اختصاصية نفسية: تعاون الرجل والمرأة أفضل من الهيمنة
مارجاريتا جارثيا ماركيز تقول إنه "من وجهة النظر النفسية تكمن الذكورية في سلسلة من المواقف الجامدة التي تعكس هيمنة الرجل على المرأة".
يتمنى البعض الإقلاع عن التدخين أو فقدان الوزن الزائد أو ادخار أموال أو إقامة صداقات جديدة أو تخصيص مزيد من الوقت للأسرة أو تناول طعام صحي أكثر أو الذهاب لممارسة التمارين الرياضية أو التنظيم على نحو أفضل أو السفر أكثر أو تعلم مهارة جديدة أو اكتشاف موهبة؛ كلها أهداف جميلة للعام الجديد، لكنها معتادة، لكن هدفا شائعا هذه الأيام يتمثل في رفض "الذكورية".
تقول مارجاريتا جارثيا ماركيز اختصاصية علم النفس السريري والمتخصصة في العلاقات الزوجية والاعتداءات الجنسية إنه "من وجهة النظر النفسية تكمن الذكورية في سلسلة من المواقف الجامدة التي تعكس هيمنة الرجل على المرأة، وتستند إلى فكرة (بما أنني أقوى وأكبر منك، فالحكم هنا لي أنا)".
وتضيف أن "جزءا من النساء يتعاون في استمرارية الذكورية، لأنه إذا اتحد معشر النساء اللاتي يمثلن نصف عدد سكان العالم، لتمردن على تلك الهيمنة ورفضن الخضوع لها، فذلك الوضع السلطوي لا يمكن أن يسير ولا يستمر".
وتشير إلى أن "الرجل تحت حماية قوته البدنية الكبيرة وحجم جسده مقارنة بالمرأة بوجه عام يفرض عليها سلسلة من المعايير والقواعد التي يخرج بها فائزا، مع أن المرأة لا توافق عليها، وقد يعدها الذكر غير عادلة إذا فرضت عليه".
وتوضح الاختصاصية التي تشغل منصب مديرة مركز "هارا للعلاجي من أجل الرخاء" أنه "في تلك الهيمنة من قبل الشخصية الذكورية يشارك أيضا ثقافيا جانب من النساء بمساعدتهن في استمرار النزعة الذكورية".
وتتابع: "إننا معتادون على الذكورية لدرجة أننا لا ندرك وجودها، وفي أماكن كثيرة بالعالم تعد بعض التصرفات طبيعية وعادية مثل المغازلات أو الإيحاءات الجنسية للنساء في الشارع التي قد تزعج الرجل إذا تلقاها وتعد انتهاكا".
وتقترح الخبيرة على الرجل الذي يتبنى أو يتهاون مع تصرفات ذكورية معينة القيام بتجربة بسيطة يضع فيها نفسه مكان المرأة ويتساءل: "كيف سأرى ذلك الوضع أو كيف سأشعر إذا تعرضت له أنا؟".
وتشير إلى أن "ليس جميع الرجال ذكوريين، وهناك أيضا نساء أكثر ذكورية من الرجال، لكن ما زالت توجد ذكورية بنسبة كبيرة في المجتمع. وجودها يمثل إشكالية اجتماعية والقضاء عليها مسألة تربية تتقدم تدريجيا في بعض المجتمعات، ولكن ما زال هناك شوط كبير لقطعه".
وتبرز ماركيز أهمية التربية، لأنه "إذا كان لدى أحد الأطفال والد ذكوري، ولكن في المدرسة يعلمونه سلوكا محترما تجاه المساواة بين الجنسين، فإن مفهوم السيطرة على المرأة سوف يحتل مكانا صغيرا في نفسه".
وتوضح الاختصاصية في علم النفس أنه "من المهم معرفة أن المرأة والرجل مختلفان، ولكنهما يتمتعان بالحقوق نفسها.. البعض قد يكون أكثر أو أقل تأهيلا أو لديه صفات شخصية أكبر أو أقل للقيام بمهام أو أعمال محددة، ولكن ذلك ليس ذا صلة بالانتماء إلى الجنس الذكوري أو الأنثوي".
وتشير إلى أن الأمثل هو أن يكون هناك تعاون بين المرأة والرجل بدلا من فرض أحدهما لنفسه على الآخر، لافتة إلى أنه من الناحية النفسية تعد الذكورية مسألة سلطة لشخص على آخر، ولكن ثمة أيضا ثقافة ذكورية تجعل هذا السلوك يستمر.
وتتساءل المتخصصة: "لماذا ليس بمقدور ذكر حياكة التريكو أو اللعب بعربة رضيع، وليس بإمكان طفلة لعب كرة القدم أو ممارسة ألعاب الجيوش، ليفعل كل منهما ما يشعره أو يحتاجه؟".
وتقول إن الخطوة الأولى للقضاء على الذكورية هي الوعي بكيفية ممارستها في حياتنا، مؤكدة أنه "على سبيل المثال سينبغي على المرأة أن تسأل نفسها: هل يمكنني إصلاح هذا العطل الكهربي؟ بدلا من انتظار مجيء زوجها ليصلحه، بينما يمكن لرجل أن يطهو أو ينظف المنزل بدلا من ترك هذه المهام لتفعلها زوجته دائما".
وتشير ماركيز إلى أن "بعض الرجال ينتقدون المرأة لتركها عملها لكي تربي أبناءها ويقولون لها إنه يجب عليها العمل حتى تحقق ذاتها الإنسانية، مانحين أنفسهم مزيدا من الحكمة في الحياة لكونهم ذكورا، ومدعين أن لديهم معرفة أكبر بما هو أفضل بالنسبة إلى المرأة (التي ليس لديها أدنى فكرة بما يناسبها، دون وضع أنفسهم في مكانها)".
وتصرح الخبيرة بأنه "عن طريق ملاحظة وإدراك أنفسنا فقط يمكننا طرح ما بوسعنا فعله لتغيير تصرفاتنا أو ردودنا الذكورية واستبدالها بأخرى متكافئة".