4 انقلابات عسكرية في مالي.. فقر يتوسع وإرهاب يتمدد
مالي واحدة من أكثر الدول الأفريقية "بؤرة للجماعات الإرهابية والجريمة المنظمة بكل أنواعها من تجارة المخدرات والأسلحة إلى الاتجار بالبشر"
شهدت دولة مالي، الثلاثاء، انقلاباً عسكرياً قاده ضباط في الجيش على حكم إبراهيم أبو بكر كايتا الذي بات معتقلاً لديهم مع رئيس وزرائه ووزيري الخارجية والمالية.
وكشفت مصادر أمنية مالية لـ"العين الإخبارية" عن تمكن المتمردين من السيطرة على عدد من الوزارات والمقار الحكومية، بالإضافة إلى اعتقال رئيس البلاد أبو بكر كايتا ورئيس وزرائه سوميلو بوبى مايجا.
وأعلن ضباط بالجيش المالي، مساء الثلاثاء، اعتقال رئيس البلاد إبراهيم أبو بكر كيتا، ورئيس وزرائه.
جاء ذلك بعد ساعات من تمرد جنود في قاعدة كاتي العسكرية خارج باماكو، وإلقاء القبض على عدد من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين.
وكشفت وسائل إعلام أن العقيد آمادو ديالو يقود التحركات العسكرية في مالي.
وشهدت دولة مالي عبر تاريخها 4 انقلابات عسكرية وعدة اضطرابات أمنية وعملية تمرد في شمالها قادها الطوارق في تسعينيات القرن الماضي.
وتحول البلاد إلى واحدة من أكثر الدول الأفريقية "بؤرة للجماعات الإرهابية، وكذا الجريمة المنظمة بكل أنواعها من تجارة المخدرات والأسلحة إلى الاتجار بالبشر"، وسط صراعات على الزعامة أيضا بين تنظيمي داعش والقاعدة الإرهابيين على أراضيها.
ومنذ استقلاله عن فرنسا في 22 سبتمبر/أيلول 1960، لم يتمكن هذا البلد الأفريقي الذي يقع في منطقة الساحل من تحقيق الاستقرار والأمن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، رغم الثروات الطبيعية الهائلة التي يمتلكها، نتيجة ما يقول المراقبون "وقوعها ضحية صراعات نفوذ دولية وأخرى تتعلق بالصراع على الحكم".
وفي هذا التقرير، تستعرض "العين الإخبارية" تاريخ الانقلابات العسكرية التي شهدتها دولة مالي منذ استقلالها قبل 60 عاماً.
الانقلاب الأول
أول انقلاب كان في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1968، أطاح بحكم أول رئيس للبلاد وهو موديبو كايتا من قبل الجنرال موسى تراوري.
وتمكن كايتا من حكم مالي بقبضة عسكرية طوال 8 سنوات مستغلا غياب مؤسسات الدولة عقب الاستقلال، شكل خلالها "مجلساً عسكرياً للتحرير الوطني" أوكلت له مهمة قيادة البلاد.
بقي بموديبو كايتا في سجنه 9 سنوات حتى وفاته عام 1977، وخلال تلك الفترة شكل موسى تراوري "جنرال مالي القوي" آنذاك "لجنة عسكرية" جمع فيها منصب رئيسي الدولة والحكومة.
الانقلاب الثاني
وكان موسى تراوري أطول رؤساء مالي حكماً بـ23 عاماً، قبل أن يطيح به الجيش عقب انتفاضة شعبية على الأوضاع الاقتصادية، في مشهد يبدو مماثلاً لآخر انقلاب أنهى حكم الرئيس أبو بكر كايتا.
وسجلت مالي ثاني انقلاب عسكري في تاريخها الحديث قاده الجنرال أمادو توماني توري في 26 مارس/آذار 1991.
وشكل توماني توري مجلساً عسكرياً مؤقتاً لإدارة البلاد لفترة انتقالية، قاد خلاله البلاد إلى اجماع وطني حول أول دستور يكرس التعددية الحزبية والنظام الرئاسي، وأول انتخابات رئاسية تعددية في تاريخها.
وبات ألفا عمر كوناري أول رئيس مالي ينتخب ديمقراطياً في 8 يوليو/حزيران 1992 لفترتين رئاسيتين، ويتسلم السلطة من المجلس العسكري بقيادة الجنرال أمادو توماني توري ويقرر التقاعد من الجيش.
وتابع خلالها كوناكري رئيس البلاد الأسبق موسى ترواري قضائياً بتهم "جرائم قتل معارضين ومدنيين وأخرى تتعلق بالفساد".
وصدر ضده حكمان، الأول كان عام 1993 بالإعدام شنقاً مع زوجته قبل أن يتم تجميده، والثاني في 1999 في جرائم اقتصادية، ليصدر عفو رئاسي عنه عام 2002.
الانقلاب الثالث
وشهدت فترة كوناكري استقراراً أمنياً نسبياً عكره تمرد طوارق شمالي البلاد، وكان الرئيس الوحيد "الذي لم ينقلب عليه الجيش"، حتى سلم السلطة "لمن سلمه السلطة عام 1992".
وعاد الجنرال أمادو توماني توري إلى الحياة السياسية بعد ترشحه للانتخابات الرئاسية التي فاز بها من الدور الثاني في مايو/أيار 2002 نتيجة الشعبية الكبيرة التي كان يحظى بها.
ودام حكمه 10 سنوات كاملة، قبل أن يطيح به الجيش في ثالث انقلاب عسكري تشهده المستعمرة الفرنسية السابقة في 22 مارس/آذار 2012.
واتهم المتمردون الذين كانوا من الحرس الرئاسي الرئيس توماني توري بـ"الفشل في التصدي لتمرد الطوارق والجماعات الإرهابية المتمركزة في شمال البلاد".
وأعلن المتمردون حل جميع المؤسسات الدستورية وإغلاق كافة حدود البلاد، وعينوا النقيب أمادو سانوغو رئيساً لـ"اللجنة الوطنية لاستعادة الديمقراطية وإعمار الدولة" الكلفة بقيادة البلاد.
ورفض الماليون الانقلاب العسكري، واكتسحوا العاصمة باماكو في مظاهرات ضخمة مطالبة بإعادة نظام توري الديمقراطي، غير أن المجلس العسكري أصر على إبعاده عن الحكم.
الانقلاب الرابع
نظم المجلس العسكري الانتقالي انتخابات رئاسية جديدة، فاز فيها المرشح المدني إبراهيم أبو بكر كيايتا (75 عاماً) ليصبح سادس رئيس في تاريخ مالي قبل أن يطيح به الجيش في 18 أغسطس/آب.
وتواجه مالي، بؤرة التهديد المسلح في منطقة الساحل منذ عام 2012، أزمة اجتماعية وسياسية خطيرة، على وقع مظاهرات للمعارضة تطالب باستقالة رئيس البلاد إبراهيم أبوبكر كيتا، ومواجهة "الفساد" والتدهور الأمني، وإصلاحات حكومية.
وجاء حادث القاعدة العسكرية غداة إعلان المعارضة بقيادة حركة 5 يونيو، عن مظاهرات جديدة هذا الأسبوع، بلغت ذروتها باحتلال مكان رمزي وسط باماكو يومي الجمعة والسبت الماضيين.
وحركة 5 يونيو، التي تقود حاليا أهم المظاهرات المناهضة للسلطة منذ انقلاب عام 2012، تضم تحالفا بين سياسيين ورجال دين ومنظمات من المجتمع المدني.