الهجرة واللجوء.. ريادة مغربية أساسها الإنسانية
القرب الجغرافي من أوروبا والاستقرار السياسي والاقتصادي مُعطيات جعلت المغرب في صلب قضايا الهجرة واللجوء، دولياً وإقليمياً.
الأمر الذي واكبته المملكة بتوجيهات عليا من عاهلها الملك محمد السادس باستراتيجية وطنية شاملة، أثبتت نجاعتها في تدبير شؤون الهجرة واللجوء في البلاد، وسط إشادة دولية وعربية.
استراتيجية متكاملة
المكانة الدولية المرموقة للمملكة المغربية في تدبير ملف الهجرة واللجوء لم يكن وليد يوم وليلة. بل جاء بمُراكمة الخبرات والتجارب. وفق ما قاله حسن بلوان، الخبير في العلاقات الدولية لـ"العين الإخبارية".
هذه الخبرة تمثلت بشكل رئيسي في الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، وهي الاستراتيجية التي شُرع في الإعداد لها منذ العام 2013 إلى ديسمبر/ كانون الأول من 2014.
وانبثقت هذه الاستراتيجية عن رؤية ملكية سديدة في تدبير هذا الملف، بعد الاطلاع على تقرير حُقوقي أعده المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو مؤسسة حقوقية مُستقلة عن جميع الأجهزة الحكومية والحزبية في البلاد.
في أعقاب ذلك، أعطى الملك محمد السادس تعليماته بالتسريع في وضع وتفعيل استراتيجية ومخطط عمل لقضايا الهجرة، ليتم تأسيس قطاع خاص بوزارة الخارجية، سُمي "قطاع شؤون الهجرة".
توجيهات العاهل المغربي، تمحورت أساساً حول ضرورة وضع سياسة شاملة لتدبير شؤون الهجرة، وفق مقاربة إنسانية متوافقة مع الالتزامات الدولية. فكانت أولى الثمار انطلاق عملية غير مسبوقة لتسوية أوضاع الآلاف من المهاجرين وطالبي اللجوء في البلاد.
أهداف متعددة
وتقوم هذه الاستراتيجية على العديد من الأهداف الشاملة والمتكاملة، تنطلق، بحسب بلوان، من ضرورة احترام حقوق الإنسان خلال تدبير عمليات تدفع المهاجرين، وتسهيل اندماج المهاجرين الشرعيين في المجتمع المغربي، ناهيك بتشريع القوانين المُؤطرة لهذه العملية.
وأوضح الخبير المغربي أن الاستراتيجية لا تهتم بمجال واحد فقط، وإنما تشمل العديد من المجالات الأساسية في حياة الإنسان. وعلى رأسها مجال التربية والثقافة. من خلال السهر على تمكين المهاجرين وأبنائهم من الاندماج السلس في النظام التعليمي المغربي، وأيضاً التكوين في اللغات والثقافات المغربية.
وتابع أن الاستراتيجية المغربية تهتم أيضا، بتمكين المهاجرين من البرامج الرياضية والترفيهية، بالإضافة إلى تقديم أفضل الخدمات الصحية عبر ضمان ولوجهم إلى العلاج سواء في المصحات العمومية التي تُديرها الدولة، أو الخاصة.
وعلى مستوى السكن، تنص الاستراتيجية على ضرورة تشجيع حق المهاجرين في السكن في إطار الشروط القانونية، ناهيك بتمكينهم من المساعدات الاجتماعية والإنسانية، والقانونية أيضاً وتمكينهم من الاستفادة من برامج التضامن والتنمية الاجتماعية.
كما تهدف إلى تسهيل الدخول إلى مسار التكوين المهني وسوق العمل.
صرامة وإنسانية
وفي مقابل هذه الاستراتيجية الإنسانية الشاملة، تواجه المملكة المغربية بصرامة محاولة استخدام أراضيها كوسيلة للعبور غير الشرعي نحو أوروبا.
وفي هذا الصدد، يوضح بلوان، أن المغرب أظهر فاعلية كبيرة في مواجهة محاولات الهجرة غير الشرعية، على الرغم من غياب المواكبة اللازمة من شركائه المتوسطيين من جهة، ومحدودية الموارد المتاحة من جهة أخرى.
ويسوق المتحدث مجموعة من الأرقام، كإحباط المغرب أكثر من 360 ألف محاولة هجرة غير شرعية منذ العام 2017، وتفكيك حوالي 1300 شبكة لتهريب البشر. في التزام كامل بالمواثيق الدولية والقوانين الجاري العمل بها على المستوى الدولي، وبالأخص احترام الكرامة الإنسانية.
الأكثر من ذلك أن المغرب يوفر حماية كبيرة لضحايا هذه المافيات المُتاجرة بالبشر.
وأرجع بلوان هذا التعامل الإنساني إلى المقاربة الحقوقية التي يعتمدها المغرب بتعليمات ملكية، وهو ما يشهد به المهاجرون غير الشرعيين الذين أنقذتهم السلطات المغربية المختصة، والذين يناهزون 15 ألف شخص خلال العام الجاري فقط.