النصب التذكاري لعمال "إكسبو دبي".. رسائل إنسانية من إمارات التسامح
لفتة إنسانية، آثرت الإمارات بها تكريم وشكر عمّال "إكسبو 2020 دبي"، فتحولت لرسائل ملهمة للعالم حول حماية حقوق الإنسان كما ينبغي أن تكون.
لمحة إنسانية تجاوزت من خلالها الإمارات حدود الحقوق إلى فضاء التسامح، واخترقت أرض الواقع إلى عالم المٌثل، لتفند دون عناء ادعاءات وافتراءات بشأن ملفها الحقوقي صدرت قبل أيام عن البرلمان الأوروبي.
وفي خضم إعدادها لاستضافة "إكسبو 2020 دبي"، أول إكسبو دولي يُقام في العالم العربي، كان على رأس أولويات الإمارات أن تخلد جهود العمال الذين كانوا شركاء نجاح في هذا الحدث العالمي الفريد، فأقامت نصبا تذكاريا لعمّال إكسبو 2020 دبي نُقش عليه أسماء أكثر من 200 ألف عامل من جميع أنحاء العالم، تقديرا وامتنانا لتفانيهم في العمل من أجل إنجاز الصروح العمرانية في موقع الحدث العالمي.
رسائل ودلالات
النصب التذكاري الذي تم الكشف عنه اليوم الجمعة، حمل رسائل عدة من الإمارات للعالم، بشأن الصورة المثالية لحماية حقوق الإنسان التي تتجاوز التقدير المادي إلى التقدير المعنوي.
رسائل حول نهج الأخوة الإنسانية والتسامح التي تحرص الإمارات على نشرها حول العالم، وتطبقها قولا وفعلا في مبادارت عدة، كان آخرها حرصها على نقش أسماء عمال من جميع العالم على نصب تذكاري يخلد إنجازا إماراتيا، في مبادرة ملهمة سيخلدها تاريخ الإنسانية.
تصميم النصب التكاري بحد ذاته جاء يحمل دلالات ومعانيَ عظيمة، حول قيم التعاون الإنساني.
كما حمل التصميم رسائل فخر وأمل إلى المنطقة العربية بأن إنجازات الإمارات الكبرى في مختلف المجالات تبعث الأمل في تجديد العصر الذهبي للاكتشافات العربية.
ويضم النصب التذكاري، الذي صممه المعماري الشهير آصف خان أعمدة، حجرية أسطوانية الشكل نُقش عليها اسم كل عامل من العمّال، وهي مستلهمة من مراحل القمر، وتشير أيضا إلى علم رسم الخرائط، والدقة الهندسية في الأسطرلاب، وهي آلة فلكية قديمة كان العرب يطلقون عليها اسم ذات الصفائح.
وتمتد سلسلة الأعمدة، المقتطع كل منها من حجر واحد، على طول الممر الرئيسي لحديقة اليوبيل في إكسبو 2020 دبي، وسيزورها الملايين من أنحاء العالم، حيث تجسد هذه الأعمدة روح التعاون الراسخة في دولة الإمارات، وتعزز رؤية إكسبو 2020 دبي وجوهره، إذ يمثل أول حدث دولي بهذا الحجم منذ ظهور جائحة كوفيد-19.
ترسيخ الإنسانية
جاء النصب التذكاري ليشكل نموذجا ملهما في ترسيخ الإخوة الإنسانية وإرساء ركائز التسامح، الذي يعد عماد حقوق الإنسان.
تلك الرسائل الذي حملها النصب التذكاري دحضت مجددا ادعاءات صدرت عن البرلمان الأوروبي قبل أسبوعين وتضمنت انتقادات لسجل حقوق الإنسان في الإمارات، أرادت أن توظفها أطراف مشبوهة للتأثير على "إكسبو 2020 دبي"، ولكن جاءهم الرد من المشاركة التاريخية لـ192 دولة حول العالم في إكسبو دبي.
أيضا تأتي تلك الرسائل ضمن رؤية متكاملة لدعم حقوق الإنسان في الإمارات منذ تأسيسها قبل نصف قرن، إذ دبجت في دستور البلاد الحقوق والحريات، حتى الوصول لمبادئ الـ50.
وعلى مدى 50 عاما، عززت الإمارات تلك الرؤية بمنظومة تشريعية شاملة، وترسانة ثرية، تتضمن قرارات وقوانين داعمة للحقوق وحامية للحريات، كان أحدثها إصدار قانون الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان قبل شهر.
النصب التذكاري
تلك الرسائل وضحت بشكل جلي في التصريحات الرسمية خلال الكشف عن النصب التذكاري.
وأزاحت ريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي، المدير العام لإكسبو 2020 دبي، الستار عن النصُب التذكاري لعمّال إكسبو 2020 دبي، مشيدة بجهود القوى العاملة التي بنت بسواعدها موقع أول إكسبو دولي يُقام في العالم العربي.
وكشفت عن النصب التذكاري الذي يمثل عرفانا بجهود العمال ويعبّر عن الإنجازات المذهلة التي حققها أكثر من 200 ألف عامل من جميع أنحاء العالم، وتفانيهم في العمل من أجل إنجاز الصروح العمرانية في موقع الحدث العالمي.
وقالت ريم الهاشمي: "أردنا الاحتفاء بالعمل الرائع الذي قام به أكثر من 200 ألف من العمّال وبإسهاماتهم في إكسبو 2020 دبي.. يستحق كل واحد منهم خالص شكرنا وتقديرنا على الجهود الهائلة التي بذلوها".
وأضافت: "لقد شكّل تفانيهم في عملهم حجر أساس في تنظيم هذا الحدث التاريخي، وهو أول إكسبو دولي يُقام في منطقتنا ونسخة إكسبو الدولي الأكثر تنوعا ومشاركة على الإطلاق، وبفضل جهودهم يمكن للعالم الاجتماع في وقت يُشكّل فيه التعاون الدولي الحاجة الأكثر إلحاحا لتحقيق الهدف الجماعي المتمثل في صُنع مستقبل أفضل لنا وللأجيال القادمة".
ومنذ وضع حجر الأساس لبناء موقع إكسبو 2020 في عام 2015، أكملت القوى العاملة أكثر من 240 مليون ساعة عمل، محولةً ما كان في السابق صحراء رملية إلى موقع إكسبو 2020 دبي على صورته المبهرة الحالية، وهو مدينة مستقبلية عالمية المستوى ومحور رئيسي في خطة دبي الحضرية 2040.
وأعد إكسبو 2020 دبي أيضا "سلسلة صور العمّال الشخصية"، التي تشمل صورا مميزة تجسد تنوع القوى العاملة في الحدث الدولي وروحها، وتكمّلها اقتباسات ملهمة لبعض أفراد القوى العاملة، وهو ما يسلط الضوء على إنجازات هؤلاء العمّال وتطلعهم للمستقبل.
وستُعرض هذه الصور في فترة انعقاد إكسبو 2020 دبي على الشاشات الرقمية في المساحات العامة، حيث سيشاهدها زوار من أنحاء العالم، وتُعرض أيضا باقة منتقاة في معرض الصور في مركز إكسبو الإعلامي طيلة فترة انعقاد الحدث الدولي.
تأتي هذه السلسلة بعد المعرض السمعي البصري لعام 2017، الذي قدم قصص عمّال إكسبو 2020 دبي المسرودة بلغاتهم الخاصة.
وطيلة فترة التشييد والبناء، اتّبع إكسبو 2020 استراتيجية شاملة بعنوان "معا أفضل"، وهي مقاربة إيجابية تأسست على قيَم الصحة والسلامة، ورفاهية العمّال. وتدعم هذه الاستراتيجية ستُّ ركائز، هي القيادة والاتصال والكفاءة والتواصل والمكافأة والتقدير والتقدم المتواصل، وتشمل كل ركيزة عددا من الأنشطة والبرامج.
حقوق العمال
ومنذ تأسيسها، أولت دولة الإمارات أولوية قصوى لقيم احترام حقوق الإنسان، مستمدة ذلك من تراثها الثقافي ودستورها الذي يكفل الحريات المدنية للجميع، ومنظومتها التشريعية التي تعزز مبادئ العدالة والمساواة والتسامح، واحترام الحقوق، ودعم العمل الإنساني والإغاثي تماشياً مع مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وتوجت تلك الجهود بإنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، واستبقتها باستحداث وزارة للتسامح والتعايش، ووضع سياسات وقوانين لحماية حقوق العمال والطفل والمرأة وكبار المواطنين وأصحاب الهمم والسجناء، كما تسهم على الصعيدين الإقليمي والدولي في مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر.
ولم تكتفِ الإمارات بدعم حقوق الإنسان منذ تأسيسها وحتى اليوم، بل رسخت الالتزام بها على مدار الـ50 عاما المقبلة لتكون نهجا أبديا لها عبر وثيقة "مبادئ الخمسين"، التي صدرت الشهر الماضي.
من يشاهد النصب التذكاري لعمال إكسبو 2020 دبي ويطالع مواد الدستور وقوانين الإمارات و"مبادئ الخمسين" ويرى تطبيقها على أرض الواقع في دولة تحتضن أكثر من 200 جنسية من مختلف الثقافات والأديان يعيشون على أراضيها بانسجام ووئام، يكتشف أن قرار البرلمان الأوروبي الذي تضمن انتقادات حقوقية للإمارات مبني على أكاذيب وافتراءات وادعاءات لا أساس لها من الصحة.
العقود المعتمدة
وعززت دولة الإمارات عدة تدابير لضمان حماية حقوق العمالة الوافدة، من خلال العمل بنماذج العقود المعتمدة من وزارة الموارد البشرية والتوطين، والتوقيع على اتفاقيات رئيسية لمنظمة العمل الدولية بشأن حقوق العمال، وإنشاء نظام حماية الأجور، ونظام التأمين على العمالة، كما حظرت تشغيل الأحداث، وتقوم باستمرار بتثقيف وتعريف العاملين وأصحاب العمل بحقوقهم وواجباتهم، ووضعت عدة قنوات رقمية وتقليدية للإبلاغ عن النزاعات العمالية، وحوادث سوء المعاملة بكل موثوقية.
وصادقت دولة الإمارات على 9 اتفاقيات رئيسية لمنظمة العمل الدولية ذات صلة بحقوق العمال، وسنت العديد من القوانين لحماية حقوق العمال، بما في ذلك القوانين الخاصة بمجالات التوظيف والأجور والسكن والصحة.
ويتمتع العمال في دولة الإمارات بالحماية الكاملة من أي تمييز عنصري أثناء فترة إقامتهم في الدولة، كما تتميز بيئة العمل في الإمارات بالمساواة بين الرجل والمرأة في أماكن العمل، مع مراعاة منح المرأة فترات إجازة الوضع أو إجازة الأمومة مدفوعة الأجر.
وهكذا نظمت دولة الإمارات حزمة من القوانين والتعديلات التشريعية التي جعلت منها بيئة مزدهرة بحقوق الإنسان تصان فيها كرامته، ويعلو شأنه في ظل مساواة كاملة بين الجميع كفلها دستور البلاد وضمن حمايتها.