مود هاردي: فرنسا ستصبح أول من يفرض معياراً بيئياً على الموضة

تستعد صناعة الموضة الفرنسية لإطلاق خطة غير مسبوقة تهدف إلى تقليص استخدام عبوات التغليف في قطاع الأزياء والنسيج.
خطوة تعكس التحول البيئي العميق الذي تشهده الصناعات الفاخرة في البلاد.
في 31 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ستقدم 5 اتحادات فرنسية متخصصة في النسيج والملابس إلى الوكالة الفرنسية للانتقال البيئي وثيقة استراتيجية تُعرف بـ "خريطة الطريق"، خطة شاملة تهدف إلى الحدّ من العبوات والتغليف في كل مراحل سلسلة إنتاج الموضة، من التصنيع حتى التوزيع.
وتعد هذه المبادرة الأولى من نوعها في قطاع الأزياء الفرنسي، الذي لطالما ارتبط بالبذخ والاستهلاك المفرط. وقد بدأ العمل على هذه الخطة قبل 5 أشهر بمشاركة واسعة من الشركات والعلامات التجارية الكبرى، تحت شعارٍ واحد.
من جانبها، قالت مود هاردي، المديرة العامة السابقة لمؤسسة Refashion، وهي إحدى أبرز الأصوات في الاقتصاد الدائري الفرنسي لـ "العين الإخبارية": "لقد أصبحت الموضة أحد أكثر القطاعات إنتاجًا للنفايات البلاستيكية والكرتونية غير المعاد تدويرها".
وأضافت أن "التغليف الذي نراه اليوم ليس مجرد وسيلة لحماية المنتج، بل أصبح مشكلة بيئية صامتة تمسّ صورة العلامات التجارية نفسها."
وأوضحت الخبيرة أن "ما تقوم به اتحادات الأزياء الآن هو تحوّل ثقافي بقدر ما هو اقتصادي. لأن الانتقال إلى التغليف القابل لإعادة الاستخدام لا يعني فقط استبدال مادة بأخرى، بل إعادة تصميم كامل لسلسلة الإمداد، من المصانع إلى المتاجر الإلكترونية."
وتتابع هاردي موضحةً البعد الاستراتيجي: "إذا نجحت فرنسا في هذا المسار، فستصبح أول دولة أوروبية تفرض معيارًا بيئيًا جديدًا على الموضة، يُحتذى به عالميًا. لكن إن فشلت، فسيُنظر إلى الصناعة على أنها عاجزة عن الإصلاح الذاتي، وهو ما قد يدفع إلى تشريعات أكثر صرامة من بروكسل".
- خبيرة فرنسية: إلغاء ضريبة الشركات القابضة تضر بمصداقية السياسة المالية
- قبل قمة المناخ في البرازيل.. أصوات تحذر من تحويل الغابات إلى مشاريع كربونية (حوار)
تقليل التغليف إلى الحدّ الضروري فقط
لكن الهدف لا يقتصر على تقليص الاستخدام فحسب، بل يشمل أيضاً تعزيز إعادة الاستخدام والتدوير لتلك العبوات، في محاولة لبناء نموذج إنتاج أكثر استدامة ومسؤولية بيئياً.
ووفق مصادر في القطاع، فإن الخطة ستتضمن التزامات كمية محددة لتقليل البلاستيك والكرتون المستخدم في التغليف، إلى جانب تجارب ميدانية لإعادة جمع العبوات من متاجر الأزياء وإعادة توظيفها.
هذه الخطوة تأتي في وقت تواجه فيه فرنسا ضغوطاً متزايدة لتحقيق أهدافها البيئية بحلول عام 2030، خصوصاً في القطاعات المرتبطة بالاستهلاك اليومي مثل الأزياء، التي تُعد من أكثر الصناعات تلويثاً للبيئة عالمياً.
ويؤكد خبراء الاستدامة أن النجاح في هذا الملف سيشكل نموذجاً يحتذى به لبقية الصناعات الإبداعية في أوروبا، إذ تسعى باريس لترسيخ مكانتها كـ"عاصمة الموضة الخضراء" في العالم.