عاصفة جيومغناطيسية عظمى تتحدى نماذج التنبؤ بالطقس الفضائي
في مايو/أيار 2024، شهدت الأرض أكبر عاصفة جيومغناطيسية لها منذ عقدين من الزمن، تنافس العواصف الشمسية سيئة السمعة في عيد الهالوين عام 2003.
أنتجت هذه العاصفة، التي استمرت من 10 مايو إلى 13 مايو/أيار، أضواء شفق قطبي مبهرة يمكن رؤيتها بعيدا عن القطبين، ووصلت إلى الجنوب حتى جزر الكناري وفلوريدا كيز وشبه جزيرة يوكاتان.
وفي نصف الكرة الجنوبي، أضاءت أضواء الشفق القطبي الجنوبي سماء كوينزلاند وناميبيا وجنوب البرازيل، مما قدم مشهدا نادرا.
وكشف العلماء الآن في دراسة نشرتها دورية "أستروفيزكال جورنال ليترز"، أن هذه العاصفة الجيومغناطيسية لم تكن ناجمة عن ثوران شمسي واحد بل سلسلة من الانبعاثات الكتلية الإكليلية (CMEs) التي خلقت "عاصفة مثالية"، مما أدى إلى حدث ذي حجم غير عادي، حيث يشبه ذلك الأمواج في المحيط، فقد تتسبب موجة واحدة في تناثر الماء، ولكن عندما تصطدم موجات متعددة، فإنها تخلق موجة هائلة، تماما مثل التأثيرات المجمعة لهذه الانبعاثات الكتلية الإكليلية.
وكانت هذه العاصفة العملاقة، كما أوضح العالم الرائد ينج ليو، نتاجا لتفاعل معقد بين الأنشطة الشمسية التي اندمجت لتكوين اضطراب جيومغناطيسي أكثر قوة.
ولفهم شدة حدث مايو 2024، يستخدم العلماء مقياسا يسمى مؤشر وقت عاصفة الاضطراب Dst))، والذي يتتبع مدى ضعف المجال المغناطيسي للأرض بسبب العواصف الشمسية.
ووصلت عاصفة مايو إلى مؤشر وقت عاصفة الاضطراب ( -412 نانو تسلا )، مما يجعلها واحدة من أقوى العواصف المسجلة.
وللمقارنة، بلغ مؤشر وقت عاصفة الاضطراب في حدث كارينجتون عام 1859، وهو العاصفة الجيومغناطيسية الأكثر شدة التي تم رصدها على الإطلاق ( -850 نانو تسلا)، وأثرت عاصفة عام 2024 على شبكات الطاقة والاتصالات اللاسلكية، مما يسلط الضوء على ضعف التكنولوجيا الحديثة في مواجهة الطقس الفضائي.
وتم إرجاع أصل هذه العاصفة إلى اندماج البقع الشمسية، وهي مناطق ذات نشاط مغناطيسي مكثف على سطح الشمس.
ومنذ أوائل شهر مايو، أنتجت هذه المنطقة النشطة العديد من التوهجات الشمسية والانبعاثات الكتلية الإكليلية، وهي عبارة عن سحب ضخمة من الجسيمات المشحونة.
وبينما كانت هذه الانبعاثات الكتلية الإكليلية تسافر نحو الأرض، فقد أزعجت المجال المغناطيسي للكوكب، مما أدى إلى الشفق القطبي المذهل والاضطرابات الجيومغناطيسية.
ومن خلال تحليل بيانات الأقمار الصناعية، تمكن العلماء من معرفة المزيد عن الآليات الشمسية وراء هذه العواصف الفائقة.
ووجدوا أن ترتيب المجالات المغناطيسية في الانبعاثات الكتلية الإكليلية يلعب دورا حاسما في تحديد مدى تأثر الأرض، فحتى الانبعاثات الكتلية الإكليلية من نفس منطقة الشمس يمكن أن يكون لها تأثيرات مختلفة تماما على الأرض اعتمادا على محاذاتها المغناطيسية، تماما كما قد تجلب عاصفتان مستويات مختلفة من الأمطار اعتمادا على اتجاه الرياح.
ويدعم هذا البحث فكرة أن العواصف الشمسية الفائقة ليست شذوذا نادرا، بل أحداث تحدث عندما تتوافق ظروف شمسية محددة.
ونتيجة لذلك، قد تحتاج نماذج التنبؤ بالطقس الفضائي إلى التعديل للتنبؤ بشكل أفضل والاستعداد لأحداث الطقس الفضائي المتطرفة في المستقبل.