موريتانيا.. "إجماع" الحوار السياسي يلفظ الإخوان
اتفقت أحزاب موريتانية بينها الحزب الحاكم، الأربعاء، على إطلاق حوار سياسي دون مشاركة "الإخوان"، من أجل بلورة "عقد جمهوري" في البلاد.
وتكرس الخطوة العزلة المتزايدة لتنظيم الإخوان في موريتانيا، خاصة في ظل الإجماع السياسي الواسع حول مبادرة الحوار الجديدة، وهي الأولى من نوعها منذ استلام الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني السلطة قبل نحو عامين.
وحاول الإخوان قبل يومين، عرقلة قطار المشاورات حول إطلاق مبادرة الحوار السياسي بعد أسابيع من اللقاءات الموسعة والثنائية بين الأحزاب السياسية، عبر إصدار حزب "تواصل" الإخواني بيانا يضع بعض الشروط للمشاركة في المبادرة.
لكن الأحزاب السياسية وبينها الحزب الحاكم، قررت غلق باب المشاورات أمام الإخوان، والمضي قدما في طريق مبادرة الحوار والتشاور السياسي.
خارطة طريق
وناقشت منسقية الأحزاب الموريتانية خلال اجتماعها، الأربعاء، خارطة طريق لحوار سياسي ووطني شامل يهدف إلى "وضع تصور جادّ لمستقبل البلد، وخلق إطار جامع لكل الموريتانيين قوامه تقوية اللّحمة الوطنية، وتجذير الديمقراطية"، وفق وثيقة أصدرتها المنسقية، اليوم.
وتضم منسقية الأحزاب الموريتانية حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم إلى جانب أبرز الأحزاب المعارضة، وهي: الصواب، وتكتل القوى الديمقراطية، والتحالف الشعبي التقدمي، واتحاد قوى التقدم.
وتعتبر الوثيقة أن مبادرة الحوار السياسي الجديدة تهدف لبلورة ما تصفه بإجماع واسع حول القضايا الوطنية الجوهرية، لوضع تصور جادّ لمستقبل البلد، وخلق إطار جامع لكل الموريتانيين قوامه تقوية اللّحمة الوطنية، وتجذير الديمقراطية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، بعيدا عن الانتماءات الضّيقة.
وتعدد الوثيقة أهداف مبادرة الحوار السياسي في "إيجاد إجماع وطني حول القضايا الكبرى التي تواجه البلد، والقيام بإصلاحات جوهرية تُمكن من إرساء دولة القانون والعدل والمُساواة، وتُفضي إلى تطبيع الحياة السياسية".
وذكرت الوثيقة أن الحوار "يشمل كافة الطيف السياسي الوطني، معارضة وأغلبية، أحزابا وفاعلين سياسيين، تحت رعاية الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني".
حصاد الفشل الإخواني
ولم يكن استبعاد الإخوان من مبادرة الحوار السياسي التي ينتظر أن ترسم مستقبل موريتانيا، أول فشل للجماعة الإرهابية في البلد الأفريقي.
ففي عامي 2019 و2020، رسمت الاستحقاقات الانتخابية في موريتانيا، والمناسبات السياسية اللاحقة، حدا فاصلا بين واقعين للإخوان في البلاد، أولهما لعب حزب الإخوان قبل الانتخابات، دور الحزب الذي يشهد تماسكا ويحوز بعض التعاطف في صفوف المنخدعين ببعض الشعارات وفتات المساعدات التي يوزعها على بعض الأوساط الفقيرة.
أما الواقع الآخر، فكان بعد الانتخابات، إذ انكشفت دعاية التنظيم وظهرت التناقضات والصراعات والانشقاقات، إثر فشله في تمرير خطاب جديد قادر على استقطاب الأتباع الجدد أو إقناع منتسبين مغرر بهم بالبقاء في هيكله السياسي المهترئ.
وتزامن الفشل السياسي والانتخابي مع حملة قوية بدأت في 2018 واستمرت حتى منتصف 2019، ضد مصادر تمويل الإخوان وخاصة نشاط المنظمات "الخيرية" التابعة له داخليا وخارجيا، والضغط الضريبي على بعض المؤسسات التجارية التابعة للجماعة.
كما شنت الحكومة الموريتانية حملة لتجفيف منابع الإرهاب، قبل عامين، حيث أغلقت جامعة عبدالله بن ياسين التي يديرها محمد الحسن الددو، الذي يقود جماعة الإخوان الإرهابية في موريتانيا.
وتم غلق مركز "تكوين العلماء"، وهو أكبر مركز تابع لجماعة الإخوان الإرهابية.
وشهدت موريتانيا منذ 2005 عدة حوارات سياسية ومنتديات وطنية استهدف مناقشة القضايا المطروحة وخرجت كلها بقرارات انعكست على التجربة الديمقراطية للبلد، وإصلاح منظومة الانتخابات وادخال تعديلات جهوية في سياستها المحلية ورموزها السيادية.
وشهد حوار 2011 على الصعيد الاجتماعي، تجريم ظاهرة الاسترقاق والاستعباد في البلد بنص الدستور بالإضافة إلى إصلاحات سياسية أخرى لصالح تعزيز دور الأحزاب السياسية في المشهد، ومحاربة ما وصف حينها بظاهرة الترحال السياسي.
وفي حوار 2017 تمخضت مداولات النخبة السياسية عن إقرار جملة من التغييرات أقرها فيما بعد استفتاء عام، تم بموجبه إحداث تغييرات في شكل العلم الوطني وإعادة كتابة وتلحين نشيد البلد كذلك.
aXA6IDMuMjM5Ljg3LjIwIA== جزيرة ام اند امز