أسبوع موريتانيا.. حراك ضد الإرهاب وتقارب الإخوان مع إيران يعمق عزلتهم
احتضان حزب الإخوان "تواصل" بمقرهم بنواكشوط، سفير طهران في زيارة، يعد استمرارا لارتهان الجماعة للأجندات الخارجية
أحداث وتطورات سيطرت على أسبوع موريتانيا أبرزها احتضان نواكشوط مؤتمرا إقليميا لمحاربة الإرهاب، بالتزامن مع مصادقة الحكومة على مرسوم لتطبيق قانون لمكافحة تمويل الإرهاب.
وشهدت موريتانيا كذلك احتضان حزب الإخوان "تواصل" بمقرهم بنواكشوط، سفير طهران في زيارة اعتبرها مراقبون مؤشرا جديدا على عمق أزمة التنظيم الإرهابي، واستمرارا لارتهان الجماعة للأجندات الخارجية، وإسنادا لمواقف طهران المعادية لمصالح الأمة العربية.
صرخة ضد الإرهاب
وبحث قادة جيوش دول الساحل الأفريقي، الأربعاء، جهود مكافحة التنظيمات الإرهابية بعد تدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة.
جاء ذلك خلال أعمال الدورة العادية التاسعة للجنة الأمن والدفاع التابعة لمجموعة دول الساحل بنواكشوط، وشارك فيها قادة أركان جيوش كل من موريتانيا ومالي والتشاد والنيجر وبوركينافاسو.
الجهود الإقليمية التي احتضنتها نواكشوط ضد التنظيمات الإرهابية على أرض منطقة الساحل، تزامنت مع اعتماد الحكومة الموريتانية خلال جلستها الأسبوعية الأخيرة قانونا لإنشاء لجنة وطنية تعنى بمكافحة تمويل الإرهاب ووحدة للتحقيقات المالية في هذا المجال.
ودعا الفريق محمد الشيخ محمد الأمين، قائد أركان الجيش الموريتاني، بلدان تجمع الساحل إلى تكثيف الجهود من أجل تحقيق الاستقرار والأمن المنطقة.
وأكد، في كلمته، أن بلدان التجمع لا يمكن أن تظل مكتوفة الأيدي أمام استمرار هجمات الجماعات الإرهابية، وفق وكالة الأنباء الموريتانية.
واعتبر الأمين أن استمرار تدهور الوضعية الأمنية يهدد استقرار المنطقة والمسار التنموي لبلدان المجموعة، مؤكدا أن هجمات الجماعات الإرهابية الحالية أدت إلى حصد مزيد من الأرواح.
وتأتي فعاليات الدورة التاسعة للجنة الأمن والدفاع لدول الساحل –برأي مراقبين- في وقت تشهد فيه الهجمات الإرهابية ضد بعض بلدان المنطقة تصاعدا غير مسبوق، مخلفة عشرات الضحايا ونزوح عشرات الآلاف من السكان في جمهورية بوركينافسو مثلا.
إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا، الخبير في الشؤون الإفريقية رأى أن لقاء نواكشوط الأمني مع دول الساحل وإن كان في ظاهره روتينيا لكنه في جوهره صرخة في وجه تصاعد العمليات الإرهابية خلال الفترة الأخيرة" وفق تعبيره.
واستعرض الشيخ سيديا، خلال تصريحات متلفزة، حالة بوركينافاسو -وهي إحدى دول المجموعة- مشيرا إلى أن هذا البلد أضحى بؤرة جديدة للعمليات الإرهابية في المنطقة، إلى جانب منطقة الشمال المالي الذي تعد -في نظره- منطقة قديمة نسبيا لوجود هذه الجماعات.
