رشاد الشريف.. قيثارة السماء صدحت في "الأقصى"
المقرئ محمد رفعت، الذي ابتلي بفقد البصر، لمس صوت محمد رشاد الشريف أوتار قلبه، فقال مقولته الشهيرة "إنني أستمع إلى محمد رفعت من فلسطين".
"قيثارة السماء"، هو اللقب الذي ارتبط باسم المقرئ المصري الشهير، محمد رفعت، ولكن الرأي الذي أطلقه رفعت عندما استمع عام 1943 إلى صوت المقرئ الفلسطيني محمد رشاد الشريف، قد يجعل من المستساغ أن نخلع عليه نفس اللقب نفسه.
رفعت، الذي ابتلي بفقد البصر، لمس صوت الشريف أوتار قلبه، فقال مقولته الشهيرة: "إنني أستمع إلى محمد رفعت من فلسطين".
والشريف الذي غيبه الموت قبل يومين في العاصمة الأردنية عمان عن عمر يناهز 91 عاماً، من مواليد مدينة الخليل عام 1925، وتعلم الترتيل صغيراً، فقرأ القرآن الكريم على الشيخ حسين علي أبو سنينه وأجازه بروايتي حفص عن عاصم وورش، حتى أتقن القراءة القرآنية في سن الثامنة عشرة.
وللشريف أسلوب خاص في قراءة القرآن، ما أدى إلى شهرته الكبيرة في فلسطين، فاستدعي لقراءته في إذاعة القدس عام 1941، كما عين مقرئاً له في المسجد الإبراهيمي بمسقط رأسه مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، وعين مقرئاً في المسجد الأقصى عام 1966 من قبل الأوقاف الإسلامية.
كان الشيخ الشريف يقرأ القرآن الكريم في أيام الجمع بالمسجد الأقصى المبارك؛ إذ اعتادت الأوقاف أن تعين مقرئاً يقرأ القرآن قبل أذان صلاة الجمعة، وكان يقرؤه أحياناً بعد صلاة العصر في شهر رمضان.
وقد أصدرت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس عام 1984 مصحف المسجد الأقصى المسجل بصوت الشيخ محمد الشريف.
استمر الشيخ محمد الشريف يعمل مقرئاً ومدرساً للقرآن الكريم في فلسطين حتى عام 2002؛ إذ غادر البلاد وتوجه للسكن في الأردن فعمل منذ ذلك الحين وحتى وفاته إماماً بمسجد الملك عبد الله في عمان.
والفقيد ليس مقرئاً فحسب، وإنما كان أيضاً من ناظمي الشعر؛ حيث ألف على مدار سنوات حياته ما يقارب مائة قصيدة أشهرها المعلم.
كما أتقن فن الخط، وقام بتأليف كتاب اللغة العربية للصف الأول بتكليف من وزارة التربية والتعليم في الأردن، واستخدم في كتابه خط الرقعة في تعليم الأطفال مستنداً على الطرق الصحيحة في عملية التعليم للأطفال الصغار مبتدئاً من الحرف ثم المقطع ثم الكلمة ومن ثم الجملة.
ونعى مدير عام الأوقاف الإسلامية في القدس الشيخ الشريف "أحد مجيدي ترتيل القرآن الكريم على القراءات السبع"، مضيفاً "بوفاة الشيخ الشريف ستفتقد الأمة الإسلامية رجلاً أفنى نفسه في سبيل تحفيظ كتاب الله، حيث تخرج من تحت يديه آلاف الطلبة الذين درسهم أصول التجويد وحفظهم القرآن".