«يوم الشهيد» الإماراتي.. «وسام فخر» ومستقبل وطن
ذكرى وفاء، ووسام فخر وعزة لشعب الإمارات، ورسالة وفاء لشهداء قدموا أرواحهم فداءً للوطن حفاظا على أمنه وكرامته.
هذا هو «يوم الشهيد»، الذكرى التي تحييها، الخميس، دولة الإمارات وهي تستذكر بفخر وامتنان تضحيات وبطولات شهدائها الأبرار ممن ضحوا بأرواحهم الطاهرة لرفع راية وطنهم.
تضحيات وبطولات قدمها شهداء الإمارات دفاعاً عن الحق ودعماً للأمن والاستقرار والسلام، ليخلدوا اسم بلادهم بأحرف من نور في تاريخ الإنسانية كدولة رائدة في نشر السلام ودعم الاستقرار في العالم.
وتحيي الإمارات «يوم الشهيد» الذي يوافق 30 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام، في ذكرى تشكل ملحمة فخر واعتزاز وامتنان لتضحيات الشهداء الأبطال.
رسائل مهمة
ملحمة ترسل عبرها دولة الإمارات رسائل لأسر الشهداء وذويهم مفادها بأن "رعايتهم ستظل أولوية على الدوام"، وللعالم أجمع بأن دولة الإمارات "كانت ولا تزال وستظل داعية سلامٍ وتعاونٍ" وفاء للقيم والمعاني التي يجسدها شهداؤها.
تلك الرسائل وجهها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، في كلمة بالمناسبة أكد خلالها أن "التضحيات التي قدمها شهداؤنا البواسل لأجل الوطن ستظل مصدر إلهام للأجيال بعد الأجيال، وأوسمة عز وشرف على صدر كل إماراتي وإماراتية أبد الدهر."
ووجه رسالة لأبناء الإمارات، قائلا :"لقد جاد الشهداء الأبرار بأرواحهم الطاهرة للدفاع عن دولة الإمارات وشعبها وقيمها وسيادتها، وحقهم علينا تخليد أسمائهم وذكراهم والوفاء للقيم والمعاني التي يجسدونها من خلال مضاعفة الجهد والعمل لتبقى راية بلادنا عالية خفاقة في السماء، كما أرادها الشهداء وسالت دماؤهم الزكية دفاعاً عنها".
وفي رسالة تعبر عن قيم الوفاء والنبل والأصالة، خص الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ذوي الشهداء برسالة خاصة، قال فيها إنه "في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، نعبر عن أصدق مشاعر الشكر والامتنان لأسر الشهداء وذويهم، ونقدر تضحياتهم وحبهم لوطنهم".
وأضاف: "نؤكد أن رعايتهم ستظل أولوية لنا على الدوام، لأن ما قدمه أبناؤهم للوطن ترك في أعناقنا ديناً نعمل على الوفاء به ما حيينا".
ووجه رئيس دولة الإمارات رسالة للعالم أجمع قائلا :"إننا اليوم ونحن نحيي ذكرى الشهداء الأبطال، نؤكد أنهم ضحوا بأرواحهم دفاعاً عن الحق ودعماً للأمن والاستقرار والسلام".
وتابع "دولة الإمارات كانت ولا تزال وستظل داعية سلامٍ وتعاونٍ لأنها تؤمن بأن هذا هو السبيل لتحقيق مصالح الشعوب، في كل أنحاء العالم والاستجابة لتطلعاتها في التنمية والازدهار."
أول شهيد
ويتزامن "يوم الشهيد" مع ذكرى صعود روح الشهيد سالم بن سهيل بن خميس إلى بارئها، ليسجل اسمه في التاريخ كأول شهيد إماراتي، في مثل هذا اليوم من عام 1971 قبل أيام من إعلان تأسيس دولة الإمارات.
واسُتشهد سالم على يد القوات الإيرانية عندما هاجمت جزيرة طنب الكبرى بينما كان يؤدي واجب الحراسة في مركز شرطة الجزيرة التي تتبع إمارة رأس الخيمة.
توقيت هام
وتحل المناسبة هذا العام في وقت تمضي فيه الإمارات قدما على أكثر من صعيد، وبشكل متواز ومتزامن، في دبلوماسيتها الحكيمة الساعية لنشر السلام وتعزيز الأمن والسلم في مختلف أرجاء العالم.
مسارٌ تؤكد عبره الدولة أن تضحيات شهدائها لم تذهب سدى، بل أضحت منارة تستلهم منها الأجيال على مر الزمان معنى الفداء والولاء للوطن وقيادته الرشيدة والعمل دائما لرفعة الوطن في مختلف الميادين.
وتأتي المناسبة بالتزامن مع انطلاق قمة المناخ COP28 المعنية بمكافحة التغيرات المناخية التي تشكل مخاطر حقيقية على السلم والأمن الدوليين.
وضعٌ أدركته دولة الإمارات جيدًا، فشحذت هممها، ووضعت القضية على طاولة مجلس الأمن الدولي الذي ترأسته في يونيو/حزيران الماضي، وأدرجته ضمن أجندتها في الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28 التي تنطلق في مدينة إكسبو دبي، بالفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري إلى 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
كما تحل المناسبة في ظل استمرار عضوية الإمارات بمجلس الأمن الدولي على مدار عامي 2022-2023، وتواصل جهود الدولة لنشر الأمن والسلم الدوليين وتعزيز التسامح، عبر مبادرات رائدة.
مبادرات كانت أحدثها اعتماد مجلس الأمن في يونيو/حزيران الماضي قراراً تاريخياً، اشتركت في صياغته كل من دولة الإمارات وبريطانيا، حول التسامح والسلام والأمن الدوليين، والذي يقر للمرة الأولى بأن خطاب الكراهية والتطرف يمكن أن يؤدي إلى تفشي هذا الداء وتصعيده، وتكرار النزاعات في العالم.
دبلوماسية حكيمة
ومع استمرار عضويتها في المجلس،الذي يعتبر أعلى هيئة دولية معنية بصون الأمن والسلم الدوليين، تواصل الإمارات جهودها كشريك بنّاء في المجتمع الدولي للتعامل مع التحديات الراهنة مثل الحفاظ على السلام، وتعزيز التسامح، والتغير المناخي، وإعطاء الأولوية للإغاثة الإنسانية، ولمعالجة الأزمات الصحية العالمية، والابتكار في التنمية.
جهود ستتواصل لترك بصمة إماراتية - عربية بارزة في إحدى أهم مؤسسات العمل الجماعي الدولي، في مرحلة من أصعب المراحل التي مرت بها البشرية عبر تاريخها، كما أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات في تصريحات سابقة له.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، تقوم دولة الإمارات بجهود بارزة للبحث عن حل للأزمة الأوكرانية، فيما تواصل جهودها للبحث عن حلول سلمية لأزمات منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها الأزمة السودانية والقضية الفلسطينية.
وتبذل الإمارات جهودا على مدار الساعة لإغاثة غزة، ودعم جهود وقف دائم لإطلاق النار، والدفع بحل مستدام للقضية الفلسطينية عبر حل الدولتين.
وأرسلت الإمارات حتى اليوم 85 طائرة تحمل 1527 طنا من المساعدات الإغاثية في إطار عملية «الفارس الشهم 3» التي أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان العمليات المشتركة في وزارة الدفاع ببدئها لدعم الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة ضمن مبادرات إنسانية ودبلوماسية عديدة لدعم القطاع.
أدوار تاريخية
تعد تلك العملية أحدث الأمثلة على الأدوار الإنسانية التي تقوم بها القوات المسلحة الإماراتية، إلى جانب دورها البارز في عمليات حفظ السلام الدولية، تجسيدا للدور الفاعل لسياسة الدولة الخارجية في نشر السلام وتحقيق الأمن والاستقرار وتقديم العون للمحتاجين في مناطق الصراعات.
ومنذ عهد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كرست الإمارات نفسها لاعبا أساسيا وشريكا هاما في إنجاح مبادرات السلام على المستوى الإقليمي والدولي.
دور لا تزال دولة الإمارات ماضية فيه تحت قيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وخلال العقود الماضية، شاركت الإمارات في عمليات لحفظ السلام في عدة مبادرات دولية، حيث شاركت في 1976 بقوة ضمن قوات الردع العربية في لبنان في محاولة لدرء مخاطر تفجر الحرب الأهلية وحفظ السلام.
كما سطر الإماراتيون قيادة وحكومة وجيشا وشعبا أروع معاني الوفاء والدعم والحب للكويت وشعبها، حيث شاركت الإمارات ضمن قوات درع الجزيرة في عملية تحرير الكويت مع دول مجلس التعاون الخليجي عام 1991 ضمن التحالف الدولي، وقدّمت 8 شهداء و21 جريحاً دفاعاً عن الحق والشرعية، ومبادئ حسن الجوار.
وترجمة لالتزامها بمد يد العون لإعادة بناء ما دمرته الصراعات في الصومال واستقراره، أرسلت الإمارات عام 1993 كتيبة من القوات المسلحة إلى هذا البلد الأفريقي، للمشاركة في "عملية إعادة الأمل" ضمن نطاق الأمم المتحدة بناء على قرار مجلس الأمن الدولي.
كما ساهمت الدولة في العديد من المشروعات الإنسانية بهدف المساعدة في إعادة الإعمار في البوسنة، وأعطت الأولوية لمساعدة الطلاب وفتح المدارس وإعادة بناء المساجد.
أيضا أقامت القوات المسلحة الإماراتية عام 1999 معسكرا لإيواء آلاف اللاجئين الكوسوفيين الذين شردتهم الحروب في مخيم "كوكس" بألبانيا، إضافة إلى مشاركتها في عمليات حفظ السلام هناك.
وكانت الإمارات الدولة المسلمة الوحيدة التي قامت بإرسال قوات لتنضم إلى القوات الدولية لحفظ السلام في كوسوفو بموافقة قيادة حلف شمال الأطلسي.
وفي عام 2001، كان للقوات الإماراتية الدور الأهم في تطهير الأرض في الجنوب اللبناني من الألغام.
وبعد ذلك بعامين، شاركت الإمارات ضمن قوات حفظ السلام في أفغانستان "إيساف"، وبلغ عدد أفراد قواتها المسلحة المشاركة في القوة أكثر من 1200 فرد، حيث لعبت هذه القوات دورا حيويا في تأمين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الأفغاني، فضلا عن قيامها بدور مواز في خطط إعادة الإعمار والحفاظ على الأمن والاستقرار في البلد الآسيوي.
وإثر الأحداث التخريبية التي شهدتها البحرين ومحاولات التدخلات الخارجية في شؤونها عام 2011، شاركت الإمارات بفاعلية ضمن قوات درع الجزيرة التي حافظت على أمن واستقرار ووحدة الشعب البحريني ودرأت عنه مخاطر الفتن المذهبية.
وفي عام 2014، استشهد الملازم أول طارق الشحي في حادث التفجير الإرهابي بمنطقة الدية في البحرين، حيث كان يعمل ضمن قوة "أمواج الخليج" في مملكة البحرين، المنبثقة عن اتفاقية التعاون الأمني الخليجي المشترك، مسجلا بدمائه ملحمة بطولة جديدة.
وانضمت الإمارات إلى التحالف الدولي ضد "داعش" الإرهابي في عام 2014، وشاركت بفاعلية في العمليات العسكرية الموجهة ضد عناصر هذا التنظيم في سوريا إيمانا منها بأهمية التعاون الدولي لحفظ الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب.
وفي مارس/ أذار 2015، شاركت الإمارات في عملية "عاصفة الحزم" التي نفذها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، حيث سطّر الجنود الإماراتيون ملاحم بطولية دفاعا عن عروبة اليمن وحماية لأمنه واستقراره.
وفي يوليو/تموز 2015، استُشهد الملازم أول عبدالعزيز سرحان صالح الكعبي (24 عاما)، ابن منطقة الفوعة في مدينة العين، كأول شهيد إماراتي في عملية "إعادة الأمل" للتحالف العربي، لدعم الحكومة الشرعية.
شهداء الدبلوماسية
ومن جبهات القتال إلى ميادين الدبلوماسية والإنسانية، حيث قدمت الإمارات عام 1977 الشهيد الثاني في تاريخها، وأول شهدائها في المجال الدبلوماسي، وهو سيف سعيد بن غباش المري، الذي كان أول وزير دولة للشؤون الخارجية، واغتالته رصاصات غاشمة خلال محاولة لاغتيال وزير الخارجية السوري آنذاك، عبدالحليم خدام، في مطار أبوظبي.
وفي يناير/كانون الثاني 2017، قدمت الإمارات مجموعة جديدة من الشهداء في المجال الإنساني والدبلوماسي.
وطالت يد الإرهاب الغاشمة 5 دبلوماسيين أثناء تنفيذهم مجموعة من المهام الإنسانية والخيرية والتنموية في إقليم قندهار جنوب أفغانستان.
ولحق بهم في فبراير/شباط من العام ذاته جمعة عبدالله الكعبي، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى أفغانستان، سفير شهداء الإنسانية، متأثرا بجراح أصيب بها في التفجير الإرهابي.
مبادرات رائدة
وعلى صعيد مبادرات الإمارات الرائدة لنشر السلام والإخوة الإنسانية، لا ينسى العالم في هذه المناسبة جهود الشيخ محمد بن زايد آل نهيان البارزة لإنهاء أطول نزاع في أفريقيا، بين إثيوبيا وإريتريا.
ففي 9 يوليو/تموز 2018، وقّع أسياس أفورقي رئيس إريتريا وآبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا إعلانا حول السلام، ينهي رسميا عقدين من العداء بعد آخر مواجهة عسكرية عام 2000 بين الجانبين، والتي خلفت نحو 100 ألف قتيل وآلاف الجرحى والأسرى والنازحين.
كما لا ينسى العالم أيضا دور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في رعاية وثيقة "الأخوة الإنسانية"التي وقّعها قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، على أرض دولة الإمارات، يوم 4 فبراير/شباط 2019، وتحول يوم توقيعها ليوم عالمي للأخوة الإنسانية يٌحتفى به دوليا كل عام.
واحة الكرامة.. 196 شهيدا
انطلاقاً من حرص القيادة الإماراتية على تخليد ذكرى شهداء الوطن الأبرار، أنشئت واحة الكرامة التي تم افتتاحها رسمياً في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، كصرح يجسد أسمى معاني الفخر والاعتزاز بالبطولات المشرفة لشهداء الوطن، وعرفاناً بما قدموه من تضحيات وبذل في سبيل الحفاظ على أمن الوطن و كرامته.
وتضم واحة الكرامة جناحاً للشرف يضم أسماء 196 شهيداً من أبناء الإمارات البواسل الذين ضحوا بأرواحهم فداءً للوطن، في رسالة تؤكد اعتزاز القيادة الرشيدة بتضحيات شهدائها.
aXA6IDE4LjExNi4yMC4xMDgg
جزيرة ام اند امز