خبراء عسكريون يستبعدون مواجهة مباشرة بين واشنطن وطهران
خبراء عسكريون يقولون إن استهداف قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، بمثابة توجيه ضربة مباشرة للمرشد الإيراني ولسياسته في المنطقة.
استبعد خبراء عسكريون حدوث مواجهة عسكرية شاملة بين الولايات المتحدة وإيران، لكن الأخيرة ستعتمد الرد عبر أذرعها العسكرية.
و أكد الخبراء في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن عملية قتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني، في بغداد "تحول دراماتيكي" في نمط الصراع بين واشنطن وطهران، عبر التصعيد العسكري المباشر الذي يهدف لردع سلوك النظام الإيراني في المنطقة.
- ترامب: سليماني كان مسؤولا عن قتل إيرانيين وأمريكيين
- محللون: حزب الله لن يجرؤ على الرد العسكري على مقتل سليماني
وأوضحوا أن استهداف سليماني بمثابة توجيه ضربة مباشرة للمرشد الإيراني علي خامنئي، ولسياسته في المنطقة.
كانت الولايات المتحدة قد شنت غارة جوية، فجر الجمعة، على موكب يضم سيارتين، إحداهما تقل قاسم سليماني خلال زيارة له لبغداد.
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، الجمعة، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمر بتنفيذ الضربة التي استهدفت سليماني.
وبحسب بيان "البنتاجون" استهدفت غارة أمريكية سليماني وكبار قادة الحشد الشعبي لردع خطط الهجمات الإيرانية المستقبلية، لافتاً إلى أن قائد فيلق القدس كان يطور خططاً لمهاجمة الدبلوماسيين الأمريكيين في العراق والمنطقة.
تحول دراماتيكي
الخبير الاستراتيجي اللبناني العميد المتقاعد ريشار داغر قال، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن مقتل سليماني يشكل "تحولاً دراماتيكياً" في نمط الصراع المحتدم بين الولايات المتحدة وإيران، حيث أصبحت المواجهة بينهما مفتوحة على الاحتمالات كافة.
وأوضح "داغر": "مقتل سليماني تحول وتطور كبير سيشكل نوعاً من الردع لسلوك إيران في المنطقة، وفي المقابل قد يشكل نوعاً من التحفيز أكثر لطهران يدفعها لاستنفار أذرعها في الخارج لمواجهة الولايات المتحدة، كخيار بديل عن المواجهة العسكرية المباشرة التي لن تكون بمقدورها تحمل تكلفتها".
وأكد الخبير العسكري اللبناني أن اللجوء للأذرع واستنفارها لمواجهة الأهداف الأمريكية، سوف يؤجج الصراع في الشرق الأوسط، وسيزيد الحاجة الإيرانية لأذرعها كخيار بديل عن مواجهة أمريكا في المنطقة.
وحول تداعيات مقتل سليماني على الأذرع الإيرانية في الشرق الأوسط، قال داغر: "تقليم أظافر أذرع طهران في المنطقة هو هدف دائم للولايات المتحدة، بل هى غاية في حد ذاتها، لكن يصعب القول إن كان هذا الهدف سيتحقق أم لا".
4 دلالات لاستهداف سليماني
داغر فسر دلالات مقتل سليماني وآخرين في الغارة الأمريكية بالقرب من مطار بغداد، قائلاً: "الدلالة الأولى أن إدارة ترامب اتخذت قراراً كبيراً باعتماد التصعيد العسكري المباشر ضد إيران خلافاً لما كانت عليه الحال منذ أسابيع، خاصة عقب توجيه ضربات عسكرية كبيرة لمقرات تابعة للحشد الشعبي العراقي منذ أيام، وأمس ضربة مباشرة لشخصية عسكرية وأمنية كبيرة تمثل الكثير لإيران، فضلاً عن التصعيد الاقتصادي ضد إيران منذ شهور.
وأوضح: "باستعراض تاريخ الصراع بين الدولتين، فإن واشنطن كانت تعتمد النمط الهادئ في التعامل، بدليل عدم الرد الأمريكي المباشر على إسقاط إيران لطائرة مسيرة أمريكية، كما لم ترد على استهداف طهران لمنشآت آرامكو السعودية؛ خلافاً لتوقعات الحلفاء".
ضربة مباشرة لخامنئي
وقال "داغر" إن الدلالة الثانية لهذا التطور تؤشر على تحول كبير في نمط المواجهة من المستوى التكتيكي العادي للمستوى الاستراتيجي الكبير، عبر تصفية رؤوس إيرانية كبيرة، وهو أمر له رمزيته الخاصة.
وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير اللبناني أن سليماني هو الرجل الأول للمرشد الإيراني علي خامنئي، في العراق وفي الشرق الأوسط، فهو من ينفذ السياسات ويديرها، والمسؤول الأول عن جميع الأذرع العسكرية والأنشطة التي تقررها إيران في الخارج، ومقتل سليماني بمثابة توجيه ضربة مباشرة للمرشد الأعلى وللسياسة الإيرانية في المنطقة.
أما الدلالة الثالثة لاستهداف سليماني، فهو الرغبة الأمريكية في التأكيد على أن الوجود الأمريكي في العراق خط أحمر، ولن تسمح إدارة ترامب بالمساس به في الحاضر والمستقبل، أو محاولة تغيير التوزانات القائمة، وفقاً لداغر.
والرسالة الرابعة من مقتل سليماني – يقول داغر – فهي توجيه رسالة دعم وتأكيد لحلفاء واشنطن في المنطقة، بأن بمقدورهم الاعتماد على القوة الامريكية، وأنها لن تخذلهم.
مرحلة جديدة من التوترات
وماذا بعد استهداف الرجل الأول للمرشد الإيراني في المنطقة؟ يجيب داغر: "نحن على مشارف مرحلة جديدة أعلى وأخطر من التوترات ستطال دول المنطقة، لا سيما في العراق وسوريا واليمن وربما لبنان، خاصة أن الإدارة الأمريكية عازمة على تقليم أظافر إيران في المنطقة".
وأردف: "المواجهة أصبحت مفتوحة على جميع الاحتمالات، حيث أعلنت واشنطن أنها لن تتردد في القيام بأي عمل عسكري رداً على أي محاولة لضرب الحضور الأمريكي في المنطقة والعراق بشكل خاص".
وبشأن سيناريورهات الرد الإيراني، قال الخبير الاستراتيجي: نحن قادمون على مرحلة جديدة من المواجهات، اليوم بالعراق 5 آلاف جندي أمريكي معرضون للاستهداف، وربما يأتي الرد الإيراني في مناطق أخرى.
الرد عبر الأذرع العسكرية
وقال داغر إن "طهران تشعر بحجم الضربة ومستوى التحول الأمريكي في سياستها ضدها، والمرجح أن تبقى إيران على سياستها في عدم المواجهة المباشرة، واعتماد الرد عبر أذرعها العسكرية".
لكن "الخبير اللبناني" استبعد حدوث مواجهة شاملة بين واشنطن وطهران، قائلاً: "سيظل الصراع محكوماً بالضوابط وبردود الأفعال المنتقاة بدقة، ومع هذا فإن ردود الفعل المحسوبة يمكن أن تتحول لمواجهة شاملة في حال حدوث خطأ في الحسابات، وعدم تقدير العواقب من قبل إيران تحديداً".
وكان خامنئي قد هدد بـ"رد قاس" على العملية الأمريكية التي استهدفت وقتلت سليماني، وأبومهدي المهندس، نائب رئيس الحشد الشعبي في العراق.
استهداف أهداف أمريكية
العميد خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، استبعد أيضاً اندلاع حرب شاملة بين البلدين، قائلاً لـ"العين الإخبارية" إن طهران لن تدخل في حرب مفتوحة مع واشنطن، بل ستعمل على استهداف أهداف أمريكية في العراق، التي تعتبر بمثابة أرض النار للصراع الأمريكي- الإيراني.
ورأى عكاشة أن هناك "ساحات أخرى مرشحة للرد الإيراني على استهداف سليماني، مثل سوريا".
وأكد أن العملية الأمريكية كما كانت كبيرة في رمزيتها ودلالتها، ستسعى طهران للرد بعملية نوعية لن تكون في شكل تقليدي، من أجل محاولة استعادة هيبتها أمام شعبها وجمهورها.
ورداً على تأثير مقتل سليماني على تقليم أظافر الأذرع الإيرانية في المنطقة، قال عكاشة: "واشنطن بحاجة لخطة محكمة واستراتيجية للتعامل مع هذا الأمر، وهو ما ستكشف عنه الأيام المقبلة".
وأشار مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية إلى أن إدارة الرئيس ترامب تعاملت من قبل مع تمدد الأذرع الإيرانية بقدر من التراجع وردود الأفعال الباهتة، بل قدر كبير من الاستخفاف.
وبيّن أن الغارة الأمريكية على موكب سليماني جاءت عقب الهجوم الإيراني على سفارة أمريكا في العراق، بعد أن أرادت طهران نقل الصراع مع أمريكا لمستوى متقدم، بتصعيد غير تقليدي لكنها لم تكن تعلم درجة وقوة الرد الأمريكي.
تغيير قواعد اللعبة
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، الخبير بالشؤون الأمريكية عبدالله الشايجي عبر حسابه الرسمي على موقع "تويتر"، اليوم، إن قواعد اللعبة تغيرت كلياً بعد استهداف سليماني في عملية هى الأكثر إيلاماً لإيران.
وتابع: "سقطت الترتيبات والاتفاقيات غير المعلنة بين الولايات المتحدة وإيران، بعد أن قلب ترامب الطاولة، ولم يعد الأمر مجرد مسرحية وتبادل أدوار، وذلك من أجل إبقاء المنطقة مشتعلة".
وبمقتل سليماني، المدرج على قوائم الإرهاب دولياً منذ عام 2011، يسدل الستار على ذراع النظام الإيراني لنشر الفوضى والتخريب في المنطقة، والعقل المدبر للإرهاب الإيراني، والمسؤول عن قمع المتظاهرين في سوريا والعراق ودعم المليشيات الإرهابية في المنطقة.
ويقود سليماني منذ 22 عاماً فيلق القدس، المسؤول عن المخططات التخريبية والعمليات السرية ونشر الإرهاب والعنف خارج الحدود الإقليمية لإيران.
aXA6IDE4LjExOS4xNDMuNDUg
جزيرة ام اند امز