محمد بن زايد في «زيارة دولة» للكويت.. رسائل ودلالات
بدأ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، الأحد، «زيارة دولة» إلى دولة الكويت، تتوج العلاقات المتنامية بين البلدين.
تأتي "زيارة الدولة"، التي تعد أرفع أنواع الزيارات الرسمية، بعد "زيارة الدولة" التي أجراها أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح لدولة الإمارات في 5 مارس/آذار الماضي، وقوبل خلالها بحفاوة بالغة واستقبال حافل.
- الإمارات والكويت.. شراكة استراتيجية نحو التنمية والازدهار
- الإمارات والكويت.. قمم القادة تعزز علاقات الأخوة
وتبادُل الزعيمين لهذا النوع من الزيارات يحمل رسائل ودلالات حول قوة ومتانة العلاقات الأخوية بين البلدين، وحجم ومكانة القيادتين.
كما يعكس الحرص المشترك للزعيمين على التشاور المستمر فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية وسبل تطويرها ودفعها إلى الأمام على المستويات كافة.
زيارات متبادلة تأتي تعزيزا للروابط الوطيدة والعلاقات الأخوية المتينة التي تجمع بين قيادتي دولة الإمارات ودولة الكويت وشعبيها، وتأصيلاً للعلاقات الثنائية والمصير المشترك والشراكة الاستراتيجية بينهما.
مكانة خاصة
وتعد "زيارة الدولة" هي الأعلى مستوى بين أنواع الزيارات التي تتم بين قادة الدول، ولها مراسم وبرامج وبروتوكولات خاصة، منذ الإعداد لها وحتى إتمامها، إذ تعد أهم أشكال الاتصالات الدولية في مجال البروتوكول الدبلوماسي، الأمر الذي يعبر عن حجم المكانة التي يحظى بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ودولة الإمارات لدى الكويت قيادة وشعبا.
ويبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الأحد، خلالها مع الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، العلاقات الأخوية التاريخية وجوانب التعاون والعمل المشترك بين البلدين، خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية وغيرها من المجالات الحيوية التي تعزز رؤيتهما تجاه تحقيق التنمية والازدهار لشعبيهما والسلام والاستقرار في المنطقة.
ثالث "زيارة دولة" في 6 أشهر
وتعد تلك ثالث زيارة دولة يجريها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات خلال 6 شهور بعد "زيارتي دولة" أجراها لكل من كوريا الجنوبية يومي 28 و29 مايو/أيار الماضي، والصين 30 و31 من نفس الشهر، الأمر الذي يبرز تعاظم مكانة الإمارات وقيادتها بالعالم.
كما سبق أن أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان زيارتي دولة إلى فرنسا يوليو/تموز 2022، ثم سلطنة عمان في سبتمبر/أيلول من نفس العام، وحظي خلال جميع تلك الزيارات بحفاوة استثنائية وترحيب كبير.
حفاوة رسمية وشعبية
و«زيارة الدولة» لا تتم إلا بدعوة رسمية من رئيس الدولة المضيفة لنظيره رئيس الدولة الزائر، فيكون فيها ضيفه شخصيا ويسكن في أحد مقرات إقامته الرسمية طول فترة الزيارة.
وتنطوي «زيارة الدولة» على معنى سياسي كبير، وتسودها أجواء احتفالية وشرفية كبيرة -على صعيديْ الاستقبال والتوديع- تنظمها الدولة المضيفة للرئيس الزائر، ويراعى فيها التقيد التام بجميع إجراءات البروتوكول بعد التوافق عليها بين الطرفين قبل بدء الزيارة.
وتستوجب «زيارة الدولة» عادة تنظيم حفل غداء أو عشاء يكون فيه الرئيس الزائر "ضيف شرف"، مع وضع برنامج مباحثات وزيارات منوعة لبعض الأماكن والمعالم.
كما تشمل إطلاق 21 طلقة في الهواء ترحيبا بالرئيس الزائر.
وتزينت شوارع الكويت بأعلام البلدين وصور قادتها وعبارات الترحيب احتفاء بزيارة رئيس دولة الإمارات.
وفاض موقع "إكس" (تويتر سابقا) في الكويت برسائل ترحيبية بزيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، لبلادهم، واصفين إياه بـ"الضيف الكبير والزعيم الاستثنائي".
وأطلق مغردون عدة هاشتاغات ترحيبا بالزيارة، من بينها هاشتاغات تحمل اسم القائدين من قبيل "محمد بن زايد" و"مشعل الأحمد"، و"محمد بن زايد في الكويت"، و"الإمارات تحب الكويت، وزيارة محمد بن زايد للكويت، والكويت ترحب بمحمد بن زايد، والكويت تنور بمحمد بن زايد».
وشدد الدكتور مطر حامد النيادي، سفير دولة الإمارات لدى الكويت، على أهمية زيارة الدولة التي يبدأها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى الكويت، الأحد.
