مجزرة ديالى العراقية.. خلل لوجستي أم ثغرة أمنية؟
من جديد، يضرب تنظيم داعش بقوة باستهدافه مقرا للجيش العراقي عند نقطة حدودية أقصى محافظة ديالى في مجزرة أسفرت عن مقتل 11 جندياً.
هجوم يعتبر الخامس من نوعه خلال ثلاثة شهور عقب هجمات سجلتها محافظات كركوك والأنبار وديالى، وأسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من عناصر الأمن والمدنيين.
ورغم تضارب الأنباء بشأن تفاصيل تلك الحادثة المروعة، إلا أن مصادر أمنية أكدت لـ"العين الإخبارية" أن عناصر من تنظيم داعش يستقلون سيارات هاجموا المقر العسكري للجيش العراقي من ثلاثة محاور، في وقت مبكر، أمس الجمعة.
واستغل التنظيم طبيعة الأجواء الباردة التي يشهدها العراق منذ أيام، وقام بمهاجمة النقطة العسكرية بالأسلحة الخفيفة، بإسقاط جندي عند الباب الرئيسي للمقر ومن ثم تصفية البقية ممن كانوا "نائمين".
خلل أمني؟
ويرى خبراء أن الهجوم الأخير للتنظيم على مقر الجيش في منطقة "حاوي العظيم" الحدودية مع صلاح الدين، يكشف عن خلل أمني في طبيعة الأساليب العسكرية المعتمدة في مواجهة الخروقات الإرهابية التي يشنها داعش.
الخبير الأمني العراقي أحمد الشريفي يرى أن "ما جرى في قرية الطالعة بمنطقة حاوي العظيم يثير الكثير من الشبهات والتساؤلات بشأن تلك المجزرة، إذ كيف لعناصر محدودين أن يبيدوا مقراً عسكرياً بأسره في وقت تشكل فيه تلك المناطق حواضن وملاذات للإرهاب، وهو ما يفرض أن تكون الاستعدادات هناك بمستوى التهديد؟".
وقال الشريفي في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن"مسألة تمكن تلك الجماعات من اختراق التحصينات للكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة والوصول إلى عمق النقطة العسكرية يستدعي إعادة النظر في الخطط ورفع منسوب الحيطة والحذر".
من جانبه، يعتبر عبدالجبار العبيدي مدير ناحية العظيم أن "اشتباكات دارت بين عناصر تنظيم داعش وقوات الجيش العراقي قبل أن ينتهي بمقتل جميع الجنود عند مقر السرية الأولى".
ويكشف العبيدي، لـ"العين الإخبارية"، أن "عدد المهاجمين لا يتجاوز الـ18 عنصراً من داعش وقد قدموا من مناطق حدودية في صلاح الدين".
وأشار إلى أن المقر العسكري والمنطقة المحيطة تتوفر فيها أبراج مراقبة ومزودة بكاميرات حرارية موزعة في أكثر من مكان، ولكن داعش استغل سوء الأوضاع الجوية واستطاع تنفيذ عملية التفاف على القطعات المرابطة هناك.
تساؤلات
غير أن الصور التي التقطت من موقع الحادث، أظهرت أن مقر الجيش كان عبارة عن بيوت مهجورة عند قرية الطالعة ولا توجد كاميرات حرارية وأبراج مراقبة، باستثناء جدار بسيط من ثلاثة أضلع لا يتعدى ارتفاعه المترين.
الخبير الأمني رحيم الشمري، يؤكد أن "النقطة النائية التي تقع على بعد 120 كيلومتر عن مركز محافظة ديالى لم تكن مزودة بكاميرات وآليات متطورة تتناسب مع حجم التحديات الإرهابية، وهو ما يضع قادة الأمن أمام تساؤلات كبيرة عليهم وضع الإجابات لها".
وقال الشمري لـ"العين الإخبارية" إن "أداء القوات الأمنية بدأ بالهبوط منذ سنوات بعد أن حلت العلاقات الشخصية مكان الكفاءات الحقيقية في تنصيب القادة والضباط الكبار، وهو ما يستدعي إجراء معالجة شاملة وتغيير جذري".
الشريفي يلفت إلى أن "عمليات الرصد الإلكتروني والتقنيات الحديثة في موضع المراقبة قد تراجعت بعد انتهاء الدور القتالي للتحالف الدولي، مما انعكس سلباً على ازدياد الخروقات الأمنية بما يوفر تحركا مريحاً أكثر لعناصر التنظيم عند تلك المناطق".
وغالباً ما تتركز هجمات تنظيم داعش عند المناطق البعيدة ذات التضاريس المعقد والمفتوحة التي يصعب مسكها أمنياً من قبل القوات العراقية.
وحتى وقت قريب، كان التحالف الدولي والقوات الأمريكية تضطلع بتقديم المعلومات الاستخبارية وعمليات الرصد لعناصر داعش في تلك المساحات الوعرة قبل أن تعلن انتهاء مهامها القتالية أواخر العام الماضي.
وسبق أن حذرت تقارير أمنية لمراكز دولية من تفاقم خطر تنظيم داعش في العراق والعودة إلى تنظيم صفوف عناصره بشن الهجمات الكبيرة مجدداً.
وتزامن الهجوم على المقر العسكري للجيش العراقي في "حاوي العظيم" مع هروب سجناء لداعش من معتقل "غويران"، شمال شرقي سوريا بينهم قيادات مهمة بالتنظيم.