ميسي يتألق بالبشت الخليجي.. مشهد يعكس هوية وتاريخا عريقا
جاء ارتداء النجم ليونيل ميسي للبشت الخليجي الشهير، أثناء استلام كأس العالم لكرة القدم، ليعكس الهوية العربية لهذه النسخة من البطولة.
وتوج منتخب الأرجنتين بلقب كأس العالم بفوزه على فرنسا بركلات الترجيح بنتيجة 4-2 عقب نهاية المباراة بالتعادل 3-3، ليحقق ميسي حلمه في حمل الكأس التي ظلت عصية عليه طوال مسيرته الكروية الطويلة، رغم ما حققه من بطولات وألقاب أخرى.
وقد احتفلت الشعوب العربية هي الأخرى بأول بطولة لكأس العالم لكرة القدم تحتضنها منذ انطلاق المسابقة، فيما يفتح تميز التنظيم القطري الباب أمام دول عربية أخرى لاستضافة نسخ قادمة من البطولة الكروية الأضخم في العالم، والتي ينتظرها عشاق الساحرة المستديرة بشغف كبير كل 4 سنوات.
وخلال مراسم التتويج، قام الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر والسويسري جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بوضع "البشت الخليجي" على جسد ميسي.
وبعد ذلك، قام الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر وجياني إنفانتينو بتقديم كأس العالم ليرفعها وهو يرتدي الزي الخليجي الشهير في مشاهد ستظل خالدة بتاريخ الكرة.
وجرى اختيار "بشت" باللون الأسود ليكون متوافقا مع البروتوكولات الخليجية في ارتدائه، إذ أنه اللون المخصص للمناسبات الرسمية التي تقام مساء، فيما يتم تخصيص الألوان الفاتحة للمناسبات التي تقام صباحا، مع مراعاة تدرج الألوان وفقا لأهمية المناسبة والشخص الذي يرتدي البشت.
جذور تاريخية
البشت، أو المشلح أو العباءة، هو من أقدم وأفخم الملابس الرسمية في دول الخليج، كما ينتشر في أجزاء واسعة من العراق وبلاد الشام، فضلا عن مناطق عربية وأفريقية أخرى، ترى فيه تعبيرا عن الوجاهة والفخامة، وتعتبره بمثابة "زي رسمي" للمسؤولين والأعيان، كما يخضع لمراسيم وبروتوكولات رسمية صارمة في بعض الدول تحديد قواعد ارتدائه.
ورغم تشابه السمت الرئيسي للبشت الخليجي، إلا أن تفاصيله تختلف من دولة إلى أخرى، كما أنه تقاليد وكيفية ارتدائه تختلف هي الأخرى من منطقة إلى أخرى، لكن الجميع يتفق على أنه زي المناسبات الرسمية، وإن كان بعض المسؤولين قد يتخفف منه أحيانا كدلالة على البساطة وكسر القيود الرسمية.
في الماضي، كان يتم صنع البشت من صوف الماعز أو وبر الجمال، ثم مع مضي الزمن جرى الاستعانة بأفخم وأرقى الأقمشة والخيوط، خاصة تلك المصنوعة من الفضة، كما بقيت مهنة صناعة البشوت من المهن المحلية التراثية التي يتم توارثها من جيل إلى آخر.
ألوان البشت
تتدرج ألوان البشت ما بين الرمادي والأسود والبني والبيج، كما أن هناك بشوت صيفية وأخرى شتوية، والأخيرة تتميز بطبقة سميكة من الوبر والصوف.
وتشتهر مناطق بعينها بصنع اليشوت، كما هو الحال في منطقة الأحساء السعودية، التي تشتهر بصنع البشت الحساوي، وهو من أغلى وأفخم البشوت الخليجية. وهناك أنواع أخرى شهيرة من البشت مثل: اللندني، والياباني، وياباني ديلوكس، وسوبر ياباني، والدورقي، والنجفي، والسويسري.
والبشت الأسود مع التطريز الذهبي (الزري)، مثل ذلك التي قدمه أمير قطر إلى نجم الأرجنتين، هو المخصص للمناسبات الرسمية وللشخصيات والمناصب الرفيعة، فيما البشت الرمادي مع التطريز الفضي هو الأنسب للأعياد والحفلات غير الرسمية.
وألوان البشت الفاتحة هي الأنسب للمناسبات الصباحية، وتتدرج الألوان نحو الأغمق في فترة ما بعد الظهر، بينما تخصص الألوان الغامقة للمناسبات المسائية والتي عادة ما تكون أكثر رسمية. وعادة يتم استبعاد البشت الأبيض من المناسبات الرسمية.
اختلافات وتفاصيل
ويتم ارتداء البشت مع الغترة دائمًا، وهذا الأمر ليس من الأمور الاختيارية إذ أنه من القواعد الإلزامية، على أن يتم ارتداء الغترة بطريقة تكون فيها منسدلة على البشت.
وتختلف بعض تفاصيل تصميم البشت من دولة خليجية إلى أخرى، سواء من حيث وجود الأكمام من عدمه، أو عدد فتحات اليد، أو طريقة التطريز (الزري) وحجمه.
كما تختلف عادات دول الخليج في لبس البشت من عدمه عند حضور مراسم العزاء، فالبعض منها يقصر استخدامه على المناسبات الرسمية والسعيدة.
وتختلف أسعار البشوت حسب خامتها وطريقة صنعها من حيث كونها يدوية أم آلية، وقد يصل سعر البعض منها إلى 3 آلاف دولار، خاصة تلك المصنوعة يدويا بخطوط من الفضة.