الانقلاب في مالي.. تحركات دولية على وقع أصوات الرصاص
الأنظار تتجه اليوم الأربعاء إلى مجلس الأمن الدولي حيث سيعقد جلسة طارئة لبحث آخر التطورات في مالي، وما يمكن أن تسفر عنه من قرارات.
شهدت دولة مالي الواقعة غربي أفريقيا، يوما عاصفا أمس الثلاثاء، بدأ بسماع دوي إطلاق نار بشكل مكثف خارج قاعدة عسكرية بالعاصمة باماكو، وانتهى بإعلان الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا "المحتجز" استقالته وإعلان تشكيل لجنة وطنية لإنقاذ الشعب.
ومنذ يونيو/حزيران الماضي، تواجه مالي، بؤرة التهديد المسلح في منطقة الساحل منذ عام 2012، أزمة اجتماعية وسياسية خطيرة، على وقع مظاهرات للمعارضة تطالب باستقالة رئيس البلاد إبراهيم أبوبكر كيتا، ومواجهة "الفساد" والتدهور الأمني، وإصلاحات حكومية.
وكانت حركة 5 يونيو المعارضة، أعلنت عن مظاهرات جديدة بلغت ذروتها باحتلال مكان رمزي وسط باماكو يومي الجمعة والسبت الماضيين.
ورفضت الحركة التي تضم تحالفا متنوعا بين سياسيين ورجال دين ومنظمات من المجتمع المدني، وسيط دول غرب أفريقيا، الرئيس النيجيري السابق جودلاك جوناثان، من أجل الاجتماع بكيتا، مشترطة إنهاء ما سمته "القمع" ضد ناشطيها.
البداية.. إطلاق نار بقاعدة كاتي
مع تصاعد الاحتجاجات في الشارع، شهدت قاعدة كاتي العسكرية بالقرب من باماكو عاصمة مالي ظهر أمس إطلاق نار مكثفا.
وأفاد شهود عيان بأن عسكريين غاضبين خرجوا من القاعدة وهم يطلقون النار بشكل هستيري، دون ذكر أسباب والتأكيد من جانب السلطات الرسمية بأنه ليس تمردا.
حالة الغموض والتوتر دفعت السفارة الفرنسية لإصدار تحذير في "تويتر" بضرورة البقاء بالمنزل، وهو ما أكد أن الأمر لا يتعدى كونه حالة غضب من عسكريين تجاه انهيار البلاد على كافة الأصعدة.
إعلان الانقلاب.. اعتقال الرئيس والوزراء
بعد ساعات من الغموض، أعلن ضباط بالجيش المالي، مساء الثلاثاء، اعتقال رئيس البلاد ورئيس وزرائه وعدد من الوزراء.
وسبق هذه الخطوة، تحرك جنود قاعدة كاتي العسكرية وإلقاء القبض على عدد من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين.
ولم يلتفت قادة الانقلاب إلى نداء رئيس الوزراء المالي بوبو سيسيه للعسكريين المعنيين بـ"إسكات السلاح"، وإبداء استعداده إجراء "حوارا أخويا بهدف تبديد أي سوء فهم".
وكانت مجموعة دول غرب أفريقيا (إيكواس) التي تلعب دور وساطة في مالي، أعلنت في بيان أنها تتابع بـ"قلق كبير "الوضع" مع تمرد في أجواء اجتماعية سياسية معقدة".
ودعت العسكريين الماليين "للعودة فورًا إلى ثكناتهم"، وأكدت رفضها الثابت لأي تغيير سياسي غير دستوري ودعت العسكريين إلى احترام النظام الجمهوري.
محاولة التقنين
عقب سيطرة مجموعة العسكريين على الوزارات واعتقال الرئيس المالي، بدأت اجتماعات لإنشاء مجلس عسكري يحكم البلاد لفترة محددة تفضي إلى تسليم السلطة لحكم يقوده المدنيون.
