رسالة الإمارات لا تكمن في الارتقاء إلى مربع التنافسية الأول وكفى،
من يراقب ما تحققه الإمارات في سباق التنافسية العالمية، يدرك جيداً أنها تمضي بوتيرة متسارعة نحو المركز الأول في مؤشرات التنمية كافة، وهذا الإنجاز النوعي له أبعاد ودلالات تفوق مضامينه الظاهرية.
بالأمس القريب، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن الإمارات احتلت المركز الأول عالمياً في 50 من مؤشرات التنافسية العالمية للعام 2017 - 2018، وهذا بحد ذاته إنجاز يستحق الاحتفاء، كونه تحقق في مجالات تشهد تنافسية شرسة من الدول المتقدمة، وتلك الساعية نحو الصعود إلى مراتب التنافسية الأولى.
في التحليل النوعي للمؤشرات التي نالت الإمارات المرتبة الأولى فيها، نجد أنها مؤشرات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتقدم والتطور مثل جودة القرارات الحكومية، وقدرة الحكومة على التكيّف مع المتغيرات، وفعالية الإنفاق الحكومي، وغياب أثر الضرائب على جاذبية الاستثمار، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتطوير وتطبيق التكنولوجيا، وجودة الطرق، وجودة البنية التحتية للسياحة، والتحول الرقمي في الشركات، وحقوق الملكية بين الجنسين، والتسامح مع الأجانب، وأمن المعلومات. وغيرها الكثير من المؤشرات ذات الأهمية البالغة في قياس تنافسية الدول والاقتصادات.
مجمل هذه المؤشرات يعكس مستوى التخطيط والتنفيذ والمتابعة الدقيقة لما تتبناه قيادتنا وحكومتنا من رؤى استراتيجية، يعتقد البعض أنها لا تجد طريقها للتنفيذ، ولكن الواقع ينسف أوهام مروجي اليأس والإحباط، ويعكس مقدرة الإنسان الإماراتي، ومن ثم العربي، على بلوغ سقف الأحلام والطموحات طالما اكتسب العلم والمعرفة وبذل الجهد المخلص لتحقيق غاياته وآماله، فبعد عقد من إطلاق أول رؤية استراتيجية اتحادية مقرونة بتحدي الرقم (1) عالمياً، ها هي الإمارات تحصد المرتبة الأولى في خمسين مؤشراً من أهم مؤشرات التنافسية العالمية.
صناعة الأمل واحدة من مهام دولة الإمارات، وهي مهمة بالغة الصعوبة والأهمية، لأنها تخاطب أكثر من ثلثي الشعوب العربية التي يقترب تعداد سكانها من الأربعمائة مليون نسمة، ناهيك عن عشرات الملايين من الشباب في مناطق ودول أخرى ممن يرون في الإمارات النموذج الملهم.
الواقع أن الامارات تمتلك موروثاً من المبادئ والقيم الإنسانية والحضارية، وأن لديها رسالة لنشر الخير والعطاء، فالإمارات تعتبر أن نجاحها وتميّزها ليس ملكاً لها فقط، بل هو نموذج ملهم لكل العرب، وللبشرية جميعاً.
رسالة الإمارات لا تكمن في الارتقاء إلى مربع التنافسية الأول وكفى، بل مهمتها الأصعب والأنبل في آن واحد تتمثل في صناعة الأمل ومحاربة اليأس لدى الأجيال المقبلة.
فعندما يُصنف اقتصاد الإمارات ضمن عشرين أفضل اقتصاد تنافسي في العالم، وللسنة الخامسة على التوالي، وعندما تُدرج الإمارات ضمن أهم الاقتصادات العالمية الأكبر اعتماداً على الابتكار، وعندما تنتزع المركز الأول عالمياً في مؤشر نسبة الطلاب الأجانب الملتحقين بالتعليم العالي في الدولة، وعندما تحتل الدولة المركز الأول في مؤشر "التسامح مع الأجانب" في ثلاثة تقارير دولية مرموقة، فإن ثمة رؤية واعية تنير الدروب، وجهداً استثنائياً يُبذل وتخطيطا استراتيجيا يجد طريقه إلى التطبيق الفعلي، وكل هذا له معانيه ودلالاته العميقة بالنسبة للدول والشعوب الأخرى.
جغرافياً، تقع الإمارات في منطقة تبدو من أكثر مناطق العالم تصديراً للأخبار السيئة، ولاسيما تلك المتعلقة بالإرهاب وتمويله وتنظيماته التي تمثل أحد أخطر مصادر تهديد مستقبل البشرية، ولكن الإمارات لم تقع، أسيرة لمعطيات الجغرافيا وحقائقها، فهي دولة تأسست على مبادئ وقيم لا تعرف للشر والأحقاد والمؤامرات طريقاً، وأياديها البيضاء تنتشر لترسم الابتسامة على وجوه ملايين المرضى والمحتاجين والفقراء في مختلف أرجاء العالم، لذا لم يكن حلم المربع رقم (1) سوى طموح يستند إلى إرادة غرسها القائد المؤسس الشيخ زايد، طيب الله ثراه، في أبناء هذه الأرض، التي تحولت من صحراء جرداء إلى دولة تنافس أكثر الدول تقدماً وتطوراً على صدارة مراتب التنافسية الأولى في عقود وسنوات قلائل بحساب أعمار الدول والأمم.
صناعة الأمل واحدة من مهام دولة الإمارات، وهي مهمة بالغة الصعوبة والأهمية لأنها تخاطب أكثر من ثلثي الشعوب العربية التي يقترب تعداد سكانها من الأربعمائة مليون نسمة، ناهيك عن عشرات الملايين من الشباب في مناطق ودول أخرى؛ ممن يرون في الإمارات النموذج الملهم والدولة الأكثر توافقاً مع رغبتهم في العيش والحياة الكريمة.
ليس هيناً أن تحارب اليأس وتصنع الأمل للملايين، فصناعة الأمل هي صناعة الحضارة وبناء المستقبل كما يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، فهي صناعة قائمة على اكتشاف جوانب الخير وغرس الأمل في البشر وتنميتها، وبالتبعية محاربة اليأس والإحباط بكل ما يرتبط به من إشكاليات، منها الانزلاق نحو هاوية التفكير السلبي والاستسلام لأفكار مغرضة ودعايات خبيثة ربما تدفع بمن يعتنقها إلى ارتكاب الجرائم، والانسياق وراء تنظيمات العنف والإرهاب وغير ذلك من جوانب مدمرة للأمم والمجتمعات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة