"الحيض" يزيد معاناة السوريات المحاصرات صحيا وماديا ونفسيا
النقص في المستلزمات الصحية النسائية وصعوبة إيجاد المياه يمثل صعوبة أمام السوريات المحاصرات. فما النتيجة؟
على غرار كل النساء، تكره العشرينية "هدى" فترة الحيض الشهرية، لا نتيجة الآلام أو تقلبات المزاج التي تسببها؛ بل جراء حرمانها من أبسط مستلزمات النظافة من فوط صحية ومياه صالحة للنظافة الشخصية في بلدتها المحاصرة "سقبا" في الغوطة الشرقية قرب دمشق.
وتقول بعد 4 سنوات من الحصار: "حين بدأ النقص في المستلزمات الصحية النسائية في العام 2012، تعذبت كثيرا". موضحة أنها لم تتمكن بسبب وضعها المادي، من شراء الفوط الصحية القليلة المتوفرة في البلدة بسبب ارتفاع ثمنها، لذلك كان عليها اللجوء إلى طرق تقليدية بديلة، إلا أن ذلك سبب لها مشكلات صحية كثيرة والتهابات مزمنة.
وزاد الأمر سوءا مع معاناتها من وجع في الكلى وارتفاع في درجة حرارتها وحرقة في البول، ليظهر لاحقا أنها مصابة بالتهابات في الكلى والمجاري البولية بالإضافة إلى التهابات تناسلية وفطريات، ورغم ذلك لا تتلقى العلاج اللازم لعدم قدرتها على تحمل كلفة الأدوية.
وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أنها أوصلت 84 ألف رزمة صحية تتضمن كل منها 10 فوط صحية إلى المناطق المحاصرة وتلك التي يصعب الوصول اليها في سوريا في عام 2016 مقارنة مع 17 ألفا في العام الماضي، لكن هذا الرقم يبقى غير كاف بحسب ما قالته عدد من النساء.
وتقول رانيا (18 عاما) المقيمة في مدينة دوما، أبرز معاقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، إنه في أول أحداث الثورة، كان كل شيء متوفرا، "كنا نشتري الفوط الصحية والمسكنات بأسعار مقبولة، وكنت أغتسل بالمياه الساخنة، أما اليوم فبات كل شيء صعبا".
وتضيف: "عليّ أن أجد طريقة لأغتسل بعدما بات توفر المياه وتسخينها أمرا صعبا جدا"، موضحة: "أحيانا كنت أنتظر يوما كاملا حتى تتوفر المياه للاستحمام".
وتوضح ليلى بكري، مديرة مركز يعنى بالنساء في مدينة دوما، أن العديد من النساء يلجأن إلى "الطريقة التقليدية" في ظل عدم توفر الفوط الصحية أو ارتفاع اسعارها، أي الاعتماد على قطع قماش، لكن النقص الدائم في المياه يشكل عائقا أمامهنّ، فلا تتمكن النساء من غسل الأقمشة المستخدمة بالطريقة المناسبة.
وتقول بكري: "لا توجد مياه في غالبية الأحيان، وإن توفرت من الصعب غسل الأقمشة في ظل انقطاع الكهرباء وعدم توفر الغاز"، وبالتالي تكثر الالتهابات والفطريات والأمراض النسائية لدى النساء، لكن نساء كثيرات غير قادرات أصلا على طلب الأدوية بسبب أسعارها المرتفعة.
ويصعب على المنظمات الدولية تسليط الضوء على التداعيات الصحية الناجمة عن نقص المستلزمات الصحية النسائية لاعتبارات اجتماعية وثقافية.
وتقول إنجي صدقي، المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا: "بسبب حساسية هذا الموضوع، لم تجمع فرق التقييم الصحي المعلومات اللازمة حول أي تداعيات صحية".
فيما تروي ممرضة تعمل مع طبيبة نسائية أن السيدات يلجأن لتمزق قطعة قماش واستخدامها، وطبعا تكون غير معقمة.
وتلفت إلى بعد آخر قائلة: "جاءتنا نساء انقطعت عنهن الدورة الشهرية بشكل مفاجئ، فالتوتر والقلق بسبب الظروف المحيطة يلعبان دورا كبيرا في ذلك".