وبحسب مصادر لـ"العين الإخبارية"، فقد "تم تداول أسماء عسكريين لقيادة هذا المجلس العسكري يتصدرهم الجنرال ديم بلي، وهو أحد القادة البارزين بجيش مالي إلى جانب قائد آخر هو العقيد آماديو ديالي قائد كتبية (كاتي) الموجودة على مشارف العاصمة بامكو والتي نفذت عملية الانقلاب ويُعتقل بمقرها الرئيس ووزراؤه".
وهناك قائد عسكري ثالث هو ساديو كامرا وهو ضابط مالي عائد حديثا من تدريب عسكري في روسيا الاتحادية.
رفض إقليمي ودولي
عقب تأكيد أخبار الانقلاب في مالي، توالت ردود الأفغال الرافضة لهذا التحرك العسكري في الأزمة السياسية، وطالبت بضرورة الإفراج عن الرئيس والوزراء.
فقد أدانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) إطاحة "عسكريين انقلابيين" في مالي بالرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا، مطالبة بالإفراج فوراً عن الرئيس ورئيس وزرائه، ومتوعّدة إياهم بسلسلة إجراءات بما فيها عقوبات مالية.
وقالت إيكواس، التي تضم 15 دولة، في بيان إنّها قرّرت تعليق عضوية مالي في هيئاتها التقريرية، وإنّ أعضاءها سيغلقون حدودهم البرية والجوية مع هذا البلد، ويطلبون فرض عقوبات على الانقلابيين الذي أطاحوا الثلاثاء بالرئيس وحكومته.
بدورها أعلنت الرئاسية النيجيرية لإيكواس أنّ قادة دول المجموعة سيعقدون غدا الخميس قمة عبر الفيديو للبحث في "الوضع في مالي".
من جانبه، طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، بالإفراج الفوري وغير المشروط عن رئيس مالي المعتقل إبراهيم أبوبكر كيتا.
كما أعلن مجلس الأمن الدولي عقد اجتماع طارئ، اليوم الأربعاء، لمناقشة التطورات في مالي عقب الانقلاب العسكري، واعتقال رئيس البلاد إبراهيم أبوبكر كيتا، ورئيس وزرائه، بعد ساعات من تمرد جنود في قاعدة كاتي العسكرية خارج باماكو.
استقالة الرئيس وتشكيل لجنة إنقاذ
وتحت وطأة انقلاب السلاح، أعلن إبراهيم أبوبكر كيتا استقالته، وحل البرلمان بعد ساعات من الانقلاب عليه، وقيام جنود باحتجازه مع كبار مسؤولي حكومته.
وقال كيتا في خطاب مقتضب نقله التلفزيون الرسمي في وقت مبكر من صباح الأربعاء: "لا أريد إراقة دماء من أجل بقائي في السلطة".
وعقب استقالة الرئيس المالي، أعلن العسكريون المتمردون الذين استولوا على الحكم، تشكيل "لجنة وطنية لإنقاذ الشعب"، مؤكدين احترامهم لكل الاتفاقات الدولية.
ودعا الضباط، بعد إعلان الرئيس المالي، الأربعاء، إلى انتقال سياسي مدني يؤدي إلى انتخابات عامة خلال "مهلة معقولة".
وقال الناطق باسم العسكريين الكولونيل إسماعيل واغي مساعد رئيس أركان سلاح الجو، في كلمة عبر التلفزيون الحكومي: "نحن، قواتنا الوطنية المجتمعة داخل اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب، قررنا تحمل مسؤولياتنا أمام الشعب وأمام التاريخ".
وتتجه الأنظار اليوم الأربعاء إلى مجلس الأمن الدولي حيث سيعقد جلسة طارئة لبحث آخر التطورات في مالي، وما يمكن أن تسفر عنه من قرارات تحركات إقليمية ودولية متوقع لمواجهة هذا التحرك العسكري في الدولة الأفريقية التي تعاني على كافة الأصعدة.