بريطانيا تتخلى عن سلاحها الفعال ضد الإرهاب.. كلاب المالينو إلى التقاعد

في شوارع لندن التي تعج بالضجيج والتهديدات الكامنة، كانت هناك قوة صامتة تسبق الرصاص وتوقف الخطر قبل أن ينفجر.
كلاب «المالينو»، وحوش أنيقة بذكاء خارق، لم تكن مجرد جزء من وحدة مكافحة الإرهاب، بل هي شريك في الترسانة البريطانية، أُنقذت بها أرواح، وحُيّدت بها مخاطر، دون أن يُسحب الزناد.
لكن في لحظة وصفت بـ«الصعبة»، اختارت «سكوتلاند يارد» أن تطوي هذا الفصل، وتُقصي سلاحها الذي لا ينبح عبثًا، فجاء قرار «التقاعد القسري» على وقع عجزٍ مالي ثقيل.
تفاصيل القصة:
كشفت صحيفة «تليغراف» أن جهاز الشرطة البريطانية (سكوتلاند يارد) قرر التخلص من كلاب الهجوم النخبة التي تم تدريبها على القضاء على الإرهابيين.
كانت كلاب المالينو البلجيكية، التي تم تقديمها في عام 2016، جزءًا رئيسيًا من وحدة ضباط الأسلحة النارية المتخصصين في مكافحة الإرهاب (CTSFO) التابعة لشرطة العاصمة.
ونشرت السلطات الكلاب المدربة تدريباً عالياً في عشرات العمليات المسلحة، ويُنسب إليها المساعدة في اعتقال عدد كبير من المجرمين الخطرين والمشتبه بهم في الإرهاب، دون الحاجة إلى ضباط لإطلاق أسلحتهم.
وعلى عكس كلاب الشرطة العامة، فإن الكلاب التي تحمل اسم «كلاب إدارة الصراعات" (CMD)، مدربة على العض وشل حركة الهدف حتى لو توقف عن الفرار.
ويمكن تدريب هذه السلالة على تجاهل الأصوات العالية مثل إطلاق النار والانفجارات، وتستخدمها وحدات القوات الخاصة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك القوات الخاصة البريطانية وقوات البحرية الأمريكية.
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإنه جرى تدريب هذه الكلاب على القفز بالمظلات من الطائرات المروحية إلى ساحات القتال.
واشترت شرطة العاصمة في البداية كلبين وقامت بتدريبهما، لكنها ضاعفت الوحدة في عام 2018 وسط مخاوف متزايدة بشأن احتمال أن تصبح بريطانيا هدفًا لهجوم إرهابي.
تلك الحيوانات كانت مرتبطة بفريق النخبة التابع لشرطة العاصمة، والذي بالإضافة إلى الاستجابة للهجمات الإرهابية يتم نشره أيضًا في العمليات التي تقودها الاستخبارات مثل السرقات المسلحة.
ومنذ أن أصبحت الكلاب جاهزة للعمل، لم يشارك ضباط مكافحة الإرهاب في إطلاق نار مميت واحد.
ماذا نعرف عن كلاب المالينو؟
تتميز هذه السلالة برشاقتها وذكائها العالي وولائها لأصحابها.
لكن بعد خضوعها لتدريب مكثف مع شرطة العاصمة، لم تعد الحيوانات قادرة على الإقامة مع مدربيها، واضطرت للعيش في بيوت خاصة في مقر الشرطة السرية في لندن.
وتقدر تكاليف تدريب الكلاب ورعايتها بمئات الآلاف من الجنيهات الإسترلينية سنويا، ومع اضطرار شرطة العاصمة إلى سد فجوة مالية قدرها 260 مليون جنيه استرليني، اتخذ كبار الشخصيات القرار الصعب بالتخلص منهم.
وقال مصدر مطلع على الوحدة إن هذه الحيوانات تستحق وزنها ذهباً بسبب قدرتها على تحييد الأهداف المعادية بسرعة وتشتيت المواقف الخطيرة.
المصدر أضاف: «لقد كانت كلاب مكافحة الإرهاب أداةً قيّمةً في ترسانة مكتب مكافحة الإرهاب. إنها فعّالةٌ للغاية، ومنذ استخدامها لم يُسجَّل أي إطلاق نار على أي مشتبه به».
وتابع أن رؤيتهم وهم يقاتلون أمرٌ رائعٌ حقًا. قد تجد مجرمًا مسلحًا طليقًا، لكن عندما يواجه أحد هذه الكلاب وجهًا لوجه، يُثير الدهشة مدى سرعة انقباضه وامتثاله. إنهم وحوشٌ ضخمة. عضتهم أشدّ من نباحهم، وذكاؤهم ورشاقتهم لا مثيل لهما.
وأضاف مصدر آخر من داخل الشرطة: «هذه الكلاب هي خيار أقل فتكًا من استخدام الأسلحة النارية».
ورغم أن هناك العديد من أساليب مكافحة الإرهاب الأخرى الأكثر كُلفة، والتي طورتها شرطة العاصمة، إلا أنها لم تُستخدم قط، كون هذه الكلاب تُستخدم يوميًا، وقد منعت عددًا لا يُحصى من المواجهات القاتلة، حتى إن استخدام الصاعق الكهربائي انخفض بشكل كبير، بحسب «التلغراف».
أزمة تمويلية
يأتي قرار التخلص من الكلاب وسط أزمة تمويلية في شرطة سكوتلاند يارد، التي تحاول سد العجز في ميزانيتها البالغ 260 مليون جنيه إسترليني.
وبالإضافة إلى تقليص أعداد الضباط، اضطرت القوة إلى اتخاذ خيارات صعبة في مجالات أخرى، بما في ذلك خفض أعداد ضباط المدارس وإلغاء فريق الحدائق الملكية.
أنشأ السير مارك رولي، مفوض شرطة العاصمة، لجنة من كبار الضباط، والمعروفة باسم "غرفة المحرك"، والذين تم تكليفهم باتخاذ خيارات الميزانية الصعبة بشأن المجالات التي سيتم إلغاؤها.
وقال متحدث باسم شرطة العاصمة: "نحن نعطي الأولوية للموارد وننشر المزيد من الضباط في أكثر مناطق لندن ازدحامًا للتركيز على أولويات الشرطة الأساسية وحماية الجمهور ومعالجة المناطق ذات معدلات الجريمة المرتفعة.
ورغم المتطلبات الخاصة للكلاب، أصر متحدث باسم شرطة العاصمة على أنه سيتم بذل الجهود لإعادة نشر الحيوانات أو إعادة توطينها بمجرد سحبها من العمليات.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTAg جزيرة ام اند امز