وأوضح أن تصاعد العمليات الإرهابية في بوركينافسو الذي أدى إلى نزوح أكثر من 60 ألف نسمة، تعود لما وصفه بالتقارب الملاحظ حاليا بين "داعش" أفريقيا بقيادة المطلوب أمريكيا، حديثا، أبوالوليد الصحراوي وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
وخلص الشيخ سيديا إلى أن مؤتمر نواكشوط لقادة أركان دول الساحل يستهدف أساسا بحث التعجيل بنشر القوات المشتركة للمجموعة في مناطق التوتر الساخنة بالإقليم، بوصفها الأكثر قدرة على مواجهة التحدي بخلاف القوات الأممية "المينسما" في مالي التي لا يمكنها تسليحها من التدخل ضد هذه الجماعات.
تقارب يعمق أزمة الإخوان
وشهد الأسبوع الماضي استقبال قادة حزب إخوان موريتانيا "تواصل" بمقرهم بنواكشوط، سفير طهران، وناقش الجانبان "العلاقات بين البلدين والوضع الدولي" وفق بيان للحزب.
واعتبر خبراء ومحللون أن ارتماء إخوان موريتانيا مجددا في حضن النظام الإيراني يعد مؤشرا جديدا على عمق أزمة التنظيم الإرهابي واستمرارا لارتهان الجماعة للأجندات الخارجية وإسنادا لمواقف طهران المعادية لمصالح الأمة العربية.
وانتقد قادة ونشطاء خطوة استقبال السفير الإيراني في موريتانيا من طرف الحزب، في مظهر يجسد واقع الصراعات والخلافات التي تعصف بالتنظيم منذ فترة، وأدت إلى موجة انشقاقات غير مسبوقة في تاريخ الحزب منذ إنشائه عام 2007.
التطبيع بين إخوان موريتانيا وطهران تجلى كذلك على منصات التواصل الاجتماعي، حيث لوحظ أن كتّاب الجماعة بدأوا يظهرون "التودد" لإيران، و"التعاطف" معها، في دليل على تغيير التنظيم للبوصلة باتجاه إيران مجددا.
عودة العلاقات الحميمية بين إخوان موريتانيا وطهران لا تعكس فقط، بحسب مراقبين، خروجهم، كالعادة، عن صف الإجماع ضد سياسات ومواقف نظام إيران تجاه القضايا العربية، بل تعكس مواقف التخبط والتناقض التي تعصف بالتنظيم، وتنذر بالمزيد من الانشقاقات في الأيام المقبلة.
خدمة أطماع إيران
الكاتب والمحلل السياسي الموريتاني أحمدو ولد الشاش اعتبر أن توجه إخوان موريتانيا مجددا صوب إيران ليس موقفا جديدا على تنظيم "اعتاد على مناصرة كل من له موقف عداء من الأمة العربية في قضاياها العادلة".
وكشف الكاتب المتخصص في سلوكيات التنظيم، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، عن أن الإخوان كانوا هم أول من رحّب بالخميني، وذلك لموقفه من العراق وأطماعه في المنطقة نكاية بالمصالح العربية"، مشيرا إلى أنهم عمدوا إلى "إيقاظ النعرات الطائفية".
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي شيخنا محمد فال: "إن الإخوان بمواقفهم الجديدة من إيران لا يخرجون عن سلوكهم القديم وهو التناقض والتذبذب في المواقف حسب ما تقتضيه مصالحهم وانتهازيتهم وليس وفقا للمبادئ".
وأوضح محمد فال، في تدوينة بحسابه على "فيسبوك"، أن هذا السلوك المتناقض "يعود إلى تدثر الجماعة بعباءة الدين الإسلامي وسرقة شعاره"، لافتا إلى أنهم "يلعبون أوراق السياسة القذرة دون أدنى لفت لأي أنظار".
حسم المناصب البرلمانية
وأنهت الجمعية الوطنية (البرلمان) انتخاباتها الداخلية المعتادة سنويا لتجديد نواب الرئيس وانتخاب رؤساء ومقررين جددا للجانها.
