خبراء: ارتماء إخوان موريتانيا بأحضان إيران يعمق أزمتهم
التطبيع بين إخوان موريتانيا وطهران تجلى كذلك على منصات التواصل الاجتماعي، حيث لوحظ أن كتاب الجماعة بدأوا يظهرون "التودد" لإيران.
اعتبر خبراء ومحللون أن ارتماء إخوان موريتانيا مجددا في حضن النظام الإيراني يعد مؤشرا جديدا على عمق أزمة التنظيم الإرهابي واستمرارا لارتهان الجماعة للأجندات الخارجية وإسنادا لمواقف طهران المعادية لمصالح الأمة العربية.
واستقبل قادة حزب إخوان موريتانيا "تواصل" بمقرهم بنواكشوط، سفير طهران، وناقش الجانبان "العلاقات بين البلدين والوضع الدولي" بحسب إيجاز أصدره التنظيم.
وانتقد قادة ونشطاء خطوة استقبال السفير الإيراني في موريتانيا من طرف الحزب، في مظهر يجسد واقع الصراعات والخلافات التي تعصف بالتنظيم منذ فترة، وأدت إلى موجة انشقاقات غير مسبوقة في تاريخ الحزب منذ إنشائه عام 2007.
التطبيع بين إخوان موريتانيا وطهران تجلى كذلك على منصات التواصل الاجتماعي، حيث لوحظ أن كتاب الجماعة بدأوا يظهرون "التودد" لإيران، و"التعاطف" معها، في دليل على تغيير التنظيم للبوصلة باتجاه إيران مجددا.
عودة العلاقات الحميمية بين إخوان موريتانيا وطهران لا تعكس فقط، بحسب مراقبين، خروجهم، كالعادة، عن صف الإجماع ضد سياسات ومواقف نظام إيران تجاه القضايا العربية، بل تعكس مواقف التخبط والتناقض التي تعصف بالتنظيم، وتنذر بالمزيد من الانشقاقات في الأيام المقبلة.
خدمة أطماع إيران
الكاتب والمحلل السياسي الموريتاني أحمدو ولد الشاش، اعتبر أن توجه إخوان موريتانيا مجددا صوب إيران ليس موقفا جديدا على تنظيم "اعتاد على مناصرة كل من له موقف عداء من الأمة العربية في قضاياها العادلة".
وكشف الكاتب المتخصص في سلوكيات التنظيم، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الإخوان كانوا هم أول من رحب بالخميني، وذلك لموقفه من العراق وأطماعه في المنطقة نكاية بالمصالح العربية"، مشيرا إلى أنهم عمدوا إلى "إيقاظ النعرات الطائفية".
وأوضح الكاتب أن الإخوان تاريخيا لم يتورعوا عن مناصرة إيران ضد مصالحهم القومية والدينية، وأعلنوها حربا لا هوادة فيها ضد دول محور الاعتدال العربي، في موقف يتناغم مع مصالح طهران المعادية للعرب.
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي شيخنا محمد فال: "إن الإخوان بمواقفهم الجديدة من إيران لا يخرجون عن سلوكهم القديم وهو التناقض والتذبذب في المواقف حسب ما تقتضيه مصالحهم وانتهازيتهم وليس وفقا للمبادئ".
وبين الكاتب، في تدوينة بحسابه على "فيسبوك"، أن هذا السلوك المتناقض "يعود إلى تدثر الجماعة بعباءة الدين الإسلامي وسرقة شعاره"، لافتا إلى أنهم "يلعبون أوراق السياسة القذرة دون أدنى لفت لأي أنظار".
أما الكاتب والوزير السابق محمد أمين فتهكم على ما توصف بـ"الحرب المفتعلة بين الإخوان وإيران"، نافيا، ضمنيا، في تدوينة بحسابه على "فيسبوك"، مثل هذه الخلافات.
واعتبر أمين أن ما يحدث هو توزيع أدوار، خصوصا فيما يتعلق بموريتانيا، على حد تعبيره.
الصراعات تضرب أوصال الإخوان
وتضرب الصراعات والانشقاقات حزب "تواصل"، حيث كان رئيسه السابق محمد جميل منصور قد هاجم خلفه في قيادة الحزب محمد محمود السييدي، واصفا إياه بانتهاج "القياس الفاسد" و"مجانبة الحقيقة".
تصعيد ولد منصور، تجاه خلفه، جاء ردا على كلمته التي قلل فيها ضمنيا من أهمية ما حققه خلال رئاسة "تواصل" في رئاسيات سابقة سنة 2009، قياسا لما حققه الحزب في انتخابات 2019 الرئاسية.
رد منصور الذي يعد أحد مؤسسي إخوان موريتانيا وأحد منظريه البارزين، كان قويا ومباشرا، معتبرا أن تقييم ولد السييدي للانتخابات الأخيرة بوصفها بـ"السيئة" بأنه تقويم مجانب للحقيقة لا تعززه الوقائع والمؤشرات والتقويمات.
الصراع الحالي بين القادة المؤسسين لحزب إخوان موريتانيا، يعد في نظر المراقبين آخر مسمار في نعش التنظيم الإرهابي الذي يواجه سلسلة من الأزمات والتصدعات الداخلية التي أخذت منحى جهويا وفكريا.
فرغم أن ولد منصور لا يشغل منصبا رسميا في الحزب منذ الإطاحة به في مؤتمر الحزب العام سنة 2017، فإنه لا يزال يحتل نظريا موقع القيادة للتنظيم وأبرز منظريه وموجهي سياساته وبوصلته السياسية، بل يعد في نظر البعض مرشدا للإخوان في موريتانيا.
كما تفاقمت أزمة تنظيم الإخوان الإرهابي بموريتانيا على خلفية عجز قياداته عن الخروج بموقف موحد من نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي فاز بها محمد ولد الغزواني.
في غضون ذلك، تسلمت الداخلية الموريتانية قبل أيام ملف حزب جديد يتزعمه قيادي إخواني مؤسس وهو المختار محمد موسى الذي كان قد أعلن الانشقاق عن حزب التنظيم "تواصل" في فبراير الماضي.
واعتبر محللون أن الأزمة الحالية تعكس استمرار عدم الثقة بين المستويات القيادية في التنظيم، وهي تضاف إلى سلسلة مصاعب أخرى يعاني منها الإخوان أدت بهم إلى موجة غير مسبوقة من التفكك والتصدعات.
aXA6IDE4LjExNy4xNTYuMTcwIA== جزيرة ام اند امز