الصيام العقلي.. وسيلة جديدة لتوازن نفسي وعاطفي
يعد سؤال "ما هو الصيام؟" واحدا من أكثر عمليات البحث على "جوجل" وقد أظهر خلال السنوات الأخيرة توجها تصاعديا على محرك البحث العملاق.
فإلى جانب الابتعاد عن تناول الطعام والشرب لبعض الوقت، وهو أمر يساعد على التحكم في الوزن وتحسين الصحة، قد يصبح الامتناع بشكل دوري عن ممارسات وتوجهات وعادات معينة، مفيدا جدا لتحقيق التوازن النفسي والعاطفي، وفقا لأخصائي في الصيام الواعي.
ويقول إنديكا مونتييل، وهو متخصص في التغذية وبطل كمال أجسام ولاعب كرة قدم سابق، "إن الإجابة الأكثر وضوحا وإيجازا على هذا السؤال هي أن الصوم يتمثل من الامتناع عن تناول الطعام طواعية لفترة زمنية معينة".
وبعد سنوات من الخبرة في تقديم المشورة لنخبة الرياضيين والأشخاص المهتمين بتحسين جودة حياتهم من خلال نظام غذائي متوازن، أصبح هذا المستشار الغذائي والمدرب الشخصي خبيرا في الصيام وكيفية تنفيذه لتحقيق أقصى استفادة منه، وهذا هو ما يتحدث عنه في كتابه "الصوم الواعي".
ويقول مونتييل إن "الصوم ليس أمرا جديدا، ولكن في الوقت الحاضر يمكن أن يكون معقدا للغاية وأصبحت ممارسته شيئا عصريا، ليس فقط بسبب الأبحاث العلمية العديدة التي تدعم فوائده الصحية، ولكن أيضا بفضل التسويق الذي يصنفه كأداة لفقدان الوزن والدهون في الجسم".
لكن هذه الممارسة الصحية "هي أكبر بكثير من مجرد الامتناع عن تناول الطعام وتقدم لك أكثر مما تتخيل. كما أنها ستكون أكثر سهولة وفاعلية بالنسبة لك حين تكون على علم بالنتائج التي تريد تحقيقها".
وأشار الخبير الإسباني إلى أن الصيام، الذي يمكن الشعور بفوائده بالفعل بعد 12 ساعة من بدئه، يذهب إلى أبعد من مجرد استهلاك سعرات حرارية أقل لفقدان الوزن، مبرزا أنه "قبل كل شيء، ممارسة لمعرفة الذات ستساعدك على معرفة نفسك بشكل أفضل، لتقوية جسدك وعقلك".
وأضاف أن "هذه الطريقة، التي يتم ممارستها بشكل متقطع، تساعدك على سبيل المثال على أن تكون أكثر وعيا بالمشاعر التي تواجهها عندما لا يكون هناك طعام في أمعائك وتحديد متى يكون الجوع الذي تشعر به حقيقيا أو نتيجة لمشاعرك".
وبالإضافة إلى الصيام الغذائي بأنواعه ومميزاته وأسسه العلمية وطرق ممارسته وخياراته، يوضح مونتييل في كتابه أن هناك خمسة أنواع أخرى من "الصيام الواعي" تساعد على تحسين حالتنا المزاجية إلى أقصى درجة.
ويقول إن هذه الأنواع من الصيام، التي تساهم أيضا في نجاح الصيام الغذائي، من خلال تقليل القلق والتوتر بالإضافة إلى تحسين الحالة المزاجية، تنطوي على الامتناع بشكل دوري، على سبيل المثال يوم واحد في الشهر أو في الأسبوع، عن أنشطة أو توجهات أو عادات معينة يمكن أن تكون سامة لنا نفسيا أو عاطفيا.
إنها توصيات مستوحاة من عمله لتحسين أداء لاعبي كرة القدم والرياضيين من النخبة، الذين يعمل معهم في مجالات التغذية والمكملات والتدريب، على أساس أن "الخطوة الأولى هي الشفاء من الداخل ومعرفة أنفسنا الداخلية"، لاعتباره أن الخطوتين لا يسيران جنبا إلى جنب.
الصيام عن الأخبار المثيرة للقلق
بالنسبة لـ"مونتييل"، من الأفضل "التركيز على الأمور المهمة حقا في الحياة. على كل ما يضيف ويساهم في تطورنا الشخصي"، لذلك، يحذر من أن "هذا النوع من الأخبار عادة ما تسبب لنا شعورا بالقلق والتوتر بسبب الوضع الحالي.. إنه أمر نعيشه جميعا، لكن القلق لن يفيد كثيرا وسيؤدي فقط إلى إجهاد غير ضروري وتكدس الأفكار".
ويقول: "عليك أن تطلع على ما يحدث، ولكن يجب الابتعاد عن كل تلك الأمور التي لا تضيف لك"، مشيرا إلى أن الكثير من المعلومات التلفزيونية "تأخذنا بعيدا عن أنفسنا الداخلية"، لذلك ينبغي أيضا التركيز على أنفسنا وعلى أهدافنا بدلا من الجلوس مثل 'الزومبي' أمام شاشات التلفزيون".
الصيام عن العلاقات السامة
يدعو "مونتييل" إلى محاولة "أن نكون عامل تغيير ونحاول مشاركة فلسفة حياة إيجابية مع الأشخاص الذين تهيمن عليهم السلبية، حتى يتمكنوا بطريقة ما من إيجاد طرق أخرى لتجربة الحياة".
لكنه استطرد قائلا بأنه "يجب علينا أيضا أن نعي إلى أي مدى يؤثر هؤلاء الأشخاص سلبا على حياتنا وكيف يؤثرون علينا".
وقتها قد نتوصل إلى استنتاج مفاده أننا بحاجة إلى"الصيام لفترة عن التواصل مع هؤلاء الأشخاص أو تقليص الوقت الذي نقضيه معهم، نظرا لأنهم يواجهون عملية شخصية خاصة بهم والأمر يعتمد على أنفسهم فقط ليستمروا في التطور".
الصيام عن التذمر والندم
يقول "مونتييل": "علينا التوقف لبرهة، وإلقاء نظرة على الوراء لتقييم من أين أتينا والإنجازات التي حققناها على طول الطريق، ونكون ممتنين على كل ما لدينا الآن. بهذه الطريقة نبدأ في الشعور بالمسؤولية عن حياتنا".
وأوضح أنه "عندما نشكو ونشعر بالندم، نحاول أن نجد أعذارا أو أشخاصا نحملهم الذنب لما ليس لدينا أو ما لسنا عليه. لكن في الواقع، العكس هو الصحيح.. نحن بالفعل مسؤولون بنسبة مائة بالمائة عما نحن عليه وما نملكه اليوم، ويجب أن نقدره ونعرف قيمته".
الصيام عن المماطلة
يوصي هذا الخبير في "الصيام الواعي" بأن تضع دائما في اعتبارك أن هناك حياة واحدة فقط وقد تنتهي في أي لحظة.
"إذا اتخذنا خطوة لخوض تجربة ما، فإن أسوأ ما يمكن أن يحدث هو أن نحقق ما كنا نؤجله، وإذا لم نحققه، فلن يحدث شيء، لأنه سيكون درسا آخر أو تجربة أخرى أو اكتشاف طريقة جديدة لا تصلح ويمكن استبعادها في المستقبل".
وأضاف أن "كل هذا، بطريقة أو بأخرى، يجعلنا ننمو ونتطور. حتى أصغر فشل هو تجربة تساهم في تطورنا الشخصي".
الصيام عن الكسل
يقول "مونتييل": "بدلا من الانجراف في الكسل أو الإهمال، علينا أن نبدأ في التفكير بأن كل شيء ممكن، وأن القيد الوحيد هو أفكارنا"، مذكرا بأن "روما لم تُبنى في يوم واحد وأن لا شيء يتحقق فقط عن طريق المعجزات".
ونصح الخبير بتحديد هدف "قد يكون صغيرا، فالأمر لا يتعلق بتأسيس شركة بالملايين، ولكن إذا كان الأمر كذلك، فستكون البداية هي اتخاذ الخطوة الأولى"، مشيرا إلى أن "الكسل لن يفيد إلا بمنعنا من المضي قدما.. وبوضع طوبة واحدة كل يوم، يمكنك تشييد إمبراطورية!".