"مركز محمد بن زايد" لمكافحة كورونا.. بارقة أمل تخفف أزمات لبنان
مبادرة إماراتية إنسانية جديدة لعلاج مرضى كورونا في لبنان، تشع نور الأمل في وقت يخيم فيه ظلام الأزمات على البلاد.
تتمثل تلك المبادرة في افتتاح "مركز الشيخ محمد بن زايد آل نهيان" الإماراتي- اللبناني الاستشفائي لعلاج مرضى كورونا، الذي يحمل اسم قائد استثنائي تقديراً وعرفاناً لجهوده ومبادراته الإغاثية والإنسانية في لبنان وحول العالم بشكل عام وفي افتتاح المركز الجديد بشكل خاص، وتجسيداً لنهج دولة الإمارات الراسخ في الوقوف إلى جانب أشقائها في مختلف الظروف.
دلالات مهمة
يحمل افتتاح هذا المركز في هذا التوقيت دلالات عديدة وأهمية خاصة لأكثر من سبب، أولها أنه يأتي في خضم أزمات سياسية واقتصادية طاحنة يعاني منها لبنان على مختلف الأصعدة.
كما يأتي في ظل تفشي المتحورة الجديدة من فيروس كورونا (أوميكرون) في البلاد بشكل مخيف، وهو ما دفع وزير الصحة اللبناني، فراس الأبيض، في وقت سابق إلى تصوير الأمر بـ"تسونامي أوميكرون".
وأعلنت وزارة الصحة العامة اللبنانية في تقريرها، الثلاثاء، تسجيل 6665 إصابة جديدة بفيروس كورونا رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة إلى 787498، كما تم تسجيل 13 حالة وفاة.
ويعوّل لبنان على المركز الإماراتي الجديد في دعم جهود الدولة في مكافحة كورونا، وتحفيف الضغط على المراكز الطبية اللبنانية التي تعاني الأمرّين بسبب الأزمة الاقتصادية وتفشي كورونا.
كما يأتي افتتاح المركز بعد نحو شهرين من إعلان الإمارات، نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سحب دبلوماسييها من لبنان تضامناً مع المملكة العربية السعودية في ظل النهج غير المقبول من قبل بعض المسؤولين اللبنانيين تجاه المملكة، في أعقاب التصريحات المسيئة لوزير الإعلام اللبناني آنذاك جورج قرداحي، في موقف إماراتي مشرف ليس بغريب عن الإمارات تؤكد عبره أهمية تجاوز حسابات السياسة لصالح التضامن الإنساني دون التفريط في الثوابت، مؤكدة أنها ستبقى على الدوام خير سندٍ لأشقائها وأصدقائها وللإنسانية جمعاء، إيماناً منها أن التضامن الإنساني بين الشعوب راسخ، والخلاف السياسي عابر مهما امتد.
هذا التضامن الإماراتي القوي مع لبنان، يبعث برسالة قوية إلى الشعب اللبناني بوقوف دولة الإمارات العربية المتحدة قيادة وحكومة وشعباً معه في هذه الظروف الاستثنائية، ويؤكد من جديد عمق العلاقات القائمة بين البلدين، التي ستظل راسخة في ظل ما يجمع بينهما من صلات أخوية.
كما يأتي التضامن الإماراتي في إطار جهود أبوظبي لدعم لبنان لاستعادة دوره كمركز للإشعاع الحضاري ونموذج في التنوير والتحضر وقبول الآخر والتعايش المشترك بين مختلف الأديان والأعراق والمذاهب.
أيضاً يعد المركز محطة جديدة في مسيرة الإمارات الريادية في مجال تقديم المساعدات الطبية ودعم المحتاجين حول العالم خاصة في ظل ما يشهده العالم من تداعيات جائحة كورونا.
ويسجل تاريخ الإنسانية بأحرف من نور للإمارات وللشيخ محمد بن زايد آل نهيان، عدداً من المبادرات التاريخية والمواقف الإنسانية، لدعم الجهود العالمية في مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد.
كما تجسّد المبادرة الإماراتية مبادئ الخمسين، التي اعتمدها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، 9 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي تعد بمثابة رؤية شاملة ومتكاملة ترسم المسار الاقتصادي والسياسي والتنموي والإنساني للإمارات وتحدّد توجهاتها للخمسين عاما المقبلة.
وتخلد الإمارات عبر تلك المبادئ القيم والرؤية والرسالة الإنسانية التي رسخها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والآباء المؤسسون، واضعة على قمة أهدافها المحافظة على الريادة الإنسانية لعيال زايد ليكونوا "الشعب الأفضل والأنبل والأكثر عطاء".
افتتاح المركز.. شكر واجب
افتتح رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، الأربعاء، "مركز الشيخ محمد بن زايد آل نهيان" الإماراتي - اللبناني الاستشفائي لعلاج مرضى كورونا.
وتفقد نجيب ميقاتي المركز- الذي تبرعت به دولة الإمارات بمسعى من رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري-، يرافقه وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض، والوزير السابق غطاس خوري، وعدد من الإعلاميين.
ووجه ميقاتي الشكر للإمارات على دعمها قائلاً: "الشكر الكبير لدولة الإمارات والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية شخصياً على هذا العطاء، وعلى اهتمامه الدائم بلبنان".
وأكد أن "لبنان لا يمكن أن ينسى أن الإمارات تحسن العطاء وتزرع المحبة من دون أي مقابل".
