"ساعة مكة".. متحف يكشف لزواره أسرار نشأة الكون
برج الساعة هو الرمز الأساسي لمجمع ضخم من سبعة أبراج على بعد أمتار من المسجد الحرام، يضم نحو ثلاثة آلاف غرفة وشقة، ودشن عام 2012.
يجتذب "متحف برج الساعة" المكون من 4 طوابق والمطل على المسجد الحرام في مكة المكرمة عشرات الزوار يوميا، حيث يقدم عرضا لنشأة الكون، وبالطرق التي اعتمدها الإنسان لقياس الوقت، في مشروع يندرج ضمن جهود السلطات السعودية لتنشيط السياحة في المملكة الساعية لتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط، ومن بينها السياحة الدينية.
ويعرّف الطابق الأول زواره بالكون والسماء والمجرات والبروج السماوية من خلال الصور والتسجيلات الصوتية، بينما خصّص الطابق الثاني للتعريف بالشمس والقمر وحركة الأرض حولهما، أما الطابق الثالث، فيتعرّف الزائر فيه على الوسائل المختلفة التي استخدمها الإنسان لتحديد الوقت، فيما خصّص الطابق الرابع للشرفة المطلة على الحرم ولشرح كيف صُنعت "ساعة مكّة"، وتنتشر في الطوابق الأربعة مجسّمات الكواكب وصور النجوم والمجرات، وكذلك الساعات وبينها تلك التي تعود إلى مئات السنين، وساعات أخرى حديثة.
وبحسب المشرف على المكان ياسين مليكي، فإن المتحف التابع لمؤسسة "مسك" برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، استقبل منذ فتح أبوابه مطلع شهر رمضان في مايو/أيار، نحو 1200 زائر يوميا، ويبلغ سعر تذكرة الدخول العادية 150 ريالا سعوديا (40 دولارا)، وتذكرة الشخصيات المهمة 300 ريال (80 دولارا)، وأشار إلى أن برج الساعة سيتحوّل بدءا من رمضان المقبل إلى مركز لرصد الأهلة وأبحاث القمر.
ويمثّل المتحف، وفقا لمليكي، جزءا من "رؤية 2030" الاقتصادية الإصلاحية التي تهدف إلى تعزيز الإيرادات غير النفطية في المملكة، وأوضح مليكي: "هذا بالضبط ما نريده، أن يتحوّل المتحف إلى موقع عالمي لجذب السياح في مكّة".
وافتتح المتحف أعلى برج "ساعة مكة" التي تعد الأكبر في العالم، بطول 43 مترا وعرض 43 مترا، وقد بنيت بأربع واجهات على برج بارتفاع 601 متر، وهي ثالث أطول بناء في العالم بعد برج شانغهاي (632 مترا) وبرج خليفة في دبي (828 مترا)، ويبلغ وزنها الإجمالي 36 ألف طن.
وزوّدت الساعة بنظام حماية متكامل ضد العوامل الطبيعية من أتربة ورياح وأمطار، وغطيت واجهاتها المزخرفة بنحو 100 مليون قطعة من الفسيفساء الزجاجية الملونة.
وبرج الساعة هو الرمز الأساسي لمجمع ضخم من سبعة أبراج على بعد أمتار من المسجد الحرام، يضم نحو ثلاثة آلاف غرفة وشقة، ودشن عام 2012.
وتقول الزائرة كوري إريزا التي أتت مع زوجها وطفليهما من إندونيسيا إلى مكّة المكرّمة، لزيارة المتحف: "نأتي إلى هنا مكّة للصلاة، لكن المتحف يسمح لنا أيضا بأن نجلب العائلة للقيام بأمور ترفيهية إلى جانب الصلاة والعبادة".
ومن باب زجاجي ضخم أمام مجسّم لبرج "ساعة مكة"، خرج أفراد العائلة الإندونيسية معا إلى الشرفة المطلّة على المسجد الحرام، ووقفوا لدقيقة خلف سياج من حديد وهم يتأمّلون بصمت وذهول، من عند أعلى النقاط في مكّة، واصطف عشرات الزوار الآخرين على طول السياج، يستمتعون بالإطلالة البانورامية على المسجد، ويلتقطون الصور للمصلّين وللكعبة وللجبال المحيطة بها، وقال دودي زوج إريزا "إنه مشهد مؤثّر جدا".
ومن بين عشرات الزوار الذين غصّت بهم طوابق المتحف، راح عمرو محمد مسعدي الآتي من جنوب المملكة يجوب القاعات ويقرأ المعلومات الموزعّة فوق الألواح الزجاجية، وأوضح الشاب اليمني: "ظننت أنّها ساعة فقط، مجرد عقارب، لكن عندما دخلت اكتشفت مشروعا ضخما"، مضيفا: "تعلّمت أشياء للمرة الأولى مرة، عن عمر الكون، والأجرام السماوية، وغيرها"، وقال مسعدي: "في المدرسة تعلّمنا أشياء عامة لكن هنا، تعرفت على أرقام فلكية مذهلة جدا".
وما أن حان موعد أذان الظهر، حتى توجه مسعدي مع زوار آخرين بسرعة نحو الغرف المخصصة للوضوء في المتحف، ثم عادوا ووقفوا خلف السياج الحديدي عند الشرفة المقابلة للكعبة في صف واحد استعدادا لأداء الصلاة جنبا إلى جنب، وأثناء الأذان، يُضاء أعلى الساعة بواسطة 21 ألف مصباح ضوئي تصدر أنواراً برّاقة باللونين الأبيض والأخضر، يمكن رؤيتها من مسافة تصل إلى 30 كيلومترا، ورفع أحد المصلين يديه نحو السماء وقال: "سبحان الله، أكاد لا أصدق أنني هنا".