خطة إعادة هيكلة «البنتاغون».. تغيير بـ«خريطة الانتشار» وميزان النفوذ
تتجه وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، نحو تبنّي خطة واسعة لإعادة هيكلة القيادة العسكرية العليا، في خطوة من شأنها إحداث تحوّل عميق بميزان النفوذ.
وتهدف الخطة، في حال إقرارها، إلى تقليص عدد القيادات العليا وإعادة توزيع الصلاحيات بين كبار القادة، بما ينسجم مع توجهات إدارة الرئيس دونالد ترامب الرامية إلى تقليص التواجد العسكري في الشرق الأوسط وأوروبا، وتحويل الموارد والتركيز إلى مناطق أخرى، ولا سيما نصف الكرة الغربي.
وبحسب مصادر مطلعة، يعمل مسؤولون كبار في البنتاغون على إعداد مقترح يقضي بخفض مكانة عدد من القيادات الإقليمية الرئيسية، وإخضاعها لإطار تنظيمي جديد، ضمن عملية دمج كبرى يقودها وزير الدفاع بيت هيغسيث.
ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها واحدة من أعمق محاولات إعادة تنظيم هرم القيادة العسكرية الأمريكية منذ عقود، وتعكس رغبة معلنة لدى هيغسيث في القضاء على ما يصفه بـ«الوضع القائم» وتقليص عدد الجنرالات من رتبة 4 نجوم.

وتشير الخطة، وفق مصادر عدة، إلى تقليص الدور المستقل لكل من القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، والقيادة الأوروبية (يوركوم)، والقيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)، من خلال وضعها تحت إشراف كيان جديد يُقترح أن يحمل اسم «القيادة الدولية الأمريكية».
ويُتوقع أن يقدّم رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال دان كاين، تفاصيل هذا المقترح إلى وزير الدفاع خلال أيام، في إطار مسار يُنظر إليه على أنه مكمّل لجهود أوسع تبذلها الإدارة لإعادة توجيه الأولويات العسكرية الأمريكية.
وتؤكد المصادر، أن هذه التغييرات المحتملة تأتي في سياق استراتيجية أشمل تهدف إلى تقليص الالتزامات في الشرق الأوسط وأوروبا، مقابل توسيع نطاق العمليات العسكرية في نصف الكرة الغربي.
وقد تحدثت هذه المصادر بشرط عدم الكشف عن هويتها، نظراً إلى أن النقاشات لا تزال جارية، ولم تُعرض الخطة رسمياً بعد على وزير الدفاع.
وتتضمن الخطة أيضاً إعادة تنظيم القيادة الجنوبية الأمريكية والقيادة الشمالية الأمريكية، المسؤولتين عن العمليات العسكرية في الأمريكتين، ووضعهما تحت قيادة موحدة جديدة تُعرف باسم «القيادة الأمريكية للأمريكيين».
كما جرى في وقت سابق بحث إنشاء قيادة خاصة بالقطب الشمالي تكون تابعة لهذا الكيان، غير أن هذا المقترح تم التخلي عنه لاحقاً.
وإذا ما نُفذت هذه التغييرات، فإن عدد القيادات القتالية العليا في الجيش الأمريكي سينخفض من 11 إلى 8 قيادات فقط، مع تقليص موازٍ في عدد الجنرالات والأدميرالات من رتبة 4 نجوم الذين يرفعون تقاريرهم مباشرة إلى وزير الدفاع.
وستشمل القيادات المتبقية كلاً من قيادة المحيطين الهندي والهادئ، والقيادة السيبرانية، وقيادة العمليات الخاصة، وقيادة الفضاء، والقيادة الاستراتيجية، وقيادة النقل.
ويرى مطلعون أن هذا التوجه يتماشى مع استراتيجية الأمن القومي التي أصدرتها إدارة ترامب أخيراً، والتي شددت على أن الولايات المتحدة لم تعد معنية بالاضطلاع بدور «العمود الفقري الوحيد للنظام العالمي»، في إشارة إلى ضرورة تقليص الأعباء العسكرية العالمية وإعادة ترتيب الأولويات.
ووفق مسؤول دفاعي رفيع، جاءت هذه المبادرة استجابة لطلب تقدّم به هيغسيث في الربيع الماضي لإيجاد سبل أكثر فاعلية لتحسين آليات القيادة والسيطرة، وسط قناعة متنامية بوجود «تآكل» في فاعلية النظام الحالي، ما يستدعي تغييرات جذرية وسريعة.

غير أن هذه الطموحات لم تمر من دون اعتراضات. إذ عبّر وزير الدفاع الأسبق تشاك هيغل عن قلقه من تداعيات الإفراط في دمج القيادات، محذراً من أن العالم يزداد تعقيداً، وأن توحيد الهياكل قد يضعف القدرة على الاستجابة المبكرة للأزمات الإقليمية.
وأكد أن اختلاف التهديدات والاحتياجات من منطقة إلى أخرى يستدعي الحفاظ على قدر من الاستقلالية والمرونة في القيادات العسكرية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز