمية، ومنظمًا لا يعرف الكلل، ونجح في التعبير عن الغضب المكبوت والإحباط والمرارة لدى الأمريكيين من أصل أفريقي خلال المرحلة الرئيسية من حركة الحقوق المدنية بالولايات المتحدة من عام 1955 إلى عام 1965.
وخلال تلك الفترة، ألقى الوعظ في شوارع الولايات المتحدة، وتحدث في جامعات كبرى مثل هارفارد وأكسفورد، وتحدى مفاهيم مارتن لوثر كينغ الأساسية حول التكامل واللاعنف، وحث أتباعه على الدفاع عن أنفسهم "بأي وسيلة ضرورية".
ومن خلال تأثير أمة الإسلام، ساعد مالكوم إكس في تغيير المصطلحات المستخدمة للإشارة إلى الأمريكيين من أصل أفريقي من "الزنوج" و"الملونين" إلى "السود" و"الأمريكيين من أصل أفريقي".
مالكوم إكس والإسلام السني
لكن وهج مالكوم لم يستمر طويلا، ففي عام 1963 كانت هناك توترات عميقة بينه وبين إيليا محمد حول الاتجاه السياسي للحركة، ومع الوقت تدهورت العلاقة بينهما خصوصا بعد رفع دعاوى "أبوة" ضد إيليا.
ومع اغتيال جون كينيدي آنذاك أعاد الشاب الناجح حساباته وغادر الحركة في مارس/آذار 1964 ، وفي الشهر التالي أسس شركة المسجد الإسلامي.
وأثناء حجه إلى مكة في نفس العام، شهد تحولًا ثانيًا واعتنق الإسلام السني، متخذًا الاسم الإسلامي الحاج مالك الشباز، وتخلى عن المعتقدات الانفصالية لحركة "أمة الإسلام".
وفي الزيارة الثانية من زيارتين إلى أفريقيا في عام 1964، ألقى كلمة أمام منظمة الوحدة الأفريقية (المعروفة باسم الاتحاد الأفريقي منذ عام 2002).
وفي عام 1965، أسس منظمة الوحدة الأفريقية الأمريكية كوسيلة علمانية لتدويل محنة الأمريكيين السود ولإقامة قضية مشتركة مع شعوب العالم النامي، للانتقال من الحقوق المدنية إلى حقوق الإنسان.
وأدى العداء المتزايد بين مالكولم و"الأمة" إلى تهديدات بالقتل وأعمال عنف مفتوحة ضده، وفي 21 فبراير/شباط 1965، اغتيل مالكوم أثناء إلقائه محاضرة في قاعة أودوبون في واشنطن.
وتم اعتقال 3 من أعضاء حركة أمة الإسلام، وأثناء المحاكمة اعترف أحد المشتبه بهم وهو تالمادج هاير (المعروف فيما بعد باسم مجاهد عبد الحليم)، لكنه ادعى أن المتهمين الآخرين وهما نورمان 3 إكس بتلر (محمد عزيز) وتوماس 15 إكس جونسون (خليل إسلام) كانا غير متورطين.
وعلى الرغم من شهادته أدين الرجال الثلاثة بجريمة القتل، واستمرت الشكوك حتى عام 2021 إذذ تمت تبرئة الرجلين الآخرين فعلا.
وفي المجمل، ساهمت أفكاره وخطبه في تطوير الأيديولوجية القومية السوداء وحركة القوة السوداء وساعد في نشر قيم الحكم الذاتي والاستقلال بين الأمريكيين الأفارقة في الستينيات والسبعينيات.
aXA6IDMuMTQyLjUzLjE1MSA= جزيرة ام اند امز