بدوره قال وزير الصحة اللبناني: "استطعنا البدء بتشغيل هذا المرفق المهم بقدرة استيعابية تبلغ حوالي 80 سريرا، وهذا يساعد على استقبال المرضى وإجراء عملية تقييم لحالتهم ومن ثم التحويل إلى المستشفيات أو إعطاء العلاج المناسب".
وأضاف: "التكلفة الاستشفائية في هذا المركز ستكون زهيدة، وهذا ما سيساعد على تخفيف الحمل عن كاهل المواطنين في هذه الظروف".
واختتم: "لا بد من توجيه الشكر إلى رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري لإقامة هذا المركز وإلى دولة الإمارات العربية على ما قدمته للبنان".
فيما قال سعد الحريري في تغريدة عبر حسابه على تويتر: "شكرا دولة الإمارات العربية المتحدة قيادة وشعباً. شكرا الشيخ محمد بن زايد، ليس فقط على التبرع بإنشاء مركز الشيخ محمد بن زايد الإماراتي - اللبناني الاستشفائي لمعالجة مرضى كورونا عند واجهة بيروت البحرية، بل على الوقوف الدائم إلى جانب لبنان وشعبه في كل الاستحقاقات والمحطات".
وأضاف: "إنّ هذه الوقفة ستبقى دائماً محط تقدير في قلوبنا، كما أننا نحفظ لأشقائنا العرب احتضانهم الدائم للبنان الذي لن يخرج عن عروبته المنصوص عليها في دستوره".
مميزات المركز
يتميّز "مركز الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الإماراتي- اللبناني" لاستقبال مرضى كورونا، أنه مزوّد بشكل كامل بأجهزة مراقبة طبية حديثة ومختبر وأشعة ومولد كهربائي ما يجعله يوازي في القدرات المراكز الصحية المتقدمة والفعالة.
وقال وزير الصحة اللبناني في تصريحات سابقة إن "أسرة المركز تشكل دعماً إضافياً لاستيعاب تداعيات تفشي متحور Omicron في لبنان، إلى جانب الأسرة الأخرى التي زادت وزارة الصحة العامة عددها بنسبة ثلاثين في المئة في الفترة الأخيرة".
وبين أن هذه الخطوة "تصب في دعم النظام الصحي اللبناني في مواجهة الظروف الصعبة الراهنة".
وأوضح الأبيض أن "المركز سيعمل على تقييم حالة المريض وتقرير ما يحتاج إليه من خدمة طبية، فإذا تطلب وضع المصاب بـCovid-19 فترة مراقبة تراوح بين أربع وعشرين وثمان وأربعين ساعة وهي الفترة التي يحتاج إليها عادة المصابون بمتحور Omicron، فإن المركز جاهز لاستقبالهم والاهتمام بهم في هذه الفترة قبل إعادتهم إلى المنزل. أما إذا احتاج المصاب إلى الاستشفاء فيتم ذلك بالتنسيق بين المركز والصليب الأحمر، على أن يستمر الاهتمام بالمريض ريثما يتم تأمين سرير له في مستشفى حكومي أو خاص".
سجل مضيء في دعم لبنان
يأتي افتتاح المركز الإماراتي الجديد كمحطة جديدة في السجل الإماراتي المضيء لدعم لبنان منذ تأسيس دولة الإمارات.
بعد 5 سنوات فقط من تأسيسها عام 1971، شاركت الإمارات عام 1976 بقوة ضمن قوات الردع العربية في لبنان في محاولة لدرء مخاطر تفجر الحرب الأهلية وحفظ السلام.
كما نفذت الإمارات "مشروع إزالة الألغام والقنابل العنقودية من جنوب لبنان الذي امتد من عام 2006 ولغاية عام 2009 وبتكلفة 50 مليون دولار أمريكي حيث شمل المشروع تنظيف مساحة تزيد على 3 ملايين متر مربع، وتم تفجير أكثر من 26 ألف لغم مضاد للأفراد، فيما بلغ عدد الحقول التي تم تسليمها للأهالي 176 حقلاً".
وأسهم المشروع في إعادة الحياة الطبيعية لجميع المناطق التي شملها وفي تحسين الأوضاع المعيشية للسكان الذين عادوا بعد انقطاع طويل للعمل في حقولهم وجني محاصيلها بعد أن تم تطهيرها بالكامل من مختلف أنواع الألغام والعبوات المتفجرة التي لطالما حصدت أرواح الأبرياء وتسببت لهم بإصابات بالغة.
ومنذ تفشي فيروس كورونا عام 2020، قدّمت دولة الإمارات في إطار الاستجابة العاجلة للتصدي لجائحة "كوفيد -19" مساعدات طبية للبنان، إضافة إلى بناء مستشفى ميداني في بيروت لعلاج مصابي "كورونا".
وفي 4 أغسطس/آب الماضي، أكدت ريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، مواصلة دولة الإمارات دعمها للشعب اللبناني الشقيق في مثل هذه الظروف الحرجة، والاستمرار في تقديم كافة أشكال الدعم الإنساني والتنموي أو من خلال التعاون مع المنظمات الدولية المتخصصة وكافة الشركاء الدوليين، إيماناً من القيادة الإماراتية الرشيدة بأهمية تحقيق كل ما من شأنه أن يحفظ للبنان أمنه واستقراره.
جاء ذلك خلال مشاركتها في أعمال مؤتمر "الاستجابة لاحتياجات الشعب اللبناني" الذي عقد بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والأمم المتحدة وبمشاركة عدد من رؤساء الدول والمنظمات الدولية وممثلين عن المجتمع المدني، في ذكرى الانفجار المروّع الذي دمرّ مرفأ بيروت وأجزاء كبيرة من العاصمة اللبنانية بيروت في أغسطس/آب 2020.