رسائل الدول الداعية لمكافحة الإرهاب من قاعدة "محمد نجيب"
رسائل قوية حملتها كلمة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال افتتاحه قاعدة "محمد نجيب" العسكرية.
رسائل قوية للداخل والمحيط الإقليمي والدولي حملتها كلمة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال افتتاحه قاعدة "محمد نجيب" العسكرية السبت بمدينة "الحمام" غرب الإسكندرية، والتي تعد وفقا لتقديرات خبراء، أكبر قاعدة عسكرية عربية وإفريقية.
معظم رسائل السيسي جاءت كتعبير عن الدول الداعية لمكافحة الإرهاب الممثلة في السعودية، الإمارات، البحرين، إلى جانب مصر، مواقفها الصارمة ضد قطر الراعية للإرهاب، والجهود المبذولة لمكافحة التطرف على جميع الأصعدة العسكرية والإعلامية وغيرها.
لا تهاون مع قطر
يقول السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية لـبوابة "العين" الإخبارية، إن حديث الرئيس السيسي جاء واضحا وصارما فيما يتعلق بالأزمة القطرية، فمصر لا تريد أن تكرر ما حدث في 2013 من تعهدات قطرية لم تنفذ، فقد أكد السيسي بشكل واضح أنه "لا يمكن التسامح مع من يمول الإرهاب بمليارات الدولارات فتسبب في مقتل مواطنينا بينما يتشدق بحقوق الأخوة والجيرة"، مشيرا إلى "أنه يجب ألا نتدخل في أمور بعضنا البعض". وفي تعبير أقوى قال السيسي موجها حديثه لقطر دون ذكرها "لهؤلاء نقول إن دماء الأبرياء غالية، وما تفعله لن يمر دون حساب".
ووفقا للسفير رخا فإن مصر تدرك صعوبة التزام قطر بمطالب الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، خاصة فيما يتعلق بوقف دعمها لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، ولذلك فحديث السيسي خاطب المجتمع الدولي، منوها إلى أن الموقف المصري والعربي غير معني بأي وساطات مبنية على تعهدات غير عملية على أرض الواقع.
وقال السيسي "إن الإرهاب ظاهرة معقدة لها جوانب متعددة، لعل من أهمها وطال الصبر عليه هو دور الدول والجهات التي تقوم برعاية الإرهاب وتمويله، فلا يمكن تصور إمكانية القضاء على الإرهاب من خلال مواجهته ميدانيا فقط والتغافل عن شبكة تمويله ماديا ودعمه لوجيستيا والترويج له فكريا وإعلاميا".
وسخر السيسي من إمكانية التأثير أو التدخل القطري في دولة بحجم مصر قائلا إن "مصر بها 100 مليون نسمة يتناولون وجباتهم الثلاث في اليوم الواحد بمقدار ما تستهلكه بعض الدول في عام، وعندما ننفذ مشروع إسكان، فإننا ننفذ مليون شقة في عامين أو ثلاثة".
جيش مصر حصن عربي
رغم الضغوط الاقتصادية، التي تعيشها مصر منذ سنوات، والتي أثرت بشكل واضح مؤخرا على الأوضاع المعيشية للمواطنين، قال اللواء جمال مظلوم الخبير العسكري والاستراتيجي لـبوابة "العين" الإخبارية، إن افتتاح قاعدة عسكرية بهذا الحجم والإمكانيات أمر أراد به الرئيس السيسي أن يبعث برسائل طمأنة للشعب المصري وأشقائه العرب مفادها أن قدرات وإمكانيات الجيش المصري في أعلى مستوياتها وقادر على مجابهة الجماعات المتطرفة التي تعبث بأمن المنطقة.
فقد أكد السيسي أن "هذا الصرح العسكري الجديد يجسد ما وصلت إليه القوات المسلحة المصرية من تطوير يضاهي أحدث القواعد العسكرية في العالم"، وقال للخريجين العسكريين من الدول العربية: "نقف معا جميعا اليوم لنقول للعالم أجمع إننا نتشارك في البناء وليس التدمير في التعاون وليس التآمر في الحفاظ على السلام وليس في بث الفرقة والنزاع بين الدول والشعوب".
