الشرق الكونغولي بقائمة والد صهر ترامب.. حقن الدماء أم سحر المعادن؟

الأزمة الكونغولية ستكون المهمة الأولى لمسعد بولس والد صهر دونالد ترامب، ضمن مهامه مبعوثا خاصا للبحيرات العظمى.
وأمس الثلاثاء، أعلنت الخارجية الأمريكية تعيين والد بولس مستشارا لشؤون أفريقيا، وذلك بجانب منصبه الذي يشغله حاليا مستشارا أول للرئيس الأمريكي للشؤون العربية والشرق الأوسط.
وفي بيان صدر حينها، أوضحت الوزارة أن بولس ونائبة مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريفية كورينا ساندرز سيزوران الكونغو الديمقراطية ورواندا وكينيا وأوغندا في جولة تبدأ غدا الخميس.
ولفتت إلى بولس وفريقه سيلتقون رؤساء الدول وقادة الأعمال، من أجل "تعزيز جهود السلام في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وتشجيع استثمارات القطاع الخاص الأمريكي في المنطقة».
وبهذه الصفة، سيكون بولس مسؤولًا عن قيادة الجهود الدبلوماسية الأمريكية لتحقيق الاستقرار المنشود وإنهاء الحرب بين كينشاسا ومتمردي «إم 23».
وباستثناء عمله مستشارًا لسياسة الشرق الأوسط لفريق ترامب خلال الفترة الانتقالية بين الانتخابات والتنصيب، لا يمتلك بولس خبرة في السياسة الخارجية الأمريكية، إذ كان معظم عمله السابق في القطاع الخاص، حيث عمل مؤخرًا في تكتل سيارات صغير لشركة من غرب أفريقيا، كما أنه يتمتع بروابط عائلية مع عائلة الرئيس حيث أن ابنه مايكل متزوج من تيفاني ابنة ترامب.
ومنذ الأيام الأولى للحلقة الأحدث في صراع الكونغو الديمقراطية في أواخر عام 2021، كانت هناك عمليتان رئيسيتان للسلام تجريان بالتوازي، وفقا لما ذكره موقع "ريسبونسيبل ستايت كرافت".
وأشار الموقع إلى أن عملية السلام الأولى كانت في كينيا التي جمعت العديد من الجماعات المسلحة المتباينة البالغ عددها 120 وتقاتل في شرق الكونغو الديمقراطية.
ونجحت العملية في التوصل إلى هدنة بين بعض هذه الجماعات والحكومة، لكن أقوى هذه الجماعات وهي حركة «إم 23» غابت عن المحادثات ولا تزال تُشكل التهديد الرئيسي للبلاد.
وفي مسار سلام منفصل، لعبت أنغولا دور الوسيط الرئيسي وحاولت بدء مفاوضات بين متمردي «إم 23» وكينشاسا.
لكن الرئيس الأنغولي جواو لورينكو، الذي شعر بالإرهاق والإحباط بعد فشل العديد من جهود الوساطة، أعلن في منتصف مارس/آذار الماضي أنه لن يقود عملية الوساطة هذه بعد الآن.
وفي مقابلة مع "ريسبونس ستيت كرافت"، قال أونيسفور سيماتومبا، المحلل البارز في شؤون الكونغو الديمقراطية وبوروندي في مجموعة الأزمات الدولية، إن "جهود السلام ازدادت تعقيدًا بسبب تورط جهات حكومية متعددة، لكل منها مصالحها الخاصة".
ويعد التوسط لإنهاء حرب طويلة ومعقدة كهذه مهمة شاقة وثبت أن مجرد إطلاق المفاوضات يُمثل تحديًا، حيث يرفض كل طرف أحيانًا قبول المعايير الأساسية التي وضعها الوسطاء حتى قبل بدء المفاوضات.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، رفض الرئيس الرواندي بول كاغامي المشاركة في جهود الوساطة التي قادتها أنغولا ما لم يكن متمردو «إم23» حاضرين أيضًا.
وهو ما رفضه رئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسكيدي، الذي يقول إن «إم 23» جماعة مسلحة غير جادة تعتمد قوتها المالية والعسكرية بالكامل على دعم رواندا، وهو ما تنفيه كيغالي.
وبتعيين بولس، سيكون لديه هو والوفد الأمريكي ميزة الحضور إلى طاولة المفاوضات بصوت جديد نسبيًا.
سحر المعادن
تشير التقارير الأخيرة إلى أن ترامب يدرس الموافقة على صفقة عرضتها جمهورية الكونغو الديمقراطية لمنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى معادن حيوية مقابل دعم عسكري لها.
ويُهدد هذا الأمر بانتهاك الحياد الأمريكي، وبالتالي إعاقة تأثيرها في التوسط في اتفاق سلام.
كما ستضعف الموافقة على مثل هذه الصفقة مصداقية أمريكا لدى رواندا، مما يُضر بجهود واشنطن الرامية إلى التوصل إلى اتفاق سلام دائم.
وقال سيماتومبا إن ضخ المزيد من الأسلحة إلى الساحة وترجيح كفة الميزان العسكري لصالح أحد الأطراف لن يؤدي إلا لتصعيد القتال وتفاقم الصراع.
وكانت قطر قد استضافت في 18 مارس/آذار الماضي محادثات سلام جمعت رئيسي الكونغو الديمقراطية ورواندا، وهو ما فتح مسارًا ثالثًا لمفاوضات السلام.
هل ينجح؟
يشكك سيماتومبا في أن يتمكن أي طرف، بما في ذلك الولايات المتحدة، من التوسط لإنهاء هذه الحرب المعقدة قريبا، وقال إن أي جهد أمريكي للقيام بذلك يجب أن "يأخذ في الاعتبار جميع مبادرات السلام القائمة"، بدلاً من إضافة مبادرة أخرى إلى جهد سلام "غير متماسك" أصلاً.
وتتمتع كل من الكونغو الديمقراطية ورواندا بعلاقات اقتصادية ودبلوماسية وثيقة مع الولايات المتحدة.
وعلى مدار عقود، استفاد البلدان من مبالغ كبيرة من المساعدات الخارجية الأمريكية حيث خصصت الولايات المتحدة 990 مليون دولار للكونغو الديمقراطية و188 مليون دولار لرواندا في عام 2023.
ومن المرجح أن يتطلب أي اتفاق سلام ناجح ودائم من رواندا إنهاء دعمها لحركة «إم 23» وسحب قواتها المتمركزة حاليًا في أراضي الكونغو الديمقراطية.3
وسيواجه بولس تحديًا إذا استمرت رواندا في تصلبها بشأن هذه القضية، وفق الموقع ذاته.
وتظل العقوبات الأمريكية خيارًا أكثر تطرفًا، فقد فرضت واشنطن الشهر الماضي عقوبات على مسؤول حكومي رواندي كبير، بالإضافة إلى عضو في الجماعة المتمردة الأكبر التي تنتمي إليها «إم 23».
وشكك سيماتومبا في أن تؤدي العقوبات إلى سلام دائم، مرجحا أن "تضر بالقرويين أكثر من قيادة البلاد"، وأن العقوبات العديدة المفروضة بالفعل على رواندا، بما في ذلك العقوبات الأوروبية والبريطانية لم تُحدث فرقًا، وربما فاقمت الصراع.