سعر الميجاوات = 10 براميل نفط.. هل تحول أوروبا التوقعات الكارثية لواقع؟
يتنامى عدد الدول الأوروبية المطالبة بوضع سقف لغلاء أسعار الكهرباء، التي قاربت 10 أضعاف قيمتها التي كانت عليها في العام الماضي.
ومن المقرر أن تعقد دولة التشيك، التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، اجتماعاً استثنائياً لوزراء الطاقة في 9 سبتمبر/أيلول المقبل، لبحث وضع حد أقصى لأسعار الطاقة، وتحديداً الغاز.
وسجل سعر الميجاوات في المملكة المتحدة يوم الإثنين 29 أغسطس/ آب 2022 نحو 439.88 يورو بزيادة قدرها 264.68% مقارنة بعام 2021، وقفز سعر الكهرباء في ألمانيا إلى 658.41 يورو بزيادة 517.76% عن العام الماضي، وفي فرنسا سجل سعر الميجاوات 733.64 يورو بزيادة 586.54% عن 2021، وفي إسبانيا سجل سعر الميجاوات 188.42 يورو بزيادة 51.40%، وفي إيطاليا بلغ سعر الميجاوات 745.70% بزيادة 490.98% مقارنة بالفترة نفسها في العام الماضي، بحسب منصة "tradingeconomics" لرصد أسعار الطاقة عالمياً.
وتوقعت بلومبرج أن يصل سعر الميجاوات من الكهرباء في أوروبا إلى 1000 يورو (993 دولارا) بحلول عام 2023 المقبل، وهو ما يعادل نحو 10 براميل نفط (سعر برميل النفط خام برنت اليوم 95.42 دولار).
وقالت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، التي تترأس الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، مساء الإثنين 29 أغسطس/آب 2022، في خطاب ألقته أثناء قمة بليد الاستراتيجية في سلوفينيا: "إن صعود أسعار الكهرباء بسرعة الصاروخ يكشف حالياً، لأسباب متباينة، القيود المفروضة على مخططنا لسوق الكهرباء في الوقت الحاضر".
وأضافت: "سبق تطوير السوق وسط ظروف مختلفة تماماً ولأغراض مغايرة للغاية، ولهذا السبب نعمل حالياً على التوصل لتدخل طارئ وإجراء إصلاح هيكلي لسوق الكهرباء".
وتفكر المفوضية الأوروبية في خيار وضع حد أقصى لأسعار الغاز للابتعاد عن التكاليف "العالية بصورة غير محتملة" إذا كانت روسيا تقيّد التدفقات أو تخفّضها بطريقة هائلة. سيكون طرح حد أقصى تنظيمي للسعر في حالة الطوارئ لمدة محددة ويتعين استخدام سعر السوق لأطول فترة ممكنة، بحسب مسودة لوثيقة داخلية خاصة بالاتحاد الأوروبي.
ويُعدّ أحد الاحتمالات هو تقييد عملية تشكيل الأسعار أثناء سيناريو حدوث اضطرابات عبر وضع السعر في بورصات الغاز الأوروبية، لكن الوثيقة كشفت أن مثل هذا السقف للسعر يمكن بصفة عامة توفيره بأساليب مختلفة ويمكن أن يتدخل على مستويات متباينة خاصة بسلسلة قيمة الغاز.
وهبطت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا يوم الإثنين بأكبر قدر منذ مارس/آذار الماضي عقب إعلان ألمانيا أن مخازن الغاز لديها تمتلئ بصورة أسرع مما كان مخططاً له. انخفضت أسعار العقود الآجلة القياسية للشهر التالي في هولندا بما يصل إلى 21%، لتقلب جزئياً قفزة الأسبوع المنصرم بنسبة 40% تقريباً.
كما أن تنامي الأسعار والنقص في عمليات التسليم الروسية يمارسان ضغطاً لا مثيل له على بعض شركات الكهرباء. قالت شركة المرافق الألمانية "يونيبر" (Uniper SE) يوم الاثنين إنها طلبت 4 مليارات يورو إضافية (يعادل 4 مليارات دولار) من بنك "كيه أف دبليو" (KfW) الألماني المملوك للدولة بعد استهلاك حد الائتمان الحالي بالكامل والذي يبلغ 9 مليارات يورو. يقترب هذا التمويل الإضافي من ضعف قيمته السوقية الراهنة.
قالت شركة "يوروبين إنرجي إكستشينج" (European Energy Exchange) أيضاً إن المضاربين يحتاجون لدعم حكومي أكثر لضمان عمليات الشراء والبيع الخاصة بهم، خاصة مع الأخذ في الاعتبار الأسواق المتقلبة بصورة استثنائية. قفزت أسعار الكهرباء للسنة المقبلة لتتجاوز ألف يورو لكل ميجاوات/ ساعة في وقت سابق يوم الإثنين، قبل أن تتراجع بما يزيد على 20% في "يوروبين إنرجي إكستشينج"، أكبر سوق في أوروبا لتداول عقود الكهرباء.
محاولات تشيكية
ويحاول رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا الحصول على دعم لخطته لوضع سقف للأسعار وناقشها مع المستشار الألماني أولاف شولتس أثناء محادثات ثنائية في براغ يوم الإثنين.
وأعرب شولتس للصحفيين في مؤتمر صحفي مشترك عن امتنانه للاقتراح التشيكي الخاص بوضع سقف للسعر وأشار إلى ثقته في أن الاتحاد الأوروبي سيتوصل لاتفاق بسرعة.
أوضح شولتس: "سنفحص بعناية بالغة الأدوات التي نمتلكها والتي نستطيع استخدامها للحد من أسعار الكهرباء ولا يوجد شيء يمكن حدوثه بطريقة عشوائية، بل يتعين أن يعمل وفق منطق فني، لكن يبدو جلياً أن ما جرى وضعه حالياً كسعر سوق لا يُعدّ انعكاساً واقعياً للعرض والطلب".
ومن جانبه، قال فيالا إن الرئاسة التشيكية ستحاول الوصول إلى حل قبل اجتماع وزراء الطاقة المقرر عقده في 9 سبتمبر/أيلول ببروكسل.
وتابع في تصريحات للصحفيين "عموماً، ربما أستطيع القول، كمثال، أن فصل أسعار الكهرباء عن تكلفة الغاز هو أحد المسارات التي يمكننا دراستها".
تصعيد روسي جديد
أعلنت شركة الطاقة الفرنسية إنجي في بيان مقتضب أن غازبروم الروسية العملاقة أبلغتها بخفض إضافي وفوري لشحناتها من الغاز "بسبب خلاف بين الطرفين على تطبيق العقود".
وكانت شحنات الغاز الروسي لإنجي انخفضت بشكل كبير منذ بداية النزاع في أوكرانيا حيث بلغت مؤخرًا 1,5 تيراوات في الساعة فقط شهريًا.
ويرتبط هذا الرقم بـ"إجمالي الإمدادات السنوية في أوروبا التي تزيد عن 400 تيراوات ساعة" لشركة إنجي كما يقول مورد الغاز الرئيسي في فرنسا، الذي تمتلك الدولة الفرنسية حصة فيه بنحو 24%.
في نهاية يوليو/تموز أكدت إنجي أنها خفضت بشكل كبير "انكشافها المالي والمادي للغاز الروسي" الذي لم يعد يمثل سوى حوالي 4% فقط من إمداداتها.
aXA6IDE4LjE5MS4xNzguMTYg جزيرة ام اند امز