من أهم اكتشافات الإخونج في القرن الحادي والعشرين ذلك المسمّى بـ"منصف المرزوقي".
فالرجل يعيش في تيه المنصب، الذي حُرم منه، ويصدق نفسه أنه "رئيس وزعيم"، مع أنه أتى في غفلة من زمن، وعبر محاصصة إخوانية، أفضت وقتها لجعله واجهة لمشروع خبيث.
وخلال الأيام القليلة الماضية، وبعد ملاحقة القضاء التونسي رسمياً لهذا الرئيس السابق المتهم بالتحريض على وطنه وعلى السلطات الشرعية والمؤسسات الدستورية، حطّ "المرزوقي" رحاله في الولايات المتحدة، ليكمل مسلسل حقده الذي لا ينتهي على مصر ودول الخليج العربي.
فبعد قمة العُلا الشهيرة في السعودية مطلع هذا العام، وعودة العلاقات العربية الخليجية لسالف عهدها، تقطعت السبل بالإخوان المسلمين وأدوات تنظيمهم المعروفة سياسياً وإعلامياً، ليبكي شخص مثل "المرزوقي" على أطلال المال السياسي وينشد الخلافات ويحلم بالصراعات، لا يزال ينفث سُمّه كرهاً لكل تقدم عربي.
ومن خلال كلمة ألقاها، ظاهرها الديمقراطية وباطنها العداء للعرب والاستعلاء عليهم، برهن "المرزوقي" أنه يعيش في زمن آخر، وأنه يريد أن يفرض على العرب نموذجاً يسمونه "الديموقراطية الغربية"، كي يقول إنه "سيد تلك النخبة التي تصدرت مشهد ما سُمي الربيع العربي".
ولعل الفهم السقيم الذي يحمله "المرزوقي" وأمثاله مردُّه ذلك الإرث السابق لبعض المتأثرين بالدعاية الغربية ضد بعض الدول العربية، إذ الهدف هو استنساخ تجارب فاشلة ثبت بالدليل القاطع أنها أوصلت تونس على سبيل المثال حين حكمها "المرزوقي" نفسه إلى واقع سيئ رفضه التونسيون، وها هو رئيسهم الحالي قيس سعيّد يسعى جاهداً لإصلاحه.
لا تتوقف قصة التحريض ولا حكايا الكره لدول الخليج العربي عند "المرزوقي" أو توكل كرمان فقط، القصة أكبر من ذلك بكثير، إنه تعبير عن آلية بيع الوهم للشعوب وجعلها حبيسة الشعارات والعبارات الرنانة دون تفكير في اللحاق بركب دول الخليج العربي، التي تميزت بأمور عديدة تحفظ للإنسان حقه وتعطيه نصيبه الأمثل من تعليم وعمل وأمن ورفاهية دائمة.
وفي وقت تتقارب به المواقف وتتعالى فيه الأصوات الرافضة لأداء وأدوات الإخوان المسلمين، يجد "المرزوقي" ومن معه أنفسهم أدوات انتهت صلاحيتها ومساحيق ديمقراطية مزيفة، سرعان ما تزول عن الوجوه ليظهر خلفها ذلك القبح الإخواني القديم.
وحتى التمويل الذي حظي به الإخوان في يوم ما بات لعنة عليهم، فهم يتقاتلون اليوم فيما بينهم عبر وسائل الإعلام بسبب ذلك التمويل الذي جعل من بعضهم رجال أعمال وأصحاب عقارات وفلل في بلدان عدة، وما يحصل بين جناحي الإخوان المتصارعين حاليا شر دليل على ذلك.
ومنذ رفع أمثال هؤلاء شعارات فرض الحريات السياسية والعدالة الاجتماعية في بعض البلدان العربية، تبيّن للقاصي والداني أنها مجرد كلام، ومن نادَى بتلك الشعارات كمَن ينطبق عليه المثل القائل "يُراد به باطل"، فالشعوب في وادٍ وهم في وادٍ آخر، وعبث الإخوان بسوريا ومصر وليبيا وتونس جعل الناس يرفضون أي عودة لهذه الجماعة من خلال الأقنعة الأخرى التي تمثلها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة