مانشيني "القياسي".. مهندس عودة إيطاليا لأحضان الكبار
صنع روبرتو مانشيني، مدرب منتخب إيطاليا، الحدث ونجح في مهمته التاريخية بإعادة بناء فريق جديد لـ"الآزوري" يعيده لمصاف الكبار.
وقبل خوض نهائي "يورو 2020" كتب مانشيني تاريخا خاصا له كمدرب للآزوري، خلال 3 سنوات ماضية، حقق خلالها رقما قياسيا وطنيا بخوض 33 مباراة دون هزيمة، ليتخطى رقم فيتوريو بوتزو الفائز بكأس العالم مرتين في الثلاثينات ومارتشيلو ليبي بطل كأس العالم 2006.
وكان مانشيني تسلم مهمة تدريب المنتخب الإيطالي في مايو/ أيار 2018، عقب الفشل المهين في التأهل لكأس العالم 2018 في روسيا، وهي الفضيحة التي تسببت في رحيل المدرب جيان بييرو فينتورا ورئيس الاتحاد الإيطالي كارلو تافيكيو وأثارت غضبا شعبيا.
وكان الآزوري يعيش وقتها واحدة من أحلاك فتراته، ابتعد خلالها عن مصاف الكبار، مما أثار قلقا شديدا بين جماهيره بشأن مستقبل الفريق الذي كان من القوى العظمى في اللعبة، لكن مانشيني تولى المهمة، وسار ببطء لكن بخطوات ثابتة ليلملم شتات الفريق ويبنى تشكيلة جديدة تنبض بالحياة.
فلسفة مانشيني
تضمنت أفكار المدرب صاحب الـ56 عاما إكساب عقلية ايجابية ومنتجة للاعبين، أرفقها ببراعة خططية، مع الاعتماد على جيل شاب.
ولم تكن النتائج فورية، ففي أول 6 مباريات حقق مانشيني فوزا واحدا مع إيطاليا في مباراة ودية أمام السعودية، لكن المبادئ التي رسخها كانت واضحة، والهزيمة أمام البرتغال 1-صفر في دوري الأمم الأوروبية في سبتمبر/ أيلول 2018 كانت الأخيرة له.
ورغم وصوله إلى نهائيات يورو 2020 محققا 10 انتصارات متتالية في التصفيات، ليكون المنتخب الوحيد الذي حقق ذلك في تلك النسخة، كانت هناك شكوك في مدى قدرة فريق مانشيني على الصمود في بطولة كبرى بتشكيلة تفتقر للخبرة مع وجود 7 لاعبين فقط شاركوا في يورو 2016.
لكن خلال مشوار البطولة أظهرت إيطاليا قدرتها على الاستمرار في اللعب بطريقتها بغض النظر عن الإصابات والتغييرات، واعتمد مانشيني فلسفته الخاصة القائمة على إبعاد الضغوط عن اللاعبين لإخراج أفضل ما لديهم.
وقال مانشيني قبل المباراة الافتتاحية أمام تركيا "أعتقد أنه بعد كل ما اجتزناه حان الوقت الآن لإعادة الابتسامة للوجوه، وهذا سيكون هدفنا هذا الشهر، ونريد أن تستمتع الجماهير".
وبعد بلوغ النهائي رفض مانشيني الثناء على إنجازه، وقال إنه لم يفعل شيئا حتى الآن رغم سلسلته القياسية، موضحا "بوتزو فاز بألقاب، وهذا أكثر أهمية".
ومانشيني ليس مخطئا لكنه الآن على بعد خطوة من الانضمام إلى بوتزو وليبي في زمرة أساطير المدربين الإيطاليين بقيادة بلاده لأول لقب ببطولة أوروبا منذ 1968، وهو الانجاز الذي سيصبح بارزا بالنظر إلى حالة المنتخب عندما تولى مانشيني المنصب.
وبغض النظر عما سيحدث في ويمبلي مساء الأحد، فقد اكتملت مهمة مانشيني، ووقعت جماهير إيطاليا في عشق فريقه الذي أبهر وأمتع المشاهدين، لكنه سيكشر عن أنيابه من أجل معركة أخيرة.
ولم يتضمن الفريق نجما لامعا، لذا لعب مانشيني هذا الدور، ووصفته صحيفة كوريري ديلا سيرا بأنه "كابتن مانشيني" فيما منحته كوريري ديلو سبورت لقب "أستاذ إيطاليا".
وقال أريجو ساكي، المدرب الأسطوري السابق لإيطاليا: "يقوم مانشيني بعمل مذهل وبدونه لم يكن ليلعب الفريق بهذه الطريقة"، متابعا: "خلال وقت قصير تمكن من تقديم كرة حديثة، وأتمنى أن يسير المدربون الإيطاليون على نفس النهج".
أحيا مانشيني منتخب بلاده ورسم ابتسامات على الوجوه وغير تصورات عن الكرة الإيطالية وبصمته باتت بارزة، حيث حطم الأفكار التقليدية عن إيطاليا الدفاعية والمملة، لكن التتويج بلقب سيجعل إرثه يعيش للأبد.
وفي وجود 9 لاعبين يبلغ كل منهم 24 عاما أو أقل ويلعب العديد منهم في التشكيلة الأساسية بانتظام، بات هناك إيمان يسود بأن هذه بداية قصة مميزة لجيل تاريخي جديد لإيطاليا، مع مدرب مميز، وليس نجاحا عابرا سينتهي في وقت قريب.
aXA6IDE4LjE4OC42My43MSA=
جزيرة ام اند امز