ميزان المال.. اقتصاد الدب الروسي يعادل 8 دول في حجم أوكرانيا
رغم انخفاض حدة التوتر بين الحدود الروسية الأوكرانية فإن توقعات اجتياح الدب الروسي لأراضي الجار الأوكراني لا تزال حاضرة.
وعند اندلاع صراع مسلح بين دولتين في العادة يكون صاحب الاقتصاد الأقوى هو الأكثر قدرة على تحمل توابع ذلك الصراع.
وعند مقارنة اقتصاد الدب الروسي مع اقتصاد أوكرانيا يتضح الفارق الشاسع بين الدولتين في حجم اقتصاد كل منهما حيث تميل الكفة بشدة تجاه روسيا.
وبحسابات المال وحدها، يتضح أن حجم اقتصاد الدب الروسي يعادل تقريبا 8 دول مثل أوكرانيا من حيث الناتج المحلي الإجمالي البالغ 1.57 تريليون دولار و200 مليار دولار للدولتين على التوالي.
لكن تلك الحسابات تستبعد بالطبع مقدار الدعم المالي الذي يمكن أن توفره أمريكا والاتحاد الأوروبي اللذان يقفان في مساندة أوكرانيا.
الناتج المحلي
وبلغ نمو الاقتصاد الروسي في العام الماضي 2021 ككل نسبة 4.6%، وفقا لتقرير "الوضع الحالي للاقتصاد الروسي" الذي أعدته وزارة التنمية الاقتصادية الروسية.
كذلك أشار التقرير إلى أن النمو في العام 2021 جاء بعد تراجع سجله الاقتصاد الروسي بنسبة 2.7% في العام 2020.
وقال التقرير، إن الإنتاج الصناعي والبناء والشحن قدم أكبر مساهمة في الانتعاش الاقتصادي، فيما تم تسجيل انخفاض في الزراعة بسبب انخفاض محصول الحبوب والبطاطس والخضروات، وكذلك معدل نمو منخفض في الإنتاج الحيواني.
وتحتل روسيا المركز الـ11 في قائمة أكبر اقتصادات العالم حيث يبلغ إجمالي الناتج المحلي بها 1.57 تريليون دولار.
على الجانب الأخر أنهت أوكرانيا عام 2021 بتسجيل أعلى ناتج محلي إجمالي في تاريخها بلغ نحو 200 مليار دولار، رغم تباطؤ وتيرة نمو الاقتصاد في نهاية العام تحت وطأة مجموعة من الأزمات السياسية والاقتصادية، وفي مقدمتها استمرار التوتر العسكري في منطقة دونباس الواقعة شرق البلاد والموالية لروسيا، وقفزات أسعار الغاز الأوروبية، ليبلغ النمو الحقيقي للناتج المحلي نحو 3% مقابل النمو المستهدف عند مستوى ما بين 4 و6%.
وتأتي أوكرانيا في المركز الـ60 من حيث أقوى الاقتصاديات في العالم وهو ما يؤكد البون الشاسع اقتصاديا بين الدولتين.
طبيعة الاقتصاد
ويعتبر اقتصاد روسيا اقتصادا ذا دخل متوسط مرتفع مختلط، يتميز بزيادة ملكية الدولة في المجالات الاستراتيجية للاقتصاد.
وتعد الجغرافيا الشاسعة في روسيا عاملاً محددًا مهمًا لنشاطها الاقتصادي، حيث تقدر بعض المصادر أن روسيا تحتوي على أكثر من 30 في المائة من موارد العالم الطبيعية.
ويقدر البنك الدولي القيمة الإجمالية للموارد الطبيعية في روسيا بـ 75 تريليون دولار أمريكي. وتعتمد روسيا على عائدات الطاقة لدفع معظم نموها. كما تمتلك روسيا وفرة من النفط والغاز الطبيعي والمعادن النفيسة، والتي تشكل حصة كبيرة من صادرات روسيا. اعتبارا من 2012، يمثل قطاعا النفط والغاز 16٪ من الناتج المحلي الإجمالي، 52٪ من عائدات الميزانية الفيدرالية وأكثر من 70٪ من إجمالي الصادرات.
و تعتبر روسيا "قوة عظمى في مجال الطاقة"، حيث لديها أكبر احتياطي غاز طبيعي مؤكد في العالم وتعتبر أكبر مصدر للغاز الطبيعي. كما أنها ثاني أكبر مصدر للنفط.
كما تمتلك روسيا صناعة أسلحة كبيرة ومتطورة، قادرة على تصميم وتصنيع معدات عسكرية عالية التقنية، بما في ذلك الطائرات المقاتلة ، وغواصات تعمل بالطاقة النووية، وصواريخ باليستية قصيرة المدى/طويلة المدى.
وتعتبر روسيا في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في صادرات الأسلحة، وتعتبر أهم الصادرات العسكرية من روسيا هي الطائرات القتالية وأنظمة الدفاع الجوي والسفن والغواصات.
اقتصاد أوكرانيا
أما اقتصاد أوكرانيا هو اقتصاد سوق حر، ورغم معاناته في العقد الأول من استقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفيتي في ال90 من القرن الماضي، إلا أنه شهد نمواً سريعاً في العقد التالي. وسجل نمو الناتج المحلي الإجمالي لأوكرانيا لأول مرة في عام 2000، واستمر لمدة ثماني سنوات متتالية.
ورغم ضآلة حجم الاقتصاد الأوكراني مقارنة بالدب الروسي إلا أن أوكرانيا تعد لاعبا هاما في الاقتصاد العالمي بما لديها من موارد طبيعية.
فهي تعد أكبر دولة في أوروبا في احتياطيات خامات اليورانيوم، والعاشر في العالم من حيث احتياطيات خام التيتانيوم. كما تحتل المركز الثاني في العالم من حيث الاحتياطيات المستكشفة من خامات المنجنيز (2.3 مليار طن، أي 12% من احتياطيات العالم)؛ ولديها ثاني أكبر احتياطي من خام الحديد في العالم (30 مليار طن)، إضافة لاحتلالها المركز الثاني في أوروبا من حيث احتياطيات خام الزئبق.
كل تلك المراكز جعلها تحتل المرتبة الرابعة عالميا من حيث القيمة الإجمالية للموارد الطبيعية.
كما أن أوكرانيا تتمتع بموارد زراعية هائلة حيث تعد الأولى أوروبيا من حيث مساحة الأراضي الصالحة للزراعة؛ والثالثة عالميا من حيث حساب مساحة التربة السوداء (25% من حجم العالم).
وللتعرف على مكانة أوكرانيا زراعيا يكفي أن نعلم أنها تحتل المركز الأول في العالم في صادرات زيت عباد الشمس وزيت عباد الشمس، والمركز الثاني عالميا في إنتاج الشعير و والرابع في صادراته.
كما تعتبر ثالث أكبر منتج ورابع أكبر مصدر للذرة في العالم؛ حيث يمكن لأوكرانيا تلبية احتياجات 600 مليون شخص من الغذاء.
وصناعيا لدى أوكرانيا مكانة رئيسية في العديد من الصناعات التي تحتاجها دول العالم، لعل أبرزها كونها رابع أكبر مصدر للتوربينات لمحطات الطاقة النووية في العالم؛ كما تعبر التاسع عالميا في صادرات منتجات الصناعة الدفاعية، والعاشر عالميا في إنتاج الصلب (32.4 مليون طن).
الاحتياطات النقدية
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي صعدت الاحتياطيات النقدية الروسية إلى 623.2 مليار دولار، وهو أعلى مستوى في التاريخ الذي تبلغه الاحتياطيات ووفقا لبيانات البنك المركزي الروسي.
واحتياطيات روسيا الدولية هي عبارة عن أصول أجنبية عالية السيولة تشمل النقد الأجنبي والذهب وحقوق السحب الخاص.
أما الاحتياطات النقدية في أوكرانيا فقد بلغت 31.6 مليار دولار في سبتمبر الماضي وهو مؤشر آخر يؤكد اتساع الهوة الاقتصادية بين البلدين.
أزمة القرم
وبعد ضم شبه جزيرة القرم في مارس 2014 وتدخل روسيا في الصراع الدائر في أوكرانيا ، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي (وبعض الدول الأوروبية الأخرى) ، كندا واليابان عقوبات على قطاعات المال والطاقة والدفاع في روسيا.
أدى ذلك إلى تراجع قيمة الروبل الروسي وأثار مخاوف من حدوث أزمة مالية روسية. وردت روسيا حينها بفرض عقوبات على عدد من الدول، بما في ذلك فترة عام واحد من الحظر التام على واردات الغذاء من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
في حين تعد أوكرانيا ثاني أكبر دولة أوروبية من حيث المساحة بعد روسيا، كما يلعب موقعها الجغرافي دوراً كبيراً في عبور إمدادات الغاز الروسية إلى دول غرب أوروبا، لكن هذا الموقع يجر على البلد لعنة الوقوع تحت ضغط مصالح سياسية متباينة.
وتحد أوكرانيا من الشمال الشرقي روسيا ومن الغرب دول الاتحاد الأوروبي بولندا وسلوفاكيا وهنغاريا، ما يجعلها حلقة وصل ونقطة تجاذب بين توجهين سياسيين مختلفين.