مساعدات أمريكا لأوكرانيا.. أين ذهبت الـ100 مليار دولار «المفقودة»؟

تصريحات أوكرانية مثيرة للجدل حول عدم تلقي كييف سوى 75 مليار دولار من أصل 175 مليار دولار من المساعدات الأمريكية، مما أثار تساؤلات حول مصير الـ100 مليار دولار الأخرى.
هل فقدت بسبب الفساد؟ أم أن الأموال اختفت بطريقة غامضة؟ تساؤلات طرحها الكثيرون، ليأتي الجواب سريعا بـ«لا»، فبحسب مع وكالة «أسوشيتد برس»، فإن كل المساعدات لم تذهب مباشرةً إلى أوكرانيا، بل استُخدمت أيضًا في أنشطة تتعلق بالحرب، مثل تدريب القوات الأوكرانية، والمساعدات الإنسانية العالمية، وتكاليف انتشار القوات الأمريكية الإضافية في أوروبا، والدعم الاستخباراتي لحلف الناتو وأوكرانيا.
ما سبب هذا الجدل؟
وفي مقابلة مع الوكالة الأمريكية، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: «عندما أسمع أن أمريكا قدمت لأوكرانيا مئات المليارات من الدولارات، 177 مليارًا على وجه الدقة.. يمكنني القول إننا تلقينا فقط أكثر من 75 مليارًا.. نحن نتحدث عن أمور محددة، لأننا لم نحصل عليها كأموال، بل في صورة أسلحة وتدريب، وبرامج إنسانية واجتماعية، إلخ.. لم نتلقَ 100 مليار دولار من هذه الـ177. وعندما يُقال إن أوكرانيا تلقت 200 مليار دولار لدعم الجيش، فهذا غير صحيح. لا أعرف أين ذهبت كل هذه الأموال».
كيف فُسر تصريح زيلينسكي؟
أثار تصريحه جدلًا واسعًا، حيث استغل البعض عبارته «لا أعرف أين ذهبت كل هذه الأموال» للتشكيك في مصير المساعدات. واشتعلت التعليقات على وسائل الإعلام بالاتهامات حول الفساد وسوء الإدارة، وبدأت التكهنات حول تورط وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) أو مسؤولين أوكرانيين، وحتى الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن.
كما انتشرت نظريات مؤامرة تزعم أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية دفعت أموالًا للمشاهير لزيارة أوكرانيا، حتى إن أعضاءً في الكونغرس وشخصيات بارزة، مثل إيلون ماسك، الذي يقود وكالة "الكفاءة الحكومية" ضخموا المخاوف بشأن إساءة استخدام المساعدات.
توضيحات أمريكية
لكن كيث كيلوغ، المبعوث الخاص لإدارة ترامب إلى أوكرانيا وروسيا، نفى هذه الادعاءات، مؤكدًا أن هناك حسابًا دقيقًا لكل الأموال، وأن معظم المخصصات تُنفق في الولايات المتحدة.
رغم ذلك، تركت القضية أثرًا في السياسة الأمريكية، حيث قال مساعدون جمهوريون في الكونغرس إن هذا الجدل قد يُعرقل تقديم مساعدات إضافية لأوكرانيا في المستقبل القريب.
إذن.. أين ذهبت الـ100 مليار دولار تحديدا؟
وفقا لتقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية هو أن هذه الأموال لم تختفِ، بل أنفقت في أنشطة مختلفة تتعلق بالحرب، وليس كلها في أوكرانيا مباشرةً.
ومنذ عام 2022، خصص الكونغرس 175.2 مليار دولار كمساعدات متعلقة بالحرب في أوكرانيا، توزعت على سبع فئات رئيسية:
- المعدات العسكرية: لتعويض الأسلحة التي تم إرسالها من المخزون الأمريكي، وتمويل المبيعات العسكرية الأجنبية لأوكرانيا.
- القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية: عبر نفقات لتعزيز القدرات العسكرية الأمريكية، لكنها ليست مباشرةً لأوكرانيا.
- مبادرة المساعدة الأمنية لأوكرانيا: تُستخدم أموال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لشراء معدات أمريكية، وصيانة المعدات الأوكرانية، وتدريب الجنود، وجمع المعلومات الاستخباراتية.
- القوات الأمريكية في أوروبا: تغطية تكاليف القوات التي أُرسلت إلى أوروبا لمواجهة روسيا.
- المساعدات الإنسانية: مساعدات للاجئين الأوكرانيين في أوروبا، ودعم الإغاثة الغذائية العالمية.
- المساعدات الاقتصادية: أموال تُحوَّل عبر البنك الدولي لدعم الحكومة الأوكرانية وتعويض نقص الإيرادات الضريبية.
- أنشطة وكالات أمريكية أخرى: مثل تطبيق العقوبات ومراقبة المواد النووية.
كيف قام زيلينسكي باحتساب المبلغ الذي ذكره؟
ربما احتسب فقط قيمة المعدات العسكرية المعلنة، والتي تبلغ نحو 73.4 مليار دولار، وهي قريبة من الـ75 مليار دولار التي ذكرها. لكن هذه المعدات لم تصل بالكامل بعد، لذا فإن "استلمنا" ليست العبارة الصحيحة، بل "التزمت بها الولايات المتحدة".
من جهة أخرى، ربما استند زيلينسكي إلى إحصائيات معهد كيل الألماني، الذي يقدّر المساعدات العسكرية الأمريكية بنحو 70.4 مليار دولار حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول 2024، وهو رقم قريب مما ذكره.
وبحسب الوكالة، فإنه لا يوجد أموال مفقودة، لكن معظم المساعدات لا يتم إرسالها مباشرةً إلى أوكرانيا، بل تُنفق داخل الولايات المتحدة أو لدعم جهود الحرب بشكل غير مباشر.
وأشارت إلى أن إدارة المساعدات يتم من خلال وكالات موثوقة، مثل البنتاغون ووزارة الخارجية والبنك الدولي، وليس كما يُشاع عن إرسال «أكوام من الأموال النقدية» إلى أوكرانيا.
aXA6IDMuMTQxLjE5LjU4IA== جزيرة ام اند امز