ويشير اللواء مظلوم إلى أن قاعدة عسكرية بهذا الحجم من حيث المساحة وعدد المباني والإنشاءات المتكاملة، تعد مصدر قوة استراتيجية لمصر، فوفقا للمعلومات التي نشرت بشأنها فإن القاعدة تعتمد على امتلاك منظومات تكنولوجية متقدمة في مجال التسليح والتدريب والتأمين الإداري والفني، وتضم وحدات متمركزة بإجمالي (1155) مبنى ومنشأة، وطرقا خارجية وداخلية بطول (72 كم)، وتحتوي على (72) ميداناً متكاملاً يشمل مجمعا لميادين التدريب التخصصي وميادين رماية الأسلحة الصغيرة، ومدينة سكنية، وقوات تدخل سريع، وقوات دفاع جوي، فهي منظومة عسكرية حديثة متكاملة.
تأمين الحدود
الهدف الرئيسي للقاعدة العسكرية، وفقا لما يشير إليه اللواء مظلوم هو تعزيز القدرات القتالية للمنطقة الغربية العسكرية على الحدود مع ليبيا، ومنع تسرب العناصر الإرهابية المسلحة، ومواجهة التهريب المستمر للأسلحة والمواد المخدرة والهجرة غير الشرعية. وكذلك تأمين المناطق الحيوية غرب مدينة الإسكندرية ومنطقة الساحل الشمالي والتي من بينها محطة "الضبعة" النووية وحقول البترول وميناء مرسى الحمراء ومدينة العلمين الجديدة وغيرها.
ولفت مظلوم إلى أن حضور المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، يبعث برسالة أن الدور المصري في دعم الجيش الليبي مستمر للقضاء على الجماعات الإرهابية في ليبيا، والمدعومة من دولة قطر.. وأن "تلك القاعدة العسكرية ستسهم في زيادة التنسيق المتبادل والتعاون بين الجيش المصري والليبي، والذي ظهر جليا في الضربات المصرية الجوية لتلك الجماعات في شرق ليبيا مؤخرا، وأن الأمر لن يتوقف طالما هناك تهديد لمصر".
تناغم مصري - خليجي تام
شهد حفل الافتتاح أمس حضورا خليجيا وعربيا لافتا، تقدمه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، والأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة ولي العهد نائب ملك البحرين.
ورغم أنه من المعتاد حضور مملثي الدول العربية حفل تخريج طلابهم من الكليات العسكرية المصرية، إلا أن رفع مستوى التمثيل بافتتاح قاعدة محمد نجيب كان رسالة قوية تدل على قوة العلاقات المصرية مع تلك الدول في الوقت الراهن.. وفقا لما أشار إليه السفير رخا.
ففي معرض خطابه قال السيسي إن "وجود الأشقاء العرب خلال الاحتفال يعد تأكيدا على وحدة الصف العربي، وعلى ما يجمع تلك البلدان من مصير مشترك وتعاون بناء لمواجهة التحديات التي تواجه الأمة العربية". مضيفا "لن نسمح لأحد بالتدخل في شئوننا والشعب المصري هو سند لمصر ولأمته العربية".
وأوضح اللواء مظلوم أن الحضور القوي كان مبعث "ثقة عربية في القوات المصرية، فهم لديهم طلبة يدرسون في الكليات العسكرية المصرية.. وهناك دائما مساع لزيادة التعاون العسكري مستقبلا".
مصر لا تنسى رجالها
يقول اللواء مظلوم إن إطلاق اسم الرئيس المصري الراحل محمد نجيب، أول رئيس جمهورية بعد ثورة يوليو 1952، على القاعدة العسكرية، لافتة عظيمة بالتزامن مع احتفالات مصر بالثورة، يؤكد فيها الرئيس السيسي أن "مصر لا تنسى قادتها العسكريين ومن أخلصوا لها مهما غاب الحديث عنهم.. فلن يتم نكران دورهم". وكان السيسي قد وجه التحية لاسم الرئيس الراحل تكريماً لإسهامه الوطني في لحظة دقيقة وفارقة من تاريخ مصر.