تدشين موقع كنيسة ودير صير بني ياس في الإمارات
كنيسة ودير صير بني ياس تعود إلى القرنين السابع والثامن الميلادي، واستمرت في الازدهار حتى بعد انتشار الإسلام في المنطقة.
دشّن الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح الإماراتي، الخميس، رسميا، موقع كنيسة ودير صير بني ياس، أول موقع مسيحي يتم اكتشافه في الإمارات، بعد انتهاء عمليات الحفاظ على الموقع وتجهيزه من قبل دائرة الثقافة والسياحة-أبوظبي لاستقبال الوفود السياحية والزوار.
- إنفوجراف.. صير بني ياس أقدم دير مسيحي في الخليج العربي
- دير جزيرة صير بني ياس.. شاهد تاريخي على التسامح الديني في الإمارات
وقال الوزير: "شهد موقع كنيسة ودير صير بني ياس اهتماما كبيرا من قبل المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان؛ نظرا لقيمته التراثية والثقافية العميقة باعتباره دليلا تاريخيا مهما وجزءا من التراث الحضاري للإمارات؛ حيث وجّه بالحفاظ على الموقع وترميمه والعمل على تحسينه فور ظهور الدلائل الأولى على وجود آثار مسيحية في جزيرة صير بني ياس".
وتابع: "لعب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان دورا فعّالا في دعم عمليات التنقيب عن الآثار والدراسات والبحوث المتعلقة بالتاريخ والتراث، فكان يرحّب بالبعثات الأثرية للتنقيب في الإمارة، إضافة إلى تأسيسه متحف العين قُبيل قيام الإمارات ليضم المكتشفات الأثرية لهذه البعثات وكل ما أسفرت عنه من قطع تاريخية تقدّم لنا دلالات ثقافية غنية على نمط حياة المجتمعات التي قطنت في المنطقة من قبلنا".
وأضاف: "مكنتنا كنيسة ودير صير بني ياس من فهم تاريخنا القديم من منظور جديد، قائم على الفهم المعمق للتسامح وقبول التنوع الإنساني والذي يركّز على أهمية تبادل الحوار مع الثقافات الأخرى ومد جسور التواصل، حيث يجسد الموقع إحدى أعمق صور القبول بالآخر والتنوع الحضاري، وذلك بالتزامن مع عام التسامح، والذي انطلق هذا العام مع الزيارة التاريخية لقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، للإمارات".
وحضر التدشين محمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة-أبوظبي، وسيف سعيد غباش وكيل دائرة الثقافة والسياحة-أبوظبي، بجانب جمع من الخبراء بالآثار والتراث والإعلاميين ورجال الدين.
وتجول الحضور في الموقع واستمعوا إلى شرح عن الأهمية التاريخية للموقع ومميزاته الآثارية والمرافق والخدمات الجديدة التي يوفّرها.
وقال محمد خليفة المبارك إن حماية المواقع الأثرية مهمة كبيرة ذات تعقيدات وارتباطات عديدة تشمل صيانتها، وتهيئتها للعرض، وتفسيرها، وإدارتها بشكل عام.
وأشار إلى أن منصة الزوار الجديدة في موقع كنيسة ودير صير بني ياس تعد من أحدث الإجراءات الوقائية التي تعكس خبرة دائرة الثقافة والسياحة في مجال الحفاظ على التراث والتزامها بتحقيق حماية مستدامة وطويلة المدى للمواقع الأثرية.
وتعود كنيسة ودير صير بني ياس إلى القرنين السابع والثامن الميلادي، واستمرت في الازدهار حتى بعد انتشار الإسلام في المنطقة، وتم اكتشاف مباني الموقع عام 1992، تبعها العديد من أعمال التنقيب لاستكشاف المهاجع الشرقية والشمالية بالدير والكنيسة والسور المحيط والمنازل ذات الفناء، وفي عام 1994 ثبت أن المخطط المعماري للموقع يعود لكنيسة.
ويتمتع موقع كنيسة ودير صير بني ياس بأهمية استثنائية، لذلك تم إجراء التدخلات المقررة بعناية للحفاظ على الموقع منذ الانتهاء من أعمال التنقيب الأثري الأولى، حيث تم بناء منصة للزوار فوق الكنيسة عام 2010، بينما تمت إعادة دفن معظم الدير.
وخلال الفترة بين عامي 2015 و2016، استكملت دائرة الثقافة والسياحة-أبوظبي، وضع خطة للحفاظ على موقع الكنيسة كجزء من خطة أوسع لإدارة الجزيرة بأكملها، وتعتبر هذه الخطة فرصة لجمع معلومات عن الموقع وتقييم حالته إضافة إلى وضع سياسات لأعمال الحفر والأبحاث المستقبلية، وأعمال الترميم والإدارة والحفاظ على مظهر الموقع.
وخلال عام 2018، شرعت دائرة الثقافة والسياحة في تصميم وتنفيذ حلول جديدة لحماية الموقع والتي من شأنها ضمان الحفاظ على البقايا الأثرية للموقع من المخاطر البيئية الحالية، والتقليل من التأثير البصري والمادي عليها، وكذلك تعزيز تجربة الزوار.
وتتحلى منصة الزوار بتصميم متخصص للغاية يتسّم بالمرونة والقابلية للعكس بهدف توفير حماية فعّالة وشاملة ضد المطر والحرارة والرمال والرياح وتعشيش الطيور.
وتتضمن نظام تصريف للمياه مع مسار مرتفع للمشاة تتخلله نقاط شرح تدعم فهم الزائر وتقديره لتفاصيل الموقع كما تم تصنيع وحدات التظليل الخاصة بالمنصة بسقف مصنوع من مادة التفلون "PTFE"، وهي مادة شديدة التحمل توفر الإضاءة الطبيعية ودخول الهواء، وتم تصميمها بحيث لا تصعّب نظر الزوار، بينما يمكن توسيعها في المستقبل إذا تم العثور على اكتشافات جديدة حول الموقع، وتم أيضا تزويد المنصة بإضاءة صناعية لاستقبال الجولات المسائية. وتشمل التحسينات الأخرى طريق وصول جديد ذا تربة مستقرة صديقة للبيئة، وسياجا جديدا لمنع دخول الحيوانات البرية والرمال، والذي تم تصميمه انسجاما مع سائر الموقع.
ومع المنصة الجديدة والبقايا الأثرية المكتشفة التي مرت بعمليات إصلاح وتهيئة للعرض وتخضع لبرنامج مستمر للعناية والحفاظ عليها، أصبح الدير مفتوحا لاستقبال الزوار وتعريفهم بماضٍ كان على وشك الاندثار حيث توفر هذه البقايا، ومعظمها من غرف النوم الشمالية، منظورا جديدا للحياة اليومية التي شهدها هذا الدير.