«الألغام المهاجرة».. فخاخ حوثية منجرفة مع السيول تتربص باليمنيين
مع دخول موسم الأمطار في اليمن، تبدأ ألغام مليشيات الحوثي بالهجرة عبر السيول من المناطق الملوثة إلى المناطق الآمنة، في تهديد جديد لحياة المدنيين.
وكشفت حادثة إصابة مدنيين، أحدهما طفل إثر انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول إلى بلدة سائلة وادي بيحان بمحافظة شبوة (جنوب) مؤخرا، حجم التأثير المميت للألغام الحوثية التي تجرفها السيول من منطقة إلى أخرى.
- هجومان جديدان.. تصعيد حوثي ضد إسرائيل والملاحة الدولية
- خليج عدن.. بريطانيا «تصطاد» صاروخا حوثيا باتجاه سفينة تجارية
وقالت مصادر إعلامية وحكومية لـ"العين الإخبارية"، إن سيول الأمطار الأخيرة جرفت عشرات الألغام من بلدات "أشعار فضحة" و"بيحان العليا" و"مالح" إلى مديريات "ناطع "و"نعمان" بمحافظة البيضاء ومديرية "بيحان" بمحافظة شبوة، وغدت كابوسا يؤرق حياة المواطنين والمزارعين.
وسجلت تقارير حقوقية جرف السيول مئات الألغام الحوثية إلى مناطق آمنة في محافظات مأرب، والجوف، وحجة، وشبوة، والبيضاء، والضالع، ولحج، وتعز والحديدة، وهي محافظات لم تخل من انفجارات الألغام المنجرفة بشكل شبه يومي.
ألغام مهاجرة
أُطلق مشروع "مسام" السعودي لتطهير الأراضي اليمنية من ألغام مليشيات الحوثي المنجرفة مع سيول الأمطار في اليمن، التي يطلق عليها "الألغام المهاجرة"، محذرا من تداعياتها الوخيمة على حياة المدنيين في جميع أنحاء البلاد.
وحذر المشروع في بيان صحفي "الأهالي في جميع المناطق اليمنية، من خطر الألغام والذخائر غير المنفجرة من مخلفات الحرب التي من الوارد أن تجرفها السيول من المواقع الملوثة إلى المناطق السكنية والزراعية خلال موسم الأمطار".
وإذ أشار البيان إلى أن "الألغام المهاجرة" تمثل تهديدا إضافيا للمدنيين وسط الحرب المستمرة في اليمن، قال إنه "لقرون عديدة، كان اليمنيون ينتظرون موسم الأمطار ويرحبون به، باعتباره موسم الخصوبة والزراعة، لكن السيول الآن تجتاح كل شيء في طريقها، بما في ذلك الألغام الأرضية وغيرها من مخلفات الحرب".
وأكد مسام أن الفريق التاسع التابع له باشر أعمال التطهير لمجاري السيول في بيحان في شبوة عقب سقوط ضحايا مدنيين إثر الألغام المهاجرة، وتمكن من نزع لغم أرضي مضاد للدبابات، ويواصل عمله لتأمين حياة المدنيين.
ودعا البيان، كل المزارعين ورعاة الأغنام والإبل في الوديان والمزارع والصحاري، خصوصاً في مناطق التماس الملوثة بالألغام، إلى الحذر في التعامل مع كل ما يجدونه من أجسام غريبة جرفتها سيول الأمطار الغزيرة إلى مناطقهم.
كما دعا "المواطنين بالإبلاغ الفوري عن أي جسم غريب يُشتبه بكونه لغماً أو عبوة ناسفة إلى الجهات المختصة، وعدم الاقتراب من الأودية والجبال التي قد تكون ملوثةً بالألغام والمتفجرات من مخلفات الحوثي".
المرصد اليمني للألغام وهو منظمة غير حكومية، أهاب بدوره، بجميع المواطنين إلى أخذ الحيطة والحذر من الألغام والذخائر التي تجرفها السيول إلى المناطق المأهولة ومحيط مخيمات النزوح، وإبلاغ الجهات المختصة عن أي جسم غريب وتوعية الأطفال بمخاطر تلك الأجسام على سلامتهم.
كما دعا المسافرين في الطرقات الرئيسية والفرعية والطرق البديلة بين المحافظات إلى أخذ أعلى درجات الحيطة والحذر من خطر الألغام والمقذوفات التي جرفتها السيول الى تلك الطرقات وممرات العبور.
أرقام مفزعة
وعلى مدى السنوات الماضية خلفت ألغام مليشيات الحوثي المنجرفة والمدفونة تحت الأرض ضحايا بالآلاف من اليمنيين منهم من سقطوا قتلى وآخرون بُترت أطرافهم.
وفي أحدث إحصائية لمنظمة إنقاذ الطفولة الدولية كشفت ارتفاع عدد الضحايا الأطفال إثر الألغام الحوثية مؤخرا ليصل إلى 28 طفلا منذ بداية العام 2024، في حين تجاوز عدد القتلى والمصابين من الفئات العمرية الأخرى أكثر من 100 شخص خلال الفترة نفسها.
إحصائية أخرى للمرصد اليمني للألغام كشفت عن مقتل 41 شخصًا وإصابة 64 بجروح إثر انفجار ألغام وذخائر غير منفجرة في 8 محافظات يمنية منذ مطلع العام 2024 وحتى مطلع أبريل/نيسان الجاري.
ويعاني اليمن من أحد أعلى معدلات التلوث في العالم من الألغام الحوثية، إذ زرعت المليشيات الانقلابية ما لا يقل عن مليوني لغم، وتعد محافظات الحديدة، ومأرب، وتعز، والبيضاء، والضالع، وحجة، وصعدة، وشبوة، الأكثر تلوثا.
وفي تقرير حديث لتحالف ميثاق العدالة اليمني، وهو ائتلاف حقوقي غير حكومي، وثق في مأرب وحدها خلال الفترة منذ يناير/كانون الثاني 2020 وحتى فبراير/شباط 2023، عدد 131 ضحية من المواطنين، بينها 28 حالة وفاة، و103 إصابات، جراء الألغام الأرضية التي زرعتها مليشيات الحوثي، مشيرا إلى أن نسبة 49% من هذه الحالات هم الأطفال.
ألغام بلا خرائط
وأدت السيول والفيضانات المتزايدة في اليمن إلى عواقب مميتة مع عودة المدنيين إلى منازلهم والأراضي المليئة بالألغام الأرضية التي زرعت بلا خرائط وتم جرفها لمناطق آمنة.
وبحسب المسؤول اليمني في الهندسة العسكرية، العقيد عبدالواحد السقاف لـ"العين الإخبارية "، فإن "مليشيات الحوثي زرعت الألغام بطرق عشوائية ودون أي خرائط، وهو ما ضاعف وقوع خسائر كبيرة في صفوف المدنيين لا سيما بعد هجرة هذه الألغام إلى مناطق آمنة".
ويضيف المسؤول اليمني أن هناك ألغاما عديدة وبأشكال مختلفة استخدمتها المليشيات في عدد من مناطق البلاد، كانت أغلبها الألغام الفردية من نوع بي بي إم 2، وأنواعا روسية، وصينية وأخرى صناعة محلية تعد كشراك خداعية.
وأشار إلى أن المليشيات تستخدم أساليب حديثة في تفخيخ أكثر من لغم، وكذلك المدارس ومداخل القرى في الأرياف، والمنازل السكنية، متهما الميلشيات بزراعة أكثر من 2 مليون لغم في مختلف محافظات البلاد.
ويمثل استخدام وزراعة ونقل الألغام انتهاكاً صارخاً لمعاهدة حظر الألغام الفردية "أوتاوا" المعروفة، وللقوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية المدنيين في أثناء النزاعات المسلحة.
aXA6IDEzLjU4LjIwMC43OCA= جزيرة ام اند امز