المغربية سناء عكرود لـ"العين الإخبارية": عملي كمخرجة يشبع رغباتي كممثلة

في حوارها لـ"العين الإخبارية" تتحدث سناء عكرود عن تجربتها كمخرجة وممثلة ومؤلفة ومنتجة في "إطار فارغ"
لفتت النجمة المغربية سناء عكرود الأنظار خلال افتتاح الدورة الأولى لمهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي، التي عقدت خلال الفترة من 10 إلى 15 ديسمبر 2018، حيث عرض فيلمها الجديد "إطار فارغ" الذي يعد تجربتها الثانية في إخراج الأفلام الروائية الطويلة، إلى جانب قيامها بدور البطولة، حيث اعتبره كثير من المتابعين للسينما المغربية بمثابة ترسيخ لأقدامها كمخرجة موهوبة صاحبة رؤية جريئة للواقع المغربي.
وفي حوارها لـ"العين الإخبارية" تتحدث سناء عكرود عن تجربتها كمخرجة وممثلة ومؤلفة ومنتجة في "إطار فارغ"، وتكشف عن أسباب اتجاهها للإخراج رغم شهرتها الكبيرة كممثلة، وأسباب غيابها عن السينما المصرية بعد تجربتها الوحيدة في فيلم "احكي يا شهرزاد" مع المخرج الكبير يسري نصرالله.
متى بدأتِ فكرة فيلمكِ "إطار فارغ" الذي عرض في افتتاح الدار البيضاء للفيلم العربي؟
"إطار فارغ" هو تجربتي الثانية في إخراج الأفلام الروائية الطويلة، لكنني قدمت كمخرجة 3 أفلام قصيرة، وفيلمين تلفزيونيين، والفكرة جاءتني منذ 6 سنوات بعد أحداث الربيع العربي التي شهدتها بعض الدول العربية، وكتبت "إطار فارغ" لكي أتناول "تيمة" الحق، وكيفية التعريف بالحق، وأهمية التعليم بالنسبة للفرد لكي يستوعب حقه في المطالبة بالحق، فالناس يتحدثون عن الحقوق وعن الديمقراطية، لكن طريقة المطالبة بهذه الحقوق مفقودة عندنا، وليست موجودة لدينا في التربية، فأنا أريد حقي لكن لا أعرف كيف أطالب به، ومن هنا تبلورت الفكرة، وأعدت كتابة السيناريو أكثر من مرة حتى تم التصوير منذ سنة ونصف السنة تقريباً، والفيلم من إنتاجي بالتعاون إحدى الشركات الكندية.
وماذا عن تجربة العمل ككاتبة ومخرجة ومنتجة وممثلة في الوقت نفسه؟
هي تجربة صعبة لأنني عملت على عدة جبهات، وهذا الفيلم أعتبره مشروعي الخاص، ورحلتي الإنسانية الخاصة، وليس مجرد رحلة مكانية لفاطمة الشخصية الرئيسية في الفيلم، بل هي رحلتي التي اكتشفت فيها أشياء كثيرة، مثل المرونة، وكيفية الإيمان بمشروع لدي، فأنا واجهت عراقيل كثيرة، حيث تقدمت للاستفادة من دعم المركز السينمائي المغربي ورفض الفيلم مرتين لأنه طالبني بتغيير الخطاب الموجود بالفيلم، بحجة أنه لا يتحمل مسئوليته، لأنه خطاب قوي وفيه جرأة، إضافة لتناولي للدين، فلم تكن اللجنة المكلفة من المركز السينمائي مستعدة لتحمل مسؤولية هذا الاختيار، واستوعبت قراره وتقبلته، ولكن لم أكن مستعدة لترك مشروعي، بالعكس زدت إصراراً لكي أنتجه، وفيلمي الأول "خنفيسة الرماد" كان فيلماً تجارياً ومن إنتاجي الخاص أيضا، وهو فيلم كوميدي تراثي ولقي نجاحاً جماهيرياً كبيراً، لكن "إطار فارغ" ينتمي لسينما المؤلف وأفلام المهرجانات، ومثل هذه الأفلام لا تحقق شعبية كبيرة في صالات العرض، إلا أن موضوعه هو النجم.
في المشاهد الأولى من الفيلم يبدو ثمة تأثر بالسينما الأجنبية؟
أنا أجد نفسي في السينما الإيرانية والتركية، فأنا استفدت كثيراً من أفلام المخرج التركي نوري سيلان، لأنها تميل نوعاً ما للرواية، وأنا قارئة للرواية، وفي إخراجي تجد نوعاً ما إيقاع روائي، حيث أركز على التفاصيل، وإدارة الممثل، لأنه من المهم جدا بالنسبة لي ألا أستعرض، وأن تكون هناك شخصيات على أكبر قدر من التواضع، وتعمدت في "إطار فارغ" ألا أستعرض إمكانياتي في الإخراج.
اختلاف مدة الحوار خلال الفيلم، هل كان ذلك مقصوداً؟
بالتأكيد كان مقصوداً، فالحوارات قطعة من الحياة، وليس بالضرورة أن يكون فيها حلول، وأنا لا أختتمها بطريقة مريحة للمشاهد، بل هي جزء مقتطع مما يحدث، ومن الحياة، وهناك أفلام عالمية بها مشاهد حوارية أطول من ذلك، وهذا أسلوبي في هذا العمل، ووجود مشاهد طويلة كان مقصوداً لأن ذلك جزء من إيقاع وستايل هذا الموضوع وهذا الفيلم.
هل عايشتِ شخصيات تشبه "فاطمة" المرأة البسيطة بطلة "إطار فارغ"؟
لدي رصيد من المشاهدات لمثل هذه الشخصية، فأنا اشتهرت في المغرب من خلال أعمال تراثية أصورها في الأماكن النائية، وبالتأكيد استلهمت مما رأيت النساء الريفيات اللاتي كن يقمن بكل شيء تقريبا، والعنصر الذكوري كان نوعاً ما خامل، وأنا من الجنوب، من مدينة تارودانت قرب أغادير، وهي مدينة أمازيغية عربية، ورأيت هناك نساء يشبهن بطلة "إطار فارغ".
السينما المغربية لم تجد حظها من الانتشار عربيا، فهل ذلك بسبب اللهجة؟
اللهجة بريئة من ذلك، فالفن وسيلته الإحساس، حيث يتجاوز اللغة واللهجة، ويتجاوز الحدود، فهناك أفلام كورية استطعنا أن نتابعها ونجد أنفسنا فيها، ونالت الإعجاب على المستوى العالمي، وبالنسبة للمغرب لي عتاب على صناع السينما لأنهم لا ينطلقون من المحلية، فمراجعهم السينمائية هي مراجع عالمية، حيث يميلون لتقديم مادة لا تشبهنا بالضرورة، فلا نجد أنفسنا فيها، كما أن كتابة السيناريو عمل مركب ومهنة صعبة وغالبا لا نعطيها من الأهمية ما تستحق، لذلك لا تشبعنا الأعمال المغربية من حيث الكتابة، ونجد المخرجين في حالة تجريب، فتجاربهم السينمائية هي مرحلة تجريبية ولم تصل إلى مرحلة النضج، ويغلب عليها الاستعراض، وإن كان هناك استثناءات مثل بعض أفلام محمد مفتكر وكمال كمال وداود أولاد سيد، فالروح هي أساس السينما، وإذا كانت هناك روح حقيقية وموضوع حقيقي يتفادى الاستعراض والتصنع بالتأكيد سيصل للجمهور في أي مكان.
