"لوحة الموزاييك".. رسالة تسامح من رحاب جامع الشيخ زايد إلى العالم
جامع الشيخ زايد الكبير حقق مكانةً عالية كوجهة حضارية رائدة من خلال رسالته الحضارية المنبثقة من رؤى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان
نظّم مركز جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي ورشة عمل بمناسبة "يوم التسامح العالمي" الذي يوافق 16 نوفمبر من كلّ عام، تمثّلت في تنفيذ أطفالٍ من مختلف ثقافات العالم لوحة فنية مُلهمة من الموزاييك تُجسّد الرسالة الإنسانية التي يُقدّمها جامع الشيخ زايد الكبير للعالم وهي التسامح.
كما تُصوّر ملامح الوالد المؤسّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الرمز العالمي والنموذج الفريد للعطاء والتسامح.
يأتي ذلك امتدادا لنهج القيادة الرشيدة في إرساء قيم التسامح والتعايش، المُستلهم من إرث الوالد المُؤسّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وترسيخا لمكانته كرمز عالمي للتسامح، ومنبر حضاري وطني، يُخلّد قيم ومآثر المغفور له، ويمدّ جسور التواصل بين الثقافات.
وقد حقّق جامع الشيخ زايد الكبير مكانةً عالية كوجهة حضارية رائدة، من خلال رسالته الحضارية المنبثقة من رؤى وتطلعات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي أراد لهذا الصرح أن يكون منبرا حضاريا، يُعزّز الوسطية، ويُرسّخ التسامح الذي بات السمة الأبرز للصرح الكبير الذي يستقبل على مدار السنة زوّاره من مختلف الأديان والثقافات، بالرحابة التي عُرِف بها مجتمع دولة الإمارات قيادةً وشعبا.
ويأتي تنظيم المركز للورشة ترجمة لما يسعى إلى بثّه من قيم نبيلة ومفاهيم إنسانية سامية، وغرْس تلك القيم في نفوس الناشئة تحقيقا لاستدامتها، إذ يُمثّل الأطفال ثقافات وجنسيات مختلفة يلتقون على تعدّد لغاتهم في رحاب جامع الشيخ زايد الكبير، يجمعهم إطار بقواسم إنسانية مشتركة، لإعداد لوحة الموزاييك، ليبعثوا إلى العالم رسالة التسامح من أرض الوسطيّة والاعتدال.
وبهذه المناسبة، أشار عبدالرحمن بن محمد العويس، رئيس مجلس أمناء مركز جامع الشيخ زايد الكبير، إلى دور المركز في إرساء قيم التسامح قائلاً: "أراد الوالد المُؤسّس لجامع الشيخ زايد الكبير أن يكون منارة للتسامح، وتجلّت ملامح تلك الرؤى في تفاصيل عمارته التي تبعث برسائل التسامح وتوحي بالقواسم المشتركة بين الأمم والثقافات، وفي هندسته التي انسجمت فيها التصاميم من مختلف الحضارات، لتخرج بنموذج معماري بديع اختزل قيم الدين الحنيف بسماحته وسمو مفاهيمه الإنسانية، وجاءت مسيرة عمل مركز جامع الشيخ زايد الكبير منذ تأسيسه لتُسفر عن سجلّ حافل بالعطاء ومنجزات تنطوي في مُجملها على القيم الإنسانية، المستلهمة من سماحة الدين الحنيف".
وتُعبّر جهود المركز المحلية والعالمية في ترسيخ قيم التسامح عن مكانته ودوره المحوري بين مراكز الفكر الإسلامي في تقديم الصورة المشرقة للدين الإسلامي الحنيف، إلى جانب مكانته كواحد من أهم المعالم الثقافية في العالم، إذ يُعدّ الجامع أحد أهم منابر التسامح والتعايش الإنساني.
وبهذا الصدد، صرّح سلطان ضاحي الحميري، نائب رئيس مجلس أمناء مركز جامع الشيخ زايد الكبير، قائلا: "حقّق المركز العديد من المنجزات بوصفه صرحا حضاريا يُعزّز القيم الإنسانية النبيلة، كحصوله على جائزة (أوائل الإمارات)، وجائزة (فئة التسامح)، ضمن فعاليات قمة (روّاد التواصل الاجتماعي العرب)، إلى جانب حصوله على مراتب متقدّمة ضمن استطلاع رأي يجريه موقع (تريب أدفايزر) سنويا، وهي منجزات يفخر بها المركز، وتضعه أمام مسؤولية وطنية كبيرة لتعزيز تلك المفاهيم السامية المستلهمة من تعاليم الدين الحنيف وسيرة الوالد المُؤسّس".
كما أشار الدكتور يوسف العبيدلي، مدير عام مركز جامع الشيخ زايد الكبير، إلى أن تنظيم المركز ورشة عمل التسامح جاء احتفاءً بـ"اليوم العالمي للتسامح"، وإيمانا منه بأهمية غرس القيم النبيلة في نفوس الأجيال، الذين هم ثروة الوطن، وبناة المستقبل، وامتدادا لجهود المركز في ترسيخ رسالته الداعية إلى بثّ قيم التسامح من خلال منظومة من الممارسات والمبادرات التي تنبثق من خطته الاستراتيجية الرامية لإحياء مآثر الوالد المُؤسّس، بدءا من الجولات الثقافية، التي يُقدّمها اختصاصيو الجولات الثقافية من أبناء الوطن للزوار، والتي تُعبّر عن الاعتدال والانفتاح الذي يتّسم به مجتمع دولة الإمارات، دون المساس بثوابت الدين الإسلامي الحنيف، والهوية الوطنية، وصولاً إلى ما يُقدّمه المركز على مدار السنة من أنشطة ومبادرات محلية وعالمية تصبّ جميعها في بوتقة القيم الإنسانية العليا، وعلى رأسها الوسطية والاعتدال.
وقد أشرف على عمل الأطفال خلال الورشة الفنان الإيطالي "لورينزو"، الذي سبق أن أسهم في أعمال تركيب الرخام والموزاييك في الجامع خلال مراحل الإنشاء، وصاحَبَت الورشة جولة ثقافية خاصّة قدّمها أحد الاختصاصيين في المركز، تعرّف الأطفال خلالها على جماليات الجامع ومقتنياته الفريدة التي تُعبّر عن ثراء الحضارة الإسلامية وتنوّع فنونها.
الجدير بالذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة تحتضن أكثر من 200 جنسية تُمثّل تعدُّدا كبيرا للأديان والمذاهب والمعتقدات والثقافات، ويعيش أفرادها معا بسلام، في انسجام وتناغم وإطار من العدل والمساواة واحترام القانون، وهي قيم أصيلة راسخة في عمق تاريخ الإمارات، مستمدّة من روح الدين الإسلامي وعقيدته السمحة، وتسعى دولة الإمارات العربية المتحدة جاهدة لبناء مجتمع متلاحم، وتعمل على تعزيز مكانتها كنموذج يُحتذى في نبذ كلّ أشكال التطرّف ومظاهر التمييز بين الناس، من خلال إسهامها بدور فاعل في إرساء الوسطية وتشجيع الحوار بين الأديان على الصعيديْن المحلّي والعالمي، عبر منابر وقنوات يُعدّ مركز جامع الشيخ زايد الكبير من أهمّها، الأمر الذي يُعدّ دافعا رئيسا في سعي المركز الحثيث، لترسيخ دوره الحضاري الفاعل من خلال ما يُقدّمه من برامج وأنشطة ومبادرات.
يُذكر أن جامع الشيخ زايد الكبير، التابع لوزارة شؤون الرئاسة في الإمارات، يحظى برعاية ومتابعة من الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، إذ أُسّس مركز جامع الشيخ زايد الكبير ليكون نواة للحركة الثقافية والفكرية التي تتمحور حول الجامع، انطلاقاً من القيمة الثقافية والوطنية التي تعبّر عن المفاهيم والقيم التي رسّخها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تلك القيم المتجذرة في الوجدان والوعي التي تشكّل امتداداً للهوية الوطنية المستلهمة من تعاليم ديننا الحنيف.