احتفالات أمازيغ الجزائر.. تمسك بالهوية وترسيخ للأجيال
احتفل أمازيغ الجزائر، منذ الإثنين، بالسنة الأمازيغية الجديدة التي تصل إلى عام 2972 وفق تقويم فلاحي ضارب في التاريخ.
احتفالات في معظم محافظات الجزائر، بطقوس خاصة جدا، تختلف من منطقة لأخرى، لكن يغلب عليها طابع التظاهرات الثقافية والفنية التي تكشف جوانب فقط من موروث شعبي أمازيغي بهذا البلد العربي.
- "الطبابلة".. فلكور جزائري عريق لإحياء السنة الأمازيغية
- حلويات مغطاة بموروث الأجداد.. احتفاء جزائري خاص بالسنة الأمازيغية
ومنذ 2017، بات 12 يناير/كانون الثاني عيدا وطنياً ورسمياً بالجزائر وبداية للسنة الأمازيغية، بعد أن ظل لسنوات "تاريخاً محلياً" فقط.
ويسمى عيد رأس السنة الأمازيغية في الجزائر بـ"يَنّاير" باللهجة القبائلية، أما باللهجة الشاوية فيقال له "يَنّار".
وتختلف تهنئة أمازيغ الجزائر بيوم "ينَّاير"، إذ يقول "الشاوية" "اسقاس ذا مربوح فلاون"، فيما يقول أهل منطقة القبائل "اسقاس أمقاس".
وتشكل الثقافة الأمازيغية جزءا بارزا في التاريخ الجزائري، التي يرجع تاريخها إلى آلاف السنين، وينتشرون في مختلف مناطق البلاد، ففي شرق البلاد يوجد "الشًّاوِيَة" الذين يتكلمون اللهجة "الشًّاوِيَة"، خاصة في: باتنة، تبسة، أم البواقي، خنشلة.
كما يوجد أيضا القبائل الذين يتكلمون اللهجة "القبائلية"، ويتمركزون في ولايات: تيزيوز، بجاية والبويرة.
وبوسط الجزائر يوجد "الشْنَاوة" وينطقون باللهجة "الشناوية"، خاصة في مناطق تيبازة وبومرداس، وفي الغالشناوية"، خاصة في مناطق تيبازة وبومرداس، وفي الغرب يوجد "الشَّلْحَة" أو "الشْلوح" ويتمركزون في مدينة تلمسان.
وفي شمال الجنوب الجزائري يوجد "بنو ميزاب" في مدينة "غَرْدَايَة"، الذين يتحدثون اللهجة "الميزابية" في مدينة غرداية، وبأقصى الجنوب الجزائري يوجد "الطوارق" الذين يتكلمون اللهجة "التارقية"، ونجدهم في مدن تمنراست وأدرار.
تمسك بالهوية
"العين الإخبارية" حضرت جانباً من احتفالات أمازيغ الجزائر بـ"ينَّاير"، من العاصمة إلى شرق البلاد، وتحديدا في منطقة الشاوية حيث تبرز عادات مختلفة للاحتفال بهذه المناسبة الممزوجة بين التاريخية والثقافية والوطنية.
اللافت في احتفالات منطقة "بوزينة" عدم اقتصار الاحتفالات على الجانب الرسمي أو الشعبي من العائلات والرجال والنساء، بل كان حضور الأطفال بارزا، مما أعطى لمظاهر الاحتفال نكهة خاصة.
جابر غشام وهو رئيس جمعية "لسان الحرية الثقافية" التي تعنى بالثقافة الشاوية، تحدث لـ"العين الإخبارية" عن أهمية هذه المناسبة ودوافع إشراك الأطفال فيها، وكذا أبرز طقوس الشاوية الأمازيغ للاحتفال بـ"يَنّار".
وقال إن مظاهر الاحتفال برأس السنة الأمازيغية في الجزائر تختلف من منطقة لأخرى، لكنه لفت إلى أن نحو 80% من مظاهر الاحتفال بمنطقة الشاوية متقاربة، خصوصاً فيما يتعلق بالأكلات والأطباق التقليدية.
وذكر من بينها طبق "الزيراوي" الذي تشتهر منطقة الأوراس (الشاوية)، وكذا أكلة "الشخشوخة" أو التي تسمى عندهم بـ"شخشوخة الرقاق"، وهو الطبق الذي يشترط أن يكون بـ"اللحم الأحمر" وليس الأبيض (الدجاج).
وأشار أيضا إلى أن معظم الشاوية الأمازيغ يحضرون في هذه المناسبة طبق "الشخشوخة" وبعضهم فقط من يفضل طبق "الكسكسي" الذي يسمى في هذه المنطقة بـ"البربوشة".
كما ذكر رئيس الجمعية الثقافية أيضا في حديثه لـ"العين الإخبارية" طبقاً آخر تتميز به منطقة الشاوية شرقي الجزائر للاحتفال برأس السنة الأمازيغية وهو "الشرشم".
وأوضح بأن بعض العائلات تفضل تحضيره بـ"الذرة" وأخرى من "الذرة والقمح"، بالإضافة إلى اللحم المملح المسمى في المنطقة بـ"الخليع".
حلوى "الطمينة" تكون حاضرة أيضا في احتفالات "ينار" عند الشاوية بالجزائر– كما قال جابر– والتي تكون مصنوعة من التمر والقمح وبعضاً من الزبدة.
وفيما يتعلق بالموروث الغنائي، فقد أوضح جابر غشام بأن معظم الأغاني الشاوية التي يتم ترديدها للاحتفال برأس السنة الأمازيغية تكون كلماتها عبارة عن أدعية.
وقال: "منذ القدم كان أهل المنطقة يدعون الله بأن يكون العام الجديد مليئاً بالخير"، مضيفاً أن تلك الأغاني مستمدة أيضا من الموروث الثقافي للمنطقة.
رئيس جمعية "لسان الحرية الثقافية" أكد لـ"العين الإخبارية" أن إشراك الأطفال في احتفالات رأس السنة الأمازيغية "هدفه توريث وغرس الهوية لدى الأجيال الجديدة".
وأضاف: "هدفنا أيضا ألا يزول تراثنا وثقافتنا، وأن تبقى عاداتنا راسخة"، ولفت إلى أمر مهم عندما أشار بأن الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية كانت منذ عدة سنوات، لكن بعدما تم ترسيمه كعيد وطني "عاد الجميع للبحث عن عاداته، والكل تشوق ليعرف كيف كانت أصوله، وعدنا لإحياء الاحتفالات في المنازل القديمة كما كان يفعل أسلافنا".