وجرت عملية تقاسم المناصب البرلمانية بالاتفاق بين الكتل بحصول حزب الاتحاد من أجل الجمهورية (الحاكم) على النائب الأول، وحصول المعارضة على النائب الثاني، ومنح النائب الثالث لأحزاب الأغلبية.
ورغم الجدل الذي استبق عملية انتخاب المناصب البرلمانية إلا أن توزيع هذه المناصب حسم عبر منهج التوافق بين الأحزاب، بدل اللجوء لاستقطاب كان سيؤدي إلى هيمنة الحزب الأكثر نوابا وهو -الحزب الحاكم- على كافة المناصب.
منهج التوافق بين الكتل السياسية داخل البرلمان، كان أيضا، برأي المراقبين، نفس الآلية التي اعتمدها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية لحسم اختيار ممثلي الحزب الجدد لشغل هذه المناصب، وهو ما ساهم في سلاسة تبادل المهام بين برلمانييه وتجاوز أي تداعيات محتملة على تماسك الحزب.
ويعد حسم الحزب الحاكم لعملية "المناصب البرلمانية"، برأي مراقبين، نجاحا جديدا للحزب في تكريس وحدته الداخلية وتماسكه، وهو ما يضاف إلى نجاحه في اختبارات سياسية مماثلة كاختبار تشكيل الحكومة، مطلع أغسطس/آب الماضي، ومنحها الثقة في البرلمان قبل أسابيع.
النائب الأول السابق لرئيس البرلمان بيجل ولد حميد شدد، وهو يُسلم المهمة لخلفه النائب عن الحزب حماده أميمو، على احترامه للقرارات وقناعته بأن "الاتحاد من أجل الجمهورية" سيظل داعما للرئيس محمد ولد الغزواني.
تصريحات النائب عن الحزب وقياديه البارز بيجل ولد حميد تعكس -برأي مراقبين- بعث رسالة جديدة للمناوئين للحزب وتؤكد صمود جبهته الداخلية في وجه دعاية المعارضة السابقة حول ما كانت تصفه أوساطها الإعلامية بـ"حالة التذمر داخل الحزب" المرتبطة بفترة تشكيل حكومة ولد سيديا شهر أغسطس/آب الماضي.
وكانت شهدت موريتانيا، الأسبوع الماضي، حراكا جديدا في أوساط شخصيات الأغلبية الداعمة للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، لتشكيل "ذراع سياسية" لدعمه عبر خلق تحالف يجمع كافة القوى الحزبية والمبادرات المؤيدة للنظام.
ورأى مراقبون أن الخطوة لا تعني تأثيرا على واقع الحزب الحاكم أو تغييرات تطال موقعه السياسي كحزب حاكم، بقدر ما تعني سعي الشخصيات السياسية الداعمة للرئيس الغزواني لخلق تحالف يجمع كافة القوى الحزبية والمبادرات السياسية الداعمة للنظام مع احتفاظ كل منها بهياكلها التنظيمية.
وكان الناطق باسم الحكومة الموريتانية سيدي سالم أكد قبل عدة أسابيع خلال مؤتمر صحفي، عضوية وانتساب محمد ولد الشيخ الغزواني لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية "الحاكم ".
وأشار ولد سالم إلى أن الرئيس الغزواني سيعتمد على هذا الحزب، وعلى الأغلبية التي دعمته في الانتخابات الأخيرة، نافيا ما يثار حول وجود "صراع".
ورأى مراقبون للشأن السياسي الموريتاني، في تلك الفترة، أن محورية دور الحزب كسند وذراع سياسية يحتاجها الغزواني في هذه المرحلة، تفرض على الأغلبية إيجاد صيغة تعيد دور حزب الاتحاد من أجل الجمهورية كحزب حاكم في البلاد خلال هذه المرحلة كما كان في السابق.
aXA6IDMuMTQ1LjkxLjE1MiA= جزيرة ام اند امز