"اليوم الدولي للألغام".. فخاخ الحوثي "قاتل أعمى" باليمن
في بلدة "آل حميقان"، بمحافظة البيضاء، دخلت سيدة مزرعتها قرب المنزل قبل أن ينفجر لغم حوثي مزق جسدها إلى أشلاء، وذلك أمس الأحد.
وتعد زوجة اليمني "صالح الحميقاني"، هي أحدث ضحية لفخاخ مليشيات الحوثي التي تستخدم الألغام الأرضية والمضادة للأفراد ضد أشياء ضرورية للبقاء ما تسبب بتفاقم الأزمة الإنسانية وتسبب في تجويع المدنيين.
ويصادف اليوم 4 أبريل/ نيسان الجاري، احتفال العالم باليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام، حيث اليمن يتصدر دول العالم كأكبر حقل للألغام الحوثية منذ الحرب العالمية الثانية.
ورغم سريان هدنة الأمم المتحدة الإنسانية التي دخلت يومها الثالث، إلا أن مليشيات الحوثي تستمر في زرع الألغام المضادة للأفراد والتي يرقى استخدامها إلى جرائم الحرب.
وليست زوجة الحميقاني هي الضحية الأولى، ففي أول الشهر المبارك لدى دخول الهدنة الإنسانية حيز التنفيذ، انفجر لغم حوثي بمركبة مدنية في صحراء مديرية "خب والشعف" في الجوف (شرقي البلاد) ما أدى إلى مقتل مدني وإصابة آخرين، وفق مصدر حقوقي لـ"العين الإخبارية".
ووفقا لمشروع رصد الأثر المدني في الأمم المتحدة، فإن الألغام الأرضية للحوثيين تسببت في وقوع نحو 9 آلاف ضحية في صفوف المدنيين منذ بداية الانقلاب أواخر 2014 و284 ضحية في 2020، من بينهم 55 طفلا.
ومنذ بداية 2021، وحتى 4 أبريل 2022، وثق المرصد اليمني للألغام، وهو منظمة حقوقية معنية برصد ضحايا الألغام، مقتل وإصابة 363 مدنيا بينهم نساء وأطفال، إثر الألغام الأرضية والعبوات الناسفة للمليشيات الحوثية.
وبالتزامن مع سريان هدنة لمدة شهرين باليمن، ومرور "اليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام" وجه المرصد الحقوقي مناشدة للمبعوث الأممي إلى البلاد هانس غروندبرغ للضغط على مليشيات الحوثي، بتسليم خرائط الألغام فورا.
وأشار المرصد في بيان، اطلعت "العين الإخبارية" نسخة منه، إلى أن مليشيات الحوثي تستخدم الألغام في مناطق مرور المدنيين كالطرق وغيرها، ما يعد تسليمها للخرائط خطوة إنسانية ملحة، ويمكن أن تسهم في وقف النزيف اليومي لحياة اليمنيين.
عرقلة مصادر العيش
واستخدام مليشيات الحوثي الألغام الأرضية المضادة للأفراد يعد انتهاكا صارخا لاتفاقية حظر الألغام لعام 1997، والتي اليمن طرف فيها.
وبحسب المرصد اليمني للألغام، في بيان، فإن شبكات الألغام العشوائية للحوثيين تسببت في خروج مساحات زراعية واسعة عن الإنتاج، وتعطل مشاريع تنموية، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية لمجتمعات محلية ذات احتياج شديد.
كما تهدد الألغام البحرية التي نشرها الحوثيون في البحر الأحمر، حركة الملاحة التجارية الدولية وحياة الصيادين التقليديين، وفقا للبيان.
ولفت إلى أن عملية التلغيم العشوائية التي يقوم بها الحوثيون، وعدم تفريقهم بين الهدف العسكري من المدني، واستخدام العبوات المموهة والمتفجرات ذات التقنيات الحديثة، تمثل تهديدا كبيرا على سلامة المدنيين حاضرا ومستقبلا، وتعقد جهود الفرق الفنية في إزالة هذا التلوث.
وكشف البيان عن توثيق المرصد الحقوقي منذ مطلع العام الماضي، مقتل 176 مدنيا منهم 25 طفلا و9 نساء و6 من العاملين في مجال نزع الألغام، فضلا عن سقوط 187 جريحا مدنيا منهم 83 طفلا و12 امرأة واثنين من العاملين في نزع الألغام.
كما تعرضت 43 مركبة مدنية لتدمير كلي أو جزئي، وكذا 32 دراجة نارية، ونفوق 213 رأسا من الماشية، طبقا للبيان.
القاتل الأعمى
وفي اليوم العالمي للتوعية بخطر الألغام، أطلق المركز الأمريكي للعدالة، منظمة غير رسمية، تقريره المعنون "الألغام: القاتل الأعمى"، الذي يرصد ويوثق حالات القتل والإصابة وتدمير الممتلكات، بفعل الألغام التي انفردت مليشيات الحوثي بزراعتها.
وبخلاف الأرقام المفزعة التي نشرتها تقارير أممية ورسمية يمنية مؤخرا، أشار التقرير تلقت "العين الإخبارية" ملخص منه، إلا أنه منذ يونيو 2014 إلى فبراير 2022، قتل نحو 2526 من المدنيين منهم 429 طفل و217 امرأة.
كما أصيب 3 آلاف و286 آخرين منهم 723 طفلاُ و220 امرأة في عدد 17 محافظة يمنية، وقد تعرض 75% للإعاقة الدائمة أو التشويه الملازم لهم طيلة حياتهم.
وأشار التقرير إلى أن مليشيات الحوثي تمارس زراعة الألغام الفردية والمحلية المصنعة محليا بشكل ممنهج في كافة المواقع العسكرية التي تسيطر عليها وفي المناطق والطرق التي تنسحب منها بطرق عشوائية دونما أي ضرورة عسكرية.
وبحسب التقرير فقد وثق تدمير نحو 425 من وسائل النقل الخاصة المختلفة بشكل كلي و163 بشكل جزئي بسبب الألغام الأرضية، كما قتلت الألغام الحوثية 33 من العاملين في مشروع مسام السعودي لنزع الألغام في اليمن منهم 5 خبراء أجانب وإصابة 40 خبيرا آخرين.
وكشف عن تدمير ألغام مليشيات الحوثي نحو 334 مزرعة بشكل كلي ونفوق عدد 2158 حالة للمواشي، فضلا عن توثيق عشرات الحالات لزراعة الانقلابيين الألغام الفردية المحرمة دوليا في الطرقات والمراعي والمنازل وآبار مياه الشرب.
كما زرعت مليشيات الحوثي الألغام في القرى والأرياف ما منع وأعاق وصول المساعدات الإنسانية للفئات الأقل ضعفاً، وأعاق وصول الأطفال للمدارس، كما أجبرت المدنيين على النزوح القسري من منازلهم.
وقدم التقرير عدة توصيات، منها للحكومة اليمنية باتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة لمحاسبة المسؤولين الحوثيين عن زراعة الألغام الفردية أو الخاصة بالمركبات بوصفهم منتهكي حقوق الإنسان؛ أمام القضاء الوطني والدولي.
كما أوصى المجتمع الدولي بإدراج القيادات العسكرية للحوثيين "المتورطين بجرائم قتل المدنيين بالألغام" ضمن لائحة العقوبات الصادرة عن مجلس الأمن، مشددا على ضرورة فتح تحقيق مستقل بشأن استخدام الانقلابيين للألغام بشكل مفرط وعشوائي دون ضرورة عسكرية وبالمخالفة لنصوص اتفاقية أوتاوا 1997.