محمد يوسف لـ"بوابة العين": الإمارات أرض خصبة للفنون التشكيلية
"بوابة العين" تحاور الفنان التشكيلي الإماراتي د. محمد يوسف الذي يرى أن متحف اللوفر أبوظبي سيكون بوابة تقرب الدولة إلى العالم.
يُعَد الفنان التشكيلي والمسرحي الدكتور محمد يوسف أحد الأسماء البارزة في الحركة التشكيلية الإماراتية؛ حيث استطاع خلال مسيرته أن يحجز له مكانة عالية بين أبنائها، ليتحول إلى أحد المتبحرين في تاريخها.
انشغاله بواقع الحركة التشكيلية الإماراتية، دعاه إلى إصدار دراسة متكاملة حول الفن التشكيلي في الإمارات، والتي يسلط فيها الضوء على طبيعة هذه الحركة وأعمالها واتجاهاتها، مبتعدا في الدراسة عن التوثيق لصالح التعمق بالتحليل للحركة.
وفي حواره مع "بوابة العين" الإخبارية، أكد د. يوسف محمد أن الحركة التشكيلية الإماراتية لديها علامات مضيئة، معتبرا في الوقت ذاته أن الإمارات أرض خصبة للفنون التشكيلية، وقد دعمت ذلك من خلال انتشار المعارض والغاليريهات الفنية، وكذلك كليات الفنون الجميلة، إلى جانب افتتاح المتاحف، معتبرا أن وجود متحف اللوفر في أبوظبي يعد دليلا قويا على أهمية الفنون في الدولة.
وعن نظرته إلى واقع التشكيل الإماراتي قال د. يوسف: "منذ انطلاق الحركة التشكيلية في الدولة، استطاعت أن تحقق قفزات نوعية، وأن تشهد تطورا لافتا؛ الأمر الذي مكنها من خلق أسماء أصبح لها حضورها وقوتها، وباتت تمثل علامات مضيئة في تاريخ الحركة التشكيلية المحلية".
وبيّن أن "الفن الإماراتي تطور مع مرور الزمن". وتابع: "تطور الحركة التشكيلية في الدولة متصاعد، بدليل أنه منذ بداية التأسيس وحتى الآن، حققت الحركة التشكيلية في الدولة قفزات نوعية، وأصبحت لدينا مجموعة من الأكاديميات المتخصصة في الفنون الجميلة، مثل كلية الفنون في جامعة الشارقة، وأكاديمية الفنون التي ستفتتح قريبا في الدولة، ووجود إدارات متخصصة بالفنون في جميع إمارات الدولة، وبالطبع هذا ينبع من الإيمان بأهمية الفن، ولا يمكن أن نغفل في هذا الصدد، بينالي الشارقة الذي يمثل وجهة لأهم الأعمال الفنية في العالم، وهذه بتقديري تُعَد دلالات تبين أن التشكيل في الدولة، أصبح ضرورة ملحة للإنسان، وتُسهم في تعميق التذوق والجمال، وهذا ما حول الإمارات إلى أرض خصبة في الفن التشكيلي".
مشاركات عالمية
وبيّن د. يوسف أن التشكيل الإماراتي، استطاع أن يفرض حضوره عالميا وليس فقط محليا، مدللا بذلك على مشاركة الإمارات في بينالي البندقية، ووجود أكثر من 50 فنانا إماراتيا في برلين، حيث يعرضون فيها أعمالهم. وقال: "هذه دلالة أخرى على أن صوت التشكيل الإماراتي أصبح مسموعا وقويا".
وعن أهمية وجود متحف اللوفر في أبوظبي بالنسبة للحركة التشكيلية المحلية، قال د. يوسف: "انتشار الغاليرهات في دبي وأبوظبي والشارقة، خلق لدينا سياحة فنية تشكيلية، ويبيّن أن المشهد الفني أصبح متطورا ويرقى إلى العالمية، وأعتقد أن وجود متحف اللوفر في أبوظبي يشكل مؤشرا على أهمية الحركة التشكيلية المحلية، فضلا عن أنه يعد مثالا حيا على أهمية الدولة في هذه الساحة، خاصة أن المتحف يمثل حجر زاوية في السياحة الفنية في الإمارات، وبوجود هذه النوعية من المتاحف، أعتقد أن البنية التحتية الفنية أصبحت متكاملة، ووجود متحف اللوفر في أبوظبي، يُسهم في تقريبنا كثيرا من العالم، ويساعد على بناء الجسور بيننا وبين الثقافات الأخرى؛ كونه يمثل نقطة تكامل مع الفنون الأخرى".
معارف
د. يوسف، الذي أصدر مؤخرا دراسة بعنوان "الفن التشكيلي في الإمارات العربية المتحدة" ضمن سلسلة كتب "الفن التشكيلي" التي تصدرها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، أشار إلى أنه عمل لأكثر من عامين على هذه الدراسة التي شهدت جمع وتحليل طائفة واسعة من المعلومات والوثائق حول مسارات حركة الفن التشكيلي في الإمارات، معربا عن أمله بأن تشكل هذه الدراسة إضافة إلى المعارف التي تتناول مسارات حركة الفن التشكيلي في الدولة، كونها تستعرض التجارب الفنية المركزية التي كان لظهورها كبير الأثر في تعميق وترسيخ هوية الفن المحلي.
في دراسته، لم يجنح د. يوسف إلى عملية التوثيق للحركة بقدر ما انصب تركيزه على تحليلها. وعن ذلك قال: "هناك العديد من الإصدارات التي وثقت للتجربة الفنية الإماراتية، وقد استفدت منها كثيرا في دراستي، وتوجهي للتحليل كان بهدف الاستفادة من حالة النشاط التي شهدتها الحركة التشكيلية المحلية منذ انطلاقتها وحتى اليوم، وأعتقد أننا بحاجة إلى تحليل طبيعة توجهات الحركة التشكيلية وأساليبها وثيماتها، والتي تعكس المحطات المهمة التي مرت بها الحركة بشكل عام، ولذلك حاولت أن أدلل على ذلك من خلال نشر 250 لوحة، معظمها لفنانين من جيل الرواد؛ نظرا لأهمية هذه الأعمال التي تنوعت في تيماتها وتوجهاتها، وعكست طبيعة المدارس الفنية التي تأثر بها الفنان الإماراتي"، ونوه بأن الدراسة تجمع بين التنظير للفن ونقد مدارسه، وتفسير ظاهرة تشكل العمل الفني في الإمارات.
ورغم انشغالاته في رفد الحركة التشكيلية المحلية بأعمال جديدة، فإن ذلك لم يمنع د. يوسف من بناء علاقة متينه مع المسرح الذي وقف على خشبته مرات عديدة. وعن ذلك قال: "أعتبر المسرح والفن التشكيلي بمثابة إطارين، مختلفين عن بعضهما بعضا، ولكنهما يكملان بعضهما؛ فالمسرح يشكل لوحة بصرية متحركة، بينما التشكيل فهو لوحة بصرية ثابتة، وبالتالي فإن الجمع بينهما، يُعَد بمثابة الجمع بين الجمال المتحرك والثابت، وبالنسبة لي فهذا يشكل متعة خالصة؛ لأن المسرح والتشكيل يحفزان على تذوق الجمال بكل اشكاله".
إضاءة
تخرج الفنان التشكيلي والمسرحي الدكتور محمد يوسف، في كلية الفنون الجميلة في مصر عام 1978، لتكون تلك خطوته الأولى في طريق الحركة التشكيلية المحلية، ليتبعها بحصوله على ماجستير الفنون من جامعة ويبستر في ميسوري بالولايات المتحدة الأمريكية 2000، ومن جامعة راشني في الهند نال درجة دكتوراه الفنون الجميلة 2005.
وبدأت أولى المحاولات الفنية التشكيلية في الإمارات في عام 1972، وكانت جمعية الإمارات للفنون التشكيلية قد أنشئت أولا في مقر مسرح الشارقة الوطني لتجميع مجموعة من الموهوبين والفنانين، وتوسعت الجمعية منذ عام 1980، وأصبح لها مقر خاص ونشاط متزايد في تنظيم المعارض الدورية، وفي المشاركة في المعارض الدولية، وقد توسع نطاق فعالية هذه الجمعية، وحصلت على عدد من جوائز التقدير، وعلى دعم مستمر من الدولة، واستمرت الشارقة بدعم الحركة الفنية، فافتتحت متحفا للفن يُعَد من أكبر المتاحف العربية، إلى جانب بينالي دولي استقطب أعمال كبار الفنانين في العالم وفي الدول العربية.
aXA6IDMuMTM3LjE2OS4xNCA= جزيرة ام اند امز