قوس "ماكدونالدز" الذهبي في روسيا.. انهيار يقيم "جدار برلين جديد"
في شتاء عام 1990 حينما افتتحت سلسلة مطاعم "ماكدونالدز" أول فروعها في موسكو بدا أن العالم أمام لحظة توازي في رمزيتها سقوط جدار برلين.
كان الأمر أكبر كثيرا من مجرد شطائر البرجر والبطاطا المقلية، إذ كان يؤشر على المسار الجديد الذي خطه رئيس الاتحاد السوفيتي السابق ميخائيل جوربيتشيف.
وكان افتتاح ماكدونالدز فرعا له في ميدان بوشكين رمزا لازدهار الرأسمالية الأمريكية في الاتحاد السوفيتي الذي كان يحتضر حينها، ويكاد يوازي في رمزيته سقوط جدار برلين الذي خط حدود الحرب الباردة في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وسقط جدار برلين في نوفمبر/تشرين الثاني 1989 قبل شهور من افتتاح المطعم الأمريكي في قلب الاتحاد السوفيتي وبحضور أكثر من خمسة آلاف شخص ليبدو هذا الحشد مماثل لآلاف الألمان الذين تدفقوا لإسقاط الستار الحديد بين برلين الغربية والشرقية.
واليوم الإثنين، أعلنت سلسلة المطاعم الأمريكية الأشهر عالميا انسحابها من روسيا.
قالت شركة ماكدونالدز كورب إنها ستبيع كل مطاعمها في روسيا بعد أكثر من 30 عاما من دخولها السوق الروسية، مما يجعلها واحدة من أكبر العلامات التجارية العالمية التي تخرج من البلاد منذ إطلاق موسكو العملية العسكرية في أوكرانيا في أواخر فبراير/شباط الماضي.
وقال الرئيس التنفيذي كريس كمبنسكي، في خطاب للموظفين: "من المستحيل تجاهل الأزمة الإنسانية التي سببتها الحرب في أوكرانيا. ومن المستحيل تخيل أن تمثل الأقواس الذهبية نفس الأمل والوعد الذي قادنا لدخول السوق الروسية قبل 32 عاما".
ويكرس انسحاب الرمز الأمريكي من روسيا إعادة إحياء لتحالفات كانت تلفظ أنفاسها، ومن بينها حلف شمال الأطلسي (الناتو).
ويبدو اليوم أن الجنود المشاركين في المناورات الكبرى التي يعتزم الناتو إقامتها الإثنين يمرون من أسف أقواس القوس الذهبي العملاق للعلامة التجارية الشهيرة لماكدونالدز (M).
وقبل عام فقط كانت الخلافات تضرب جنبات الحلف الذي أقيم ضد الاتحاد السوفيتي في أوروبا الغربية، لكن الصورة اختلفت كثيرا الآن مع سعي دول طالما ظلت في الموقع المريح للحياد للانضمام إلى الناتو.
وقدمت فنلندا والسويد، بطلب للانضمام إلى حلف الناتو، ما عكس مخاوفهما من مواجهة مصير مماثل لأوكرانيا، التي تقع تحت وطأة عملية عسكرية روسية، دفعت كييف ضريبتها، رغم تشجيع الدول الغربية، ومحاولة تقديم الدعم العسكري والدبلوماسي.
وهذا يعني أن انضمام الدولتين إلى الحلف الأطلسي، عكس رغبة روسيا، سيكون عالي المخاطر، خصوصا مع تحذير موسكو الجدي، خاصة لجارتها فنلندا من الخطوة التي أضحت قاب قوسين أو أدنى.
وتشير تحليلات إلى أن الخطوة الروسية في أوكرانيا كانت خطوة على طريق بناء عالم متعدد الأقطاب، لكن تقديرات أخرى صدرت من داخل أروقة الحزب الحاكم في الصين ترى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد وهب روحا جديدة للهيمنة الأمريكية على العالم.