نقص الدواء في لبنان.. مواقع التواصل الاجتماعي "طوق أخير للنجاة"
لم يعد الحصول على الدواء بالأمر السهل في لبنان وخصوصا لأصحاب الأمراض المزمنة ما دفع بمَن يعاني للاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي.
على تلك المواقع يعرض الناس أسماء الأدوية التي يفتقدونها علّهم يجدون ضالتهم في صفحات عدة أنشئت لهذا الغرض.
تعرض الصفحات صور الأدوية التي يبحث عنها المرضى، كما يمكن لمَن لديه أدوية لا يحتاجها عرضها، وهكذا يساعد الناس بعضهم البعض لتخفيف المعاناة.
ومن هذه الصفحات "سوا منلاقي دواء" التي يعرض يومياً عليها أشخاص أسماء الأدوية التي يحتاجونها.
كوزت متري، واحدة من الناشطات على الصفحة، تقول لـ"العين الإخبارية": "أحاول مساعدة معارفي والتخفيف من معاناتهم، منهم العم نبيل الذي يحتاج إلى دواء للقلب ولم نعثر عليه حتى الآن".
وأضافت: "هو رجل سبعيني خضع لعملية قلب مفتوح، وكما يعلم الجميع يحتاج المريض بعد ذلك إلى أنواع عدة من الأدوية منها السيلان، وبعد المنشور عثرنا على دواء من الاثنين اللذين عرضتهما، قدمه له أحد الأفراد".
وعن وضع "العم نبيل" من دون تناول الدواء، قالت متري: "من الطبيعي أن يكون معرض لخطر الإصابة بالجلطات لعدم توفر دواء السيلان"، مشددة: "من حقه كما كل مريض أن تؤمن الدولة له الدواء لا أن تتركه إلى مصيره".
قبل يومين تداولت إحدى الصفحات صورة لدواء Tagrisso تحتاجه مريضة سرطان. "العين الإخبارية" تواصلت مع ابنها أحمد الذي قال: "والدتي مريضة سرطان رئة منذ سنة ونصف السنة، لا تعلم بذلك ولهذا أفضل عدم ذكر اسمها، كوننا أطلعناها أنها مصابة ببكتيريا، ومن حوالي 18 يوماً لم تتناول دوائها لعدم تمكننا من إيجاده، حالتها بدأت تسوء، حيث سنضطر لإدخالها إلى المستشفى لسحب المياه التي تجمعت في بطنها".
والدة أحمد تحمل الجنسية الفلسطينية وتبلغ من العمر 68 سنة، لذلك كما قال: "وزارة الصحة لا تؤمن الدواء المفقود أصلاً، من هنا نضطر إلى شرائه على الرغم من أن تكلفته باهظة جداً حيث يبلغ سعره 10 ملايين ليرة أي حوالي 500 دولار، وهي بحاجة إلى علبة كل شهر، نجمع المال من الأهل لتأمين المبلغ".
وقبل أيام شارك عدد من مرضى السرطان وعائلاتهم في اعتصام أمام حديقة جبران خليل جبران في بيروت تحت شعار "بدنا دواء السرطان" للمطالبة بحقهم بالعلاج معتبرين أن الدولة اللبنانية تقتلهم.
وتداول الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لعجوز يدعى جمال الدين كارجة (67 سنة) كان ينتظر دوره في طابور البنزين والتعب والمرض باديين عليه، التقطت سيدة صورة له، لتصبح حديث "السوشيال ميديا"، ليتبين بعدها أنه مصاب بسرطان الغدد اللمفاوية ما أدى إلى ظهور حروق في مناطق عدة في رأسه وجسده، ومع ذلك تعجز عائلته عن تأمين الأدوية له، منها دواء الحروق.
"العين الإخبارية" اتصلت بزوجته التي أكدت أنه "بعد تفاعل الناس مع قصته، تواصل معي عدد من الأشخاص أمنوا له مشكورين الأدوية وتكاليف العلاج، ما أدى إلى تحسن نفسيته بعدما شعر باهتمام الجميع به".
تفاقم أزمة الدواء في لبنان يعود لعدم فتح المصرف المركزي اعتمادات جديدة لها على وقع شحّ احتياطي الدولار، إضافة إلى ازدياد عمليات التهريب والاحتكار عن طريق تخزين الأدوية، ففي الوقت الذي يجهد فيه اللبنانيون للحصول على حبة دواء، أظهرت المداهمات التي أجراها وزير الصحة اللبناني حمد حسن على المستودعات، أن هناك كمية كبيرة جداً من الأدوية خزنها التجار للاستفادة المادية حين يرفع الدعم الكلي عن الدواء، غير آبهين بأوجاع الناس، وبتعريض حياتهم للخطر، كل ذلك من أجل جني المزيد من الأرباح.
وفي محاولة لتجاوز المشكلة اتخذ وزير الصحة قرار رفع الدعم عن الأدوية التي يقل سعرها عن 12 ألف ليرة، وأبقى على أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية وحليب الأطفال واللقاحات والأمراض النفسية والعصبية، لتزيد أسعار معظم الأدوية ما بين 4 و6 أضعاف، وألحق الوزير القرار ببيان، أعلن فيه "فتح باب الاستيراد الطارئ والتسجيل السريع لأنواع الأدوية المفقودة من السوق المحلية، بموجب موافقة مسبقة من وزارة الصحة العامة، مع الالتزام بالضوابط الفنية ومعايير الجودة المعتمدة، على أن يستكمل المستورد الوثائق المطلوبة خلال 3 أشهر من تاريخ الاستيراد".
aXA6IDMuMTI5LjIxNi4xNSA=
جزيرة ام اند امز