وأشار السفير مطر النيادي، في لقاء مع «العين الإخبارية»، بمناسبة الزيارة التي يجريها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الكويت تلبية لدعوة من أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، إلى أنها "زيارة مهمة إلى بلد يكن كل حب واحترام وتقدير لدولة الإمارات العربية المتحدة".
وأضاف "لا شك أن الزيارة في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به العالم لها دور كبير في تعزيز التنسيق وتبادل الرؤى والمواقف".
ولفت إلى أن "دولة الإمارات والكويت الشقيقة مع باقي دول مجلس التعاون تربطها وحدة المصير والهدف في جميع الملفات".
وبيّن الدكتور النيادي أن "هناك خصوصية في العلاقة التي تربط بين دولة الإمارات ودولة الكويت، هذه الخصوصية في مختلف المستويات دائما العلاقة بين البلدين الشقيقين الكل فيها فائز".
وحول لافتات الترحيب وأعلام دولة الإمارات التي انتشرت في شوارع الكويت، قال السفير الإماراتي إن "الكويت تحب كل ما هو إماراتي مثل الإمارات تحب الكويت، فما بالك بزيارة رئيس دولة الإمارات.. لا شك أن هناك فرحة في الشارع الكويتي بمختلف المستويات بتلك الزيارة".
وتابع: "الشيخ محمد بن زايد آل نهيان له مكانة خاصة لدى أهل الكويت، وهم لا ينسون مواقفه، ولا ينسون دخوله من أوائل القوات وقت تحرير دولة الكويت".
ولفت إلى أنه "لا شك هذه الفرحة وهذا التوافق سيعزز أكثر التنسيق والتعاون القائم بين البلدين"، معبرا عن تمنياته بالتوفيق للزيارة.
علاقات تاريخية
وتتوج تلك الزيارة العلاقات التاريخية بين البلدين التي تعود إلى أكثر من 6 عقود، وقد تميزت منذ البداية بزخم كبير، حيث بدأت البعثة التعليمية الكويتية في دولة الإمارات خلال عام 1955 بإنشاء العديد من المدارس وتجهيزها قبل إعلان الاتحاد.
كما دشنت البعثة الطبية الكويتية عملها في دولة الإمارات في أوائل الستينيات من القرن الماضي، بإنشاء العديد من المراكز والمستشفيات.
وفي سبعينيات القرن الماضي تعمقت العلاقات الأخوية المستندة إلى روابط الدم والإرث والتاريخ المصير المشترك وزادت قوة ورسوخا بدعم المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ جابر الأحمد الصباح.
وقد كانت الكويت من أوائل الدول التي أقامت علاقات رسمية ودبلوماسية مع الإمارات بعد قيام اتحاد الدولة في عام 1971، وقد تم افتتاح سفارة الدولة لدى الكويت في عام 1972، فيما تم افتتاح سفارة دولة الكويت في أبوظبي في العام ذاته.
وترجمت دولة الإمارات حجم ومتانة العلاقات التي تربط البلدين الشقيقين بموقفها المشرف في أثناء احتلال الكويت، حيث استضافت الإمارات عشرات الآلاف من الأسر الكويتية على أرضها، بينما شاركت القوات المسلحة الإماراتية في حرب تحرير الكويت.
ولا تنس الكويت وأهلها وقفة دولة الإمارات وجيشها الباسل إلى جانبهم في محنة الغزو العراقي عام 1990، والشهور التي تلتها وصولاً إلى تحريرها، حيث قدّمت دولة الإمارات 8 شهداء و21 جريحاً دفاعاً عن الحق والشرعية، ومبادئ حسن الجوار.
وتكريسا لمتانة العلاقات بين البلدين، والرغبة في الانطلاق بها نحو آفاق واسعة من التعاون والتنسيق، وقع البلدان على اتفاقية إنشاء "اللجنة المشتركة" للتعاون الثنائي عام 2006 في مدينة الكويت، وعقدت اللجنة عددا من الاجتماعات التي تم خلالها التوقيع على برامج واتفاقيات عدة لتعزيز التعاون بين البلدين.
ومنذ توقيع البلدين على اتفاقية إنشاء "اللجنة المشتركة" للتعاون الثنائي عام 2006، شهد البلدان خطوات أسهمت في ترسيخ العلاقات الثنائية بين الإمارات والكويت والانطلاق بها نحو آفاق واسعة من التعاون والتنسيق.
وتتميز العلاقات بين دولة الإمارات ودولة الكويت بالمتانة والرسوخ وشهدت تطوراً ملحوظاً على مدى العقود الماضية ويتضمن التعاون بين الإمارات والكويت عدة مجالات بارزة مثل التعاون السياسي، والتعاون الاقتصادي والتجاري، والتعاون العسكري والأمني، والعلاقات الثقافية والتعليمية الذي أسفر عن عشرات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة بين البلدين.
وتعد زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لدولة الكويت، خطوة مهمة في مسار تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين، يرتقب أن تدفعها إلى آفاق أرحب.