مسلمون ويهود على مقعد دراسي واحد.. مثال للتعايش والأخوة في المغرب
في تآلف وتنوع ليس غريبا على المملكة المغربية، يدرس بثانوية موسى بن ميمون، بمدينة الدار البيضاء، التلاميذ المسلمون بجانب اليهود.
ويتكرر هذا المشهد سنويا منذ أكثر من 70 سنة، ليُرسخ قيم السلام والتسامح بين الديانات.
وقال مدير ثانوية موسى بن ميمون، شيمون كوهين، إن هذه المؤسسة التعليمية كانت تشهد منذ أول يوم لتأسيسها تقاسماً للمسلمين واليهود لمقاعد دراستها، بنسب اختلفت في كُل موسم دراسي؛ إذ لم يكن للاختلاف مكان بين طاولاتها، فقيم التسامح والاحترام تعلو فوق كُل شيء هُنا.
المدرسة التي أسست عام 1950، أحدثتها شبكة الاتحاد الإسرائيلي العالمي، ودرس فيها مسلمون إلى جانب اليهود، تعلموا فيها العربية والعبرية والعديد من المواد المشتركة الأخرى.
وأوضح كوهين أن حوالي 90 في المائة من الطلاب، اليوم، هم مغاربة مسلمون، موضحا أن عدد التلاميذ المسلمين عند تأسيس المدرسة كان لا يتعدى بين 5 و 10 في المائة.
وأكد المدير، أن توافد التلاميذ المغاربة المسلمين على الثانوية، يعكس قيماً وذاكرة مُشتركتين بين المغاربة المُسلمين منهم واليهود، وأيضاً العلاقات المتينة التي تربط أفراد المُجتمع بشتى دياناتهم، والتي تتجاوز مجالات التربية والمعاملات التجارية والصناعية، لتشمل أيضا الأطباق المشتركة كما هو شأن أكلة “الدفينة” التي يعدها اليهود كل سبت، وبعض الحلويات والفطائر.
وتابع أن المعاملات مع المسلمين المغاربة "تكشف عن مجموعة من الفضائل من قبيل التواضع والدفء الإنساني، وهي مشاعر لا تقدر بثمن يعبر عنها إخواننا المسلمون متى رأيناهم أو تحدثنا معهم"، مُشدداً على أنه يتعين "تعليم هذه الفضائل والحفاظ عليها، وأنا أسعى لأن تشكل هذه المؤسسة نموذجا لباقي المؤسسات الدراسية، هنا وفي أي مكان آخر”.
وفي الثانوية المذكورة، يدرس حوالي 400 تلميذ، في جو عائلي ممزوج بالصرامة التربوية التي تعكسها جودة المنتج التعليمي المقدم بالمؤسسة.
واعتبر كوهين أن “هذه الجهود قد تكون مجرد نقطة في محيط، لكن يتعين على كل واحد بالمؤسسة أن يبذل ما في وسعه والمساهمة، وإن كان بالقليل، من أجل ترسيخ المعرفة المتبادلة بين المسلمين واليهود”.
ويوضح المدير أن تميز المدرسة جعلها منارة تعليمية داخل المغرب وخارجه، مُذكراً بعدة زيارات قامت بها وفود من مُختلف الدول. إذ أوضح في هذا الصدد أنه في إحدى السنوات استقبلت المؤسسة مجموعة نواب عرب، وكان من بينهم نائب فلسطيني لم يخف إعجابه بالقيم المتجذرة في هذه المؤسسة.
وعلى مدى عقود، أرست المدرسة جذور علاقات متينة بين الطلبة المسلمين واليهود، علاقات تقوم على حسن الجوار والاحترام المتبادل والتسامح والعيش المشترك والتي تتواصل حتى بعد الحصول على شهادة البكالوريا.
وقال إن هذه “العلاقات النموذجية لم تكن فقط في المدن الكبرى بالمغرب، بل كانت في القرى”، معربا عن الأمل في أن تدوم هذه التجربة بين المسلمين واليهود أبد الدهر.
وخلص إلى أن هذه المؤسسة التعليمية تستحق بالفعل أن تحمل اسم الفيلسوف ورجل القانون اليهودي موسى بن ميمون، الذي عاش بالأندلس في القرن 12، والذي خلف تراثا علميا غزيرا بالعبرية والعربية، فكل يهودي مغربي يحمل بالفعل هذه الهوية في قلبه.