أزمات المنطقة في تزايد وذلك له تأثيره البالغ على الدول العربية، لذلك الأمر يستدعي البحث في تفاصيل هذه الأزمات للحيلولة دون استمرارها.
الجولة الخارجية لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إلى دول عربية جاءت في أوقات دقيقة وحرجة تمر بها الأمة العربية، وثمة تحديات تواجهها أبرزها القضية الفلسطينية من قبل إسرائيل التي تحول دون قيام مشروع دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس، وتمضي في تنفيذ مشروعها العدواني من خلال سياسة الاستيطان على أراض فلسطينية محتلة، وتضرب عرض الحائط بكل المواثيق والأعراف الأممية ذات الصلة بالأزمة، كما أن العرب يواجهون تحديات صعبة تتمثل في الأزمة السورية العالقة التي ما زال النظام الأسدي يصعد وتيرتها برفضه الحلول السلمية لتسويتها، وقد أدى ذلك إلى إطالة أمد الحرب وتحويل الأراضي السورية إلى مسرح لتدخلات أجنبية وتدخلات منظمات إرهابية عديدة، كما أن الوضع اليمني يزداد تعقيدا برفض المليشيات الحوثية أي حل سلمي ورفضها الامتثال لعودة الشرعية وميلها إلى خيار الحرب، كما أن دول المنطقة تواجه التدخل الإيراني السافر في شؤونها وتحاول بسط هيمنتها على إرادة تلك الدول.
تنظر بلدان المنطقة إلى جولات سمو ولي العهد وتمثيله السعودية والعرب بقمة العشرين بعين ملؤها الأمل والتفاؤل بإمكانية تسوية الخلافات العربية كافة، والعمل مع الحلفاء لإيجاد حلول جذرية للأزمات الراهنة بالمنطقة
أزمات المنطقة في تزايد وذلك بالتأكيد له تأثيره البالغ على الدول العربية. لذلك الأمر يستدعي البحث في تفاصيل هذه الأزمات وجزئياتها للحيلولة دون استمرارها والوصول إلى حلول سلمية ناجعة تؤدي إلى احتوائها، ولا شك أن الأثقال السياسية الكبرى التي تتمتع بها المملكة تخول لها المبادرة والنظر في تلك الأزمات، وتبادل المشورة والرأي مع الأشقاء العرب المؤثرين في المنطقة، وهو ما قام به سمو ولي العهد، حفظه الله، من خلال مباحثاته مع الإمارات ومصر وتونس، ستكون بإذن الله كفيلة بالشروع في دراسة مشاكل دول المنطقة والبحث عن القنوات التي تصب في إمكانية تسويتها.
لم يكن مستغرباً أن تكون دولة الإمارات العربية المتحدة هي أولى جولات سمو ولي العهد الأمين؛ بل تأتي تأكيداً للمكانة التي تحظى بها الإمارات لدى قادة المملكة، فالعلاقة النموذجية المتميزة والاستثنائية التي تجمع الدولتين تعكس متانة أخوة ضاربة عروقها متجذرة في عمق التاريخ، إلا أنها تكتسب اليوم بُعداً آخر إضافياً؛ يتمثل في رسم معالم المستقبل واستقراره.
كانت مصر هي الجولة الثانية، وبالتأكيد زيارة في غاية الأهمية نظراً للمكانة والقدرات الكبيرة التي يتمتع بها البلدان على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية، فعلى الصعيد العربي يؤكد المنحى التاريخي أن الرياض والقاهرة هما قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي وعليهما يقع العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي والوصول إلى الأهداف الخيرة المنشودة التي تتطلع إليها الشعوب العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي.
واختتم سموه جولته العربية بزيارة هي الأولى له إلى تونس الخضراء. تأتي هذه الزيارة لتؤكد عمق العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية التونسية الشقيقة، التي ترتقي بأهميتها إلى مصاف العلاقات التاريخية المتجذرة، ذلك لما للمملكة وتونس من ثقل تاريخي في العالمين العربي والإسلامي، حيث يحرص البلدان في كل لقاء يجمعهما على زيادة تفعيل آليات التعاون وتعزيز العلاقات تماشياً مع نهج من سبقهم كما ذكر سمو ولي العهد "نبني على ما بُني في الماضي".
جولة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان غير أنها تسهم في تطوير العلاقات العربية، فهي تتزامن مع ترؤس سموه وفد المملكة في قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين، ولأن السعودية هي العضو العربي الوحيد بالقمة، فهي تمثل العرب وتنقل قضاياهم من خلال هذه القمة. لذلك تنظر بلدان المنطقة إلى جولات سمو ولي العهد وتمثيله السعودية والعرب بقمة العشرين بعين ملؤها الأمل والتفاؤل بإمكانية تسوية الخلافات العربية كافة، والعمل مع الحلفاء لإيجاد حلول جذرية للأزمات الراهنة بالمنطقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة