جزار إيران الذي عفا عنه صدام.. "الفياض" ثالث ثلاثة أغضبوا واشنطن
فالح الفياض رجل الظل والشخصية الغامضة التي بقيت بعيدةً عن الأضواء والإعلام رغم الدور الخطير الذي لعبه في حقبة تاريخ العراق ما بعد 2003.
أعلنت واشنطن، الجمعة، فرض عقوبات على الفياض الذي يرأس هيئة مليشيا الحشد الشعبي العراقي لاتهامات تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان.
وقال وزير الخزانة الأمريكي، ستيفن منوتشين، إن "فالح الفياض يشن حملات على المجتمع المدني والديمقراطية في العراق"، موضحا أن "ذلك يتم من خلال التوجيه والإشراف على قتل المتظاهرين العراقيين المسالمين، من قبل المسلحين والسياسيين المتحالفين مع إيران"، فمن هو فالح الفياض؟
تقلبات سياسية
شغل فالح الفياض مناصب حساسة تختص بالأمن وفصائل المليشيات التي ينحدر منها، ورغم التقلبات السياسية في العراق وتغير الحكومات إلا أنه كان بعيداً عن الإقصاء، قريباً جدا من مصادر صنع القرار، حتى بات مسؤولا على أكثر من مهمة في آن واحد.
ينحدر الفياض، من مناطق شمال شرقي بغداد، وهو حاصل على بكالوريوس في الهندسة، وحكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة الانتماء إلى حزب الدعوة عام 1980، قضى منها خمس سنوات، لكن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين أسقط عنه بقية الحكم خلال زيارة خاطفة إلى منطقته بعد مطالبة ذويه بالعفو عنه.
عام 2003، أصبح الفياض عضوا في "الجمعية الوطنية"، ومن ثم عضوا في أول برلمان عام 2005 عن القائمة الشيعية "الائتلاف الوطني العراقي".
بعدها انشق، القيادي في حزب الدعوة، عن الحزب وانضم لـ"تجمع الإصلاح" الذي يتزعمه، رئيس الوزراء الأسبق، إبراهيم الجعفري.
تولى الفياض في حكومة المالكي الأولى عام 2006، منصب وزير الدولة لشؤون الأمن، وفي عهد حكومة المالكي الثانية عام 2010، أصبح مستشارا لـ"الأمن الوطني" بصلاحيات واسعة مكنته من لعب أدوار مهمة داخليا وإقليميا.
كلفته الحكومة وقتها بالعديد من الموضوعات منها تلك المتعلقة بالمصالحة الوطنية، وكذلك العلاقات العراقية – العربية ودول الجوار، وإدارة ملفات العلاقات بين القوى السياسية المختلفة.
شغل الفياض أيضا مناصب أخرى منها رئيس اللجنة الفنية العليا لأمن الاتصالات والمعلومات، ونائب رئيس الهيئة الوطنية للتنسيق الاستخباري، ومسؤول لجنة إصدار البطاقة الوطنية.
عينه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، رئيسا للجنة المشتركة المتعلقة بمعسكر العراق الجديد (أشرف سابقا)، والذي كانت تقطنه المعارضة الإيرانية المعروفة بـ"منظمة مجاهدي خلق".
أدين الفياض من القضاء الإسباني، لدوره في قمع المعارضين الإيرانيين في "معسكر أشرف"، وأطلق الكثير من التصريحات ذات الطابع التهديدي ضدهم.
واستدعاه القضاء الإسباني للتحقيق معه في جرائم بحق المجتمع الدولي على خلفية هجومي عام 2011 و2013 على معسكر "أشرف".
لاحقا، وفي حكومة المالكي شغل الفياض 3 مناصب حساسة في وقت واحد، فقد عينه المالكي رئيسا لهيئة الحشد الشعبي (2018-2014)، ومستشارا للأمن الوطني، ووزيرا لوزارة الأمن الوطني.
وفي نهاية عهد حكومة العبادي في أغسطس/آب 2018، أقاله الأخير من جميع المناصب التي كان يتولاها، كونه شكل تكتلا سياسيا أطلق عليه اسم "العطاء"، والقانون العراقي يرفض ترؤس أي مسؤول أمني لحزب أو حركة سياسية.
وأكدت حركة "عطاء" بزعامة فالح الفياض، أنه "مع وضوح الدوافع ذات الطابع السياسي لإصدار قرار إعفاء الفياض من جهاز الأمن الوطني، وهيئة الحشد الشعبي، ومستشار الأمن الوطني، سيكون محلا لاتباع الإجراءات القانونية للطعن به وفق السياقات القانونية والدستورية".
حرب شيعية-شيعية
أعادت المحكمة الاتحادية الفياض إلى جميع مناصبه في أكتوبر/تشرين الأول 2018، في عهد رئيس الحكومة المقال عادل عبدالمهدي، بحجة أن "المسوغ الذي وضعه العبادي لإقالة الفياض غير مقنع ولا قانوني ولا يستند إلى فقرات الدستور".
إعادة الفياض إلى مناصبه أشعلت حربا شيعية–شيعية، بسبب تمسك أطراف عراقية موالية لإيران بتنصيبه وزيرا للداخلية، بعدما رفض تحالف "سائرون" المدعوم من زعيم التيار الصدري إعطاءه أي منصب حكومي في حكومة عبدالمهدي.
ويحظى الفياض بدعم تحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري، الذي يعتبر أقرب تشكيل سياسي عراقي إلى إيران، إضافة إلى علاقته القوية بالمرشد الإيراني علي خامنئي وقادة طهران.
وتقول المعارضة الإيرانية: "الفياض مسؤول عن مقتل 52 عضوا من مجاهدي خلق في عملية إبادة جماعية على أيدي المجرمين المرسلين من قبل المالكي والفياض بتوجيه من قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني".
ثالث ثلاثة
ثلاث من قيادات الأذرع الإيرانية في العراق أغضبوا واشنطن؛ هم قاسم سليماني وأبو المهدي المهندس وفالح الفياض؛ حيث تمكنت قبل عام من تصفية الأول والثاني؛ وفرضت اليوم الجمعة عقوبات على الثالث.
فعقب اقتحام أنصار الحشد الشعبي مبنى السفارة الأمريكية ببغداد، في 31 ديسمبر/كانون الأول 2019، كان الفياض برفقة عدد من زعماء المليشيات العراقية يدعمون هذه الخطوة ويقفون على مقربة من السفارة.
لكن هذه الخطوة استفزت الولايات المتحدة، ودفعت وزير الخارجية مايك بومبيو إلى إطلاق تغريدة مطلع يناير/كانون الثاني 2020، قال فيها: "هجوم اليوم جرى تنسيقه من قبل إرهابيين -أبومهدي المهندس وقيس الخزعلي- وبدعم من حليفين لإيران، هادي العامري وفالح الفياض".
وأضاف حينها بومبيو: "جرى تصويرهم جميعا أمام سفارتنا".
تغريدة الوزير الأمريكي كانت بمثابة تهديد صريح لهؤلاء الأربعة، فلم يمضِ سوى يومين حتى شنت القوات الأمريكية هجوما بطائرة مسيرة قرب مطار بغداد الدولي قتلت فيه قائد مليشيا فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي أبومهدي المهندس.
اتهم بالضلوع وراء عمليات القتل والخطف التي طالت متظاهري ونشطاء الحركة الاحتجاجية التي انطلقت في أكتوبر 2019، ضد المليشيات وتنديداً بالفساد الذي اكتسح أغلب مؤسسات الدولة.
وفي الـ4 من يوليو/تموز 2020 ، أعفى رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي مستشار الأمن الوطني فالح الفياض من منصبه، وتم تعيين قاسم الأعرجي القيادي في تحالف الفتح بدلاً منه.
aXA6IDMuMTQ3Ljg2LjE0MyA= جزيرة ام اند امز