«وزارة المستقبل».. الخيال العلمي يرسم الطريق لمواجهة أزمة المناخ في COP30
في لحظة عالمية تتقاطع فيها الكوارث المناخية مع الأزمات الصحية والانهيارات البيئية، يبرز مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP30 كمختبر سياسي يبحث عن حلول جذرية تعيد توجيه مسار البشرية نحو مستقبل آمن ومستدام، رغم تعقيد المشهد.
ومع تصاعد التحذيرات من الانقراضات المتتالية، والعواصف القاتلة، واضطراب الأنظمة البيئية، تتلاقى رؤية الخيال العلمي مع الواقع القاسي، إذ تتقاطع أحداث رواية "وزارة المستقبل" مع ما يحدث فعليًا في بيليم، حيث تبدو بعض الأفكار الخيالية وكأنها ضرورة مُلحة وليست مجرد سرد أدبي.
في عام 2025، وعلى وقع سلسلة من الكوارث المناخية والانقراضات والأوبئة وتغول القوى الاقتصادية، قرر مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (COP30) أن الوقت حان لاتخاذ خطوة ثورية: إنشاء منظمة دولية قوية تعنى بالدفاع عن جميع الكائنات الحية، الحاضرة والمستقبلية.
هذه الفكرة، التي تبدو اليوم جذرية، ليست سوى خلاصة رواية "وزارة المستقبل" للكاتب الأمريكي كيم ستانلي روبنسون، التي نشرت قبل خمسة أعوام كعمل خيال علمي، لكنها بدت في 2025 أقرب إلى "خطة نجاة كوكبية" أكثر منها خيالا أدبيا.
ومع أن العالم الحقيقي لا يُظهر أي بوادر لإنشاء “وزارة عالمية عليا”، فإن روبنسون، الذي يزور بيليم خلال انعقاد المؤتمر، يؤكد أن المفاوضات الدولية تبقى الأمل الأكثر واقعية لحماية الحياة على الأرض. ورغم ما يعتري هذه العملية من بطء وتعقيد، فإنه يرى أن الكلمات والنقاشات -وليس العنف أو الصمت- هي خط الدفاع الأخير ضد الفوضى.
يقول روبنسون، مقتبسًا من روايته: "إذا تخلّيت عن الكلمات والجمل، ستجد نفسك في عالم العصابات واللصوص".
وعندما كتب الرواية في 2019، لم يكن قد حضر أي مؤتمر مناخي سابق، لكن مشاركته في COP26 عام 2021 منحته إدراكا أعمق لطبيعة الشبكة المعقدة للمفاوضات متعددة الأطراف. ويوضح أنه من السهل الشعور بالإنهاك، لكن المطلوب هو إدراك أن كل فرد مجرد "عقدة" في شبكة أوسع، وأن العمل يجب أن يكون طويل النفس، وفقا للغارديان.
ويحذر الكاتب من الإرهاق المهني والشخصي لدى العاملين في المناخ، قائلا: "ستبقون في هذا العمل طوال حياتكم، ومن السهل أن تتعبوا، وأحيانا من فرط الاهتمام".
وتعد إحدى أكثر لحظات الرواية ظلاما تصويرها لنمط من السلوك يرى أن بعض البشر، عندما يشعرون بقرب نهايتهم، يختارون تعجيل نهاية العالم معهم. ويصف روبنسون هذا السلوك بأنه أحد مظاهر النرجسية المدمّرة، حيث يصبح الآخر غير مرئي تقريبًا في ذهن النرجسي، فلا يعود قادرًا على إدراك استمرار العالم بعد رحيله.
وفي تفسيره لهذا السلوك، قال في تعليقاته الأخيرة إن هذه الرؤية ساعدته على فهم قادة سياسيين معاصرين، بينهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي وصفه بأنه "نرجسي خبيث تتجلى في قراراته كل سمات الخوف وغياب الاعتراف بالآخر".
ورغم سوداوية الرواية، فإن روبنسون، المعروف بتوجهاته اليسارية وإيمانه بالعمل الجماعي والمشاعات العالمية، يرى إشارات على إمكانية التغيير. وقد عبّر عن ارتياحه لعودة لولا دا سيلفا إلى الحكم في البرازيل، معتبرًا أنها خطوة تؤكد إمكانية هزيمة اليمين المتطرف.
وبينما تبدأ روايته بمشهد كارثي مرعب لموجة حر مميتة، فإنها تنتهي بنبرة تفاؤلية. إلا أن نقل هذا المسار إلى العالم الحقيقي يظل أكثر صعوبة، فالساسة غالبًا ما يترددون في التضحية بمصالح الحاضر لصالح أجيال المستقبل.
لكن روبنسون يصرّ على قناعته الأساسية: ما يفيد المحيط الحيوي يفيد البشر، وما يؤذيه يؤذينا جميعًا.
ويربط هذا اليقين باكتشاف صادم تعلمه خلال عمله: نصف الحمض النووي داخل الإنسان ليس بشريًا. ويقول: "عندما تدرك أننا غابة، وأن أجسادنا نظام بيئي حي، يصبح واضحًا أن الكوكب امتداد لجسدنا. وصحة العالم هي صحتنا. ولا يمكن أن تقول سأقطع غابة إلا إذا كنت تعني أنني سأقطع ساقي".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE4IA== جزيرة ام اند امز