اختفاء عائلات في المكسيك عند البحث عن مفقوديها

السلطات المكسيكية تؤكد أن البلاد تضم على الأرجح أكثر من ألف مقبرة جماعية يضاف إليها 26 ألف جثة لم يتم التعرف إلى هوية أصحابها.
في محاولة لمحاصرة تجارة المخدرات في المكسيك، شنت السلطات هجوما ضد العصابات أدى إلى تفككها إلى خلايا إجرامية صغيرة أكثر عنفا، وأدى هذا الأمر أيضا إلى فقدان أكثر من 40 ألف شخص، خاصة في ولاية جيريرو التي تنتشر فيها أعمال العنف بين العصابات الإجرامية للسيطرة على طرق تهريب المخدرات، إلا أن بعضها يلجأ أيضا إلى الابتزاز والخطف.
من خلال هذه الحرب على تجارة المخدرات عاشت ماريا هيرارا، 70 عاما، مأساة إضافية شأنها في ذلك شأن نحو 20 عائلة أخرى، حيث فقدت ابنين لها كانا يبحثان عن شقيقيهما المفقودين.
وأنجبت ماريا هيريرا 8 أطفال في باخواكاران في ولاية ميتشواكان (غرب) حيث الفرص الوحيدة المتاحة هي الزراعة أو الهجرة إلى الولايات المتحدة، وخاضت عائلة هيريرا مجالا آخر هو بيع الأواني في المنازل ومن ثم الذهب.
وفي إطار هذا النشاط توجه راول (19 عاما) وخيسوس سالفادور (24 عاما) إلى ولاية جيريرو المجاورة في أغسطس/آب 2008، فيما اندلعت مواجهات بين عصابتين من تجار المخدرات.
وقال خوان كارلوس (41 عاما) ابن ماريا: "كان شقيقاي يجهلان هذه المعلومة عندما وصلا، وكانا يسافران مع 5 موظفين آخرين وينقلان ذهبا وأموالا نقدية بقيمة 90 ألف دولار".
وأضاف: "قد تكون عصابة مخدرات محلية ظنت أنهم من مجموعة منافسة فأوقفت المجموعة بمساعدة عناصر فاسدين في الشرطة قبل أن يختفي أثرهم على غرار ما حصل مع 43 تلميذا في عام 2014".
وأمام غياب أي جواب من السلطات، بدأت العائلة عمليات بحث خاصة بها بمساعدة محققين خاصين دون أن تحقق أي نتيجة.
وبسبب الصعوبات المالية، قرر شقيقيان آخران هما لويس أرماندو وجوستافو (25 و27 عاما) استئناف التعامل بالذهب أملا بالعثور على شقيقيهما المفقودين.
وبعد اتصال هاتفي أخير بزوجة أحدهما، أوقف الشقيقان من قبل عناصر في الشرطة في بوسا ريكا في ولاية فيراكروس (شرق) قبل أن يختفيا في 22 سبتمبر/أيلول 2010 دون أي أثر.
وفقدت ماريا هيريرا الأمل بالعثور على أبنائها الـ4 أحياء لكنها تريد على الأقل العثور على رفاتهم.
وفي عام 2006 انضمت إلى مجموعة تبحث عن بقايا بشرية في ولاية فيراكروس، وتدربت منذ ذلك الحين على تقنيات يستخدمها أطباء الشرع، فهي تغرس قضيبا حديدا في الأرض وتقوم بعدها بشمه لترصد وجود جثث متحللة مطمورة في التربة.
وعثرت مجموعتها قبل فترة قصيرة على 7 جثث خلال حملة بحث استمرت أسبوعين.
وتقول ماريا والدموع تنهمر من عينيها: "في كل مرة نتجه فيها إلى مكان غير مضياف كهذا نعاني كثيرا، فنسأل أنفسنا: من سمع تأوهاتهم؟ من سمع آخر كلمات تلفظوا بها؟".
وتفيد السلطات بأن المكسيك تضم على الأرجح أكثر من ألف مقبرة جماعية، يضاف إليها 26 ألف جثة لم يتم التعرف إلى هوية أصحابها.
وأعلنت الحكومة المكسيكية الجديدة تطبيق برنامج للبحث عن عشرات آلاف المفقودين، على أن تشكل معهدا جديدا للطب الشرعي بميزانية قدرها 20 مليون دولار.
وتختم ماريا هيريرا حديثها قائلة: "سنستمر بالبحث، ونرجوهم أن يحددوا هوية الجثث التي عثر عليها حتى الآن في البلاد".