المغربي عبدالرحيم جيران لـ"العين الإخبارية": الشعر فن مقدس أساء له المتطفلون
الناقد والروائي المغربي عبدالرحيم جيران يتحدث مع "العين الإخبارية" عن روايته "الحجر والبركة" وشخصياتها، وتعامل الروائي مع التاريخ.
قال الناقد والروائي المغربي عبدالرحيم جيران، إنه يشعر بالرهبة تجاه الشعر، لأنه شيء "مقدس"، مبديًا أسفه للإساءة التي تعرض لها هذا الفن الأدبي من جانب "المتطفلين".
وأشار "جيران"، الفائز بجائزة المغرب للرواية لهذا العام، وهو أستاذ ورئيس قسم اللغات بالمدرسة العليا للأساتذة بتطوان بجامعة عبدالمالك السعدي بالمغرب، أنه لم يصدر ديوانه الأول إلا في 2016، ولم يفعل هذا إلا بعد إحساسه بأنه قد عثر على أسلوبه الشعري الخاص.
"جيران" تحدث مع "العين الإخبارية" عن روايته "الحجر والبركة" وشخصياتها، وتعامل الروائي مع التاريخ في سياق الحوار التالي.
- ماذا عن روايتك "الحجر والبركة" التي فازت مؤخراً بجائزة المغرب في مجال الرواية؟
تسعى الرواية إلى معالجة الفصام التاريخي، الذي يكاد يكون سمة للشخصية العربية بشكل عام، والمغربيّة بشكل خاص.
وقد شُخِّصت هذه القضية بواسطة حكاية "سليمان" الذي عذَّبه أن يكون منقسماً إلى نصفين، الأول يعيش في القرون الوسطى، والثاني حداثي وواقعيّ ومثاليّ.
- كم اقتربت شخصيات الرواية "سليمان"، و"صليحة"، والجد وحكاياته وذكرياته من الواقع؟
لا أظن أن مهمة الروائي هي إعادة إنتاج الواقع، لا أحد يستطيع هذا، حتى الكاميرا نفسها تفشل في هذا؛ لأن الواقع يعاني من الشتات، ومهمة الروائي هي إنتاج واقع جديد، عبر حكاية تمسك بكافة الخيوط والأزمنة.
والشخصيات التي تحدثت عنها ليست سوى مجرد حكايات يرى من خلالها سليمان حكايته غير المكتملة وغير المفهومة.
- لماذا قررت استدعاء التاريخ وربطه بالأحداث الجارية في روايتك؟
لا يمكن للرواية أن تُكتب إلا بكلمات حول تجربة كاتبها الذي هو نفسه ابن للتاريخ الشخصي والعام، ولهذا لا تُقرأ الرواية خارج التاريخ مهما اتسمت بتجنب أحداثه.
وقيامي باستدعاء تاريخ المغرب المعاصر، كان لفهم تكوين النخبة بالمغرب وأصولها، لأفهم كيف أصبحت نخبة ملتبسة ومقلقة.
هذا فضلاً عن كون التاريخ في نهاية المطاف ما يراه المؤرخ في الطريق ولا يلتقطه، وعلى الروائي أن يمنحه لساناً حتى ولو كان متلعثماً.
- كيف يتعامل الروائي مع التاريخ؟
يُعد التاريخ وقائع بالنسبة للمؤرخ، يتحدث عنها في ضوء مصادر أرشيفية، ولا يسمح بإدخال الخيال إليها عن طريق افتراض "لو": لو لم تقع الأحداث على هذا النحو، ووقعت على نحو آخر".
بينما تُكتب الرواية عبر تخييل التاريخ، وإضاءة ثغراته، وهذا ما شهدته رواية "الحجر والبركة".
- الرواية بها مساحة كبيرة من التجريب على مستوى البناء واللغة والأحداث.. إلى أي مدى تمثل لك الكتابة رحلة بحث واكتشاف لذاتك وللعالم؟
الرواية التي تروي الحكاية فحسب ليست برواية، حتى الجدات يعرفن كيف يروين الحكاية وعلى نحو متقن.
وأظن أن الرواية الجيدة ليست سوى تلك التي تحكي حكاية منقوصة يكملها القارئ من منظور رؤية العالم، وينبغي أن نفهم أن التجريب ليس نزعة تميز الكتابة، بل هو خاصية ملازمة لها، عبر ارتياد آفاق شكلية جديدة مغايرة للسائد والمعروف.
- تكتب بحنين للأمكنة.. ماذا يعني المكان للروائي عبدالرحيم جيران؟
السلحفاة تحمل بيتها فوق ظهرها، أما الإنسان فقدره أن يغير الأمكنة باستمرار، ولهذا فهو شديد الارتباط بتاريخ آخر غير التاريخ الذي يعاصره، وليس المكان في نهاية المطاف إلا بحثاً عن الجنة الضائعة التي تشكل خيالنا.
- صدر لك من قبل روايتا "عصا البلياردو" و" كرة الثلج"، وفي مجال القصة "ليل غرناطة" و"رياض الخاسرين"، وفي الشعر "سيرة شرفة"، وصدرت في النقد عدة كتب أيضاً.. كيف تري تلك الرحلة الأدبية؟
صرحت في حوارات عديدة بأنني أنتمي إلى القرن الـ19، وأكرر اليوم الاقتناع نفسه، فهذا القرن كان قرن الموسوعيين العظام.
كنت أرفض منذ شبابي حصري داخل إطار محدد مغلق، سواء تعلق الأمر بالإبداع أم بالمعرفة؛ وهناك دوما شيء ما ينفلت في هذا الفن أو ذاك، ولا يستطيع القبض عليه إلا غيره من الفنون الأخرى.
لهذا كنت أجد نفسي أنتقل بين الشعر والرواية والقصة والنقد، وما لا يعرفه النقاد والقراء هو أنني كتبت في المسرح أيضاً خلال مرحلة الشباب، فالأدب لا يتجزأ عندي، وكل أشكاله تتكامل .
- أين أنت من الشعر؟
كان الشعر بالنسبة إلي التجربة الأولى في الكتابة، ونشرت نصوصي الشعرية الأولى في الـ16 من عمري؛ لكنني أشعر بالرهبة تجاهه، إنه مقدس، وللأسف أسيء إلى قداسته من قبل المتطفلين.
لم أصدر ديواني الأول إلا في 2016، ولم أفعل هذا إلا بعد إحساسي بأنني قد عثرت على أسلوبي الشعري الخاص، وأظن أن الشعر لم يتراجع اليوم، ومن يقول هذا فهو في حاجة إلى الإصغاء إلى تاريخ الفن.. ما تراجع هو من يُنتج الشعر.
aXA6IDMuMTQ0LjQ2LjkwIA==
جزيرة ام اند امز