ألمانيا تتسلم أول شحنة غاز أمريكية.. هل استفادت واشنطن من الأزمة؟

وصلت أول شحنة غاز أمريكية إلى ألمانيا، الثلاثاء، في إطار جهود مساعدة برلين على استبدال إمدادات الطاقة التي كانت تتلقاها من روسيا.

ولم تسلم روسيا، التي كانت تزود ألمانيا بأكثر من نصف إمدادات الغاز الطبيعي، أي غاز لبرلين منذ نهاية أغسطس.

الناقلة الأمريكية "ماريا إنرجي" دخلت ميناء فيلهلمس هافن على بحر الشمال، حيث سيتم تحويل شحنتها من الغاز الطبيعي المسال مرة أخرى إلى غاز في محطة عائمة خاصة، قام المستشار الألماني أولاف شولتس بافتتاحها الشهر الماضي.

كانت ألمانيا قد سارعت بالبحث عن بدائل وحلول لإمدادات الغاز الروسية بعد أزمة الحرب الروسية الأوكرانية.

وتشكل منشأة فيلهلمس هافن واحدة من العديد من هذه المحطات التي تجري الاستعانة بها لتجنب نقص إمدادات الطاقة.

• الشتاء "يعاند" بوتين.. مخازن أوروبا ممتلئة بغاز رخيص
  

كما أعادت ألمانيا مؤقتا تفعيل محطات الطاقة القديمة التي تعمل بالنفط والفحم، ومددت عمر آخر ثلاث محطات للطاقة النووية حتى منتصف أبريل/نيسان.

وقال نشطاء حماية البيئة إنهم يخططون للاحتجاج على وصول الناقلة ماريا إنرجي، رفضا لاستيراد ألمانيا الوقود الأحفوري، وخاصة الغاز.

وارتفعت الاحتياطيات في مرافق تخزين الغاز في ألمانيا إلى أكثر من 90 % مستهل العام الجاري، حيث أدت درجات الحرارة الدافئة غير المعتادة في معظم أنحاء أوروبا الوسطى إلى تراجع الطلب على الغاز.

• حصاد عاصفة "الخراب" في أمريكا.. انهيار إنتاج الغاز الطبيعي
  

وحتى العام الماضي 2021 كان الغاز الروسي يسد سنويا أكثر من 40 % من استهلاك الاتحاد الأوربي.

وخلال عام 2021 أيضا بلغ حجم الصادرات من الغاز الروسي إلى دول الاتحاد الأوروبي نحو 155 مليار متر مكعب.

ولكن جاءت الحرب المستمرة في أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط 2022 لتقلص الاعتماد على الغاز الروسي بشكل متزايد، في وقت قرر فيه الاتحاد الأوروبي الاستغناء التدريجي عنه.

تراجع أسعار الغاز 

تراجعت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا مع بداية العام الجديد، بعد أن خفف الطقس المعتدل الطلب المتزايد على السوق، وانخفضت إلى أدنى مستوياتها منذ بدء الحرب في أوكرانيا. لكن هذه التغيّرات قد لا تنعكس بشكل مباشر على المستهلكين.

وانخفض سعر الجملة للغاز الطبيعي في أوروبا أمس الإثنين (2 يناير/كانون الثاني 2023) لأدنى مستوى له منذ بداية الحرب في أوكرانيا، وبات أرخص مما كان عليه في أغسطس/آب بخمس مرات تقريبًا، على خلفية شتاء دافئ نسبيًا يسمح بتوفير المخزون.

وبعد عام من التقلبات الشديدة، مع بلوغ تكاليف الطاقة مستويات مرتفعة قياسية، في خضم الحرب الروسية في أوكرانيا، بدأت السوق عام 2023 بضغوط أقل حدة. وتراجعت أسعار الغاز بحوالي 47% في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعدما نجحت أوروبا في إحلال التدفقات الروسية التي تم تحجيمها، بإمدادات من الغاز الطبيعي المسال.

وانخفضت عقود "تي تي اف" الهولندي، المؤشر المرجعي للغاز الطبيعي في أوروبا بنسبة 4,67 بالمئة لتسجل 72,75 يورو للميجاوات ساعة للشحنات التي تُسلَّم في فبراير/شباط، صباح أمس الإثنين، وهو السعر الأدنى منذ 21 فبراير/شباط.

وانخفض سعر الغاز تسليم الشهر المقبل بنحو 50 % في غضون شهر واحد، وتراجع إلى حد كبير من الذروة التي بلغها في الصيف، حيث سجل في أغسطس/ آب 2022، 342 يورو لكل ميجاوات ساعة.

 أسعار الكهرباء في أوروبا 

 أدى الطقس المعتدل والرياح القوية في أوروبا في بداية العام الجديد إلى تراجع الضغوط على شبكات الكهرباء في المنطقة، مما دفع أسعار بعض عقود الكهرباء إلى أقل من صفر.

وأشارت وكالة بلومبرج للأنباء إلى أن سعر الكهرباء وصل في بعض الساعات في العديد من الدول من فرنسا إلى أسبانيا وشمال أوروبا، لأقل من صفر ما يعني أن شركات المرافق تقدم الكهرباء بدون مقابل.

وأضافت الوكالة أن سعر الكهرباء في ألمانيا تسليم الغد تراجع بأكثر من 60% مع وصول إنتاج طاقة الرياح في البلاد إلى مستوى قياسي جديد بلغ حوالي 50 جيجاوات، أي حوالي ربع إجمالي إنتاج الكهرباء في ألمانيا.

كما ساعد تحسن درجات الحرارة في بعض الدول وتراجع طلب قطاع الصناعة على الكهرباء بسبب موسم عطلة رأس السنة وعيد الميلاد إلى تراجع الضغوط على شبكات الكهرباء الأوروبية. ورغم أن تراجع الأسعار يمكن أن يكون مؤقتا، فإنه يعد نبأ جيدا بالنسبة للمصانع والمنازل التي تكافح لمواجهة فواتير الكهرباء القياسية وارتفاع معدل التضخم.

وقالت آنا باريلاس رئيسة قطاع منطقة آيببريا في مؤسسة "أورورا إنيرجي ريسرش" إنه من المتوقع استمرار تراجع أسعار الكهرباء بفضل نمو إنتاج الطاقة المتجددة، ولكن في ظل غياب محطات توليد الكهرباء النظيفة، من المنتظر استمرار تذبذب الأسعار خلال السنوات المقبلة عندما لا تكون الرياح قوية ولا الشمس ساطعة مما يعني انخفاض إنتاج محطات طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

وبلغ سعر الكهرباء في إسبانيا خلال أغلب ساعات أول كانون الثاني/يناير الحالي صفر يورو لكل ميجاوات، في حين كان السعر أقل من الصفر، أي أن الشركات تدفع للعملاء أموالا مقابل شراء الكهرباء في فرنسا وألمانيا.

وفي ألمانيا تراجع سعر الكهرباء تسليم الشهر المقبل بنسبة 6% إلى 60ر182 يورو لكل ميجاوات خلال تعاملات اليوم الثلاثاء.