ماذا يدفع نجمة مثلكِ لكي تتحول إلى مخرجة؟
مع تراكم التجارب والتقدم في العمر يصبح لديك رؤية مستقلة ترغب في أن تشاركها مع الناس، وتتراكم لديك ثقافة إنسانية وفنية، وترغب في أن تصرخ بأعلى صوتك وتقول هذا رأيي فيما يحدث، وأن تسهم برؤيتك في الحياة، وهذا هو الدافع أولا، وقبل أن أشارك في بطولة فيلم "احكي يا شهرزاد" في مصر مع المخرج الكبير يسري نصرالله كنت كتبت وأخرجت فيلمي القصير "أعطني الناي وغني"، وكان هاجسي وهدفي أن أقدم أعمالاً تعتني بي كممثلة، لأنني عندما كنت ممثلة فقط لم أجد من يعتني بي في الزوايا الأخرى مني، وعندما كنت أشاهد الأفلام التي قدمتها تحت إدارة مخرجين آخرين كنت متوترة، وكنت أشعر بنقص.
معنى هذا أن سناء عكرود المخرجة تشبع رغبات سناء عكرود الممثلة؟
بالتأكيد، وأستطيع أن أقول وبفخر أن نقطة قوتي كمخرجة هي إدارة الممثل، لأنني في الأساس ممثلة، حيث أقف على التفاصيل وأحاول أن أكرس ذكاء عاطفيا لدى الممثل، وأن أعتني بلحظات الصمت، وأطور ميكانيزمات لديه حيث لا يستعرض، فأنا أكره الممثل المغرور الذي يستعرض.
ماذا عن تجربتكِ في "احكي يا شهرزاد" مع وحيد حامد ويسري نصرالله؟
الوسيط كان صديقي المنتج كامل أبوعلي، حيث كنا سويا في مهرجان مراكش السينمائي قبل سنوات، وأخبرته بإعجابي بأفلام يسري نصرالله، فقال لي إنه لو أتيحت له الفرصة لكي يعرفني به سيفعل ذلك، ومرت فترة ومن حسن الحظ أن كامل أبوعلي أنتج فيلم "احكي يا شهرزاد"، حيث اتصل بي وقال لي "عندي لك مفاجأة.. سيتحقق حلمك بالعمل مع يسري نصرالله"، وأخبرني أنه تحدث مع يسري نصرالله عني، وأرسل لي السيناريو وقرأت دوري وأعجبت به وبالخطاب الذي يقدمه الفيلم وبشخصياته النسائية الشجاعة والقوية، وسافرت إلى مصر وتعرفت على يسري نصرالله ووجدته شخصية رائعة، وبسيط ومتمكن، فهو فنان حقيقي لديه أسلوب خاص به يشبهه.
ما سر اختفائك من السينما المصرية على الرغم من نجاحكِ في "احكي يا شهرزاد"؟
كان الجميع يطالبوني وقتها بالاستقرار في مصر، وأنا لم أكن مستعدة لهذه الخطوة، كنت أقول لهم أنتم رأيتم إمكانياتي، ورأيتم ما أستطيع أن أفعله كممثلة وأعجبتم بذلك، يمكنكم أن تقترحوا عليّ أدوراً وسيناريوهات أستطيع قراءتها وأنا في المغرب وأجيبكم بنعم أم لا، شأني شأن أي ممثلة موجودة في فرنسا أو أمريكا، لأن الاستقرار في مصر لم يكن سهلاً، وكان الأسهل بالنسبة لهم أن أكون مستقرة بجانبهم، لكنني لم أكن مستعدة لذلك لأنني كنت نجمة في المغرب، وكانت أحلامي مختلفة، ولم يكن هاجسي النجومية والانتشار، بل كان هدفي العمل مع مخرجين أعجب بهم وفي أعمال أختارها بنفسي، كما أن ما عرض عليّ بعد "احكي يا شهرزاد" لم يكن بالقوة نفسها، فضلاً عن أنه كن لدي أحلامي الخاصة بأن أكتب سيناريوهاتي وأن أخرج أعمالي، وبعد ذلك تزوجت وأنجبت أطفالي وركزت على عائلتي وأفلامي، وكبر الأطفال وقدمت أفلامي، وبلغت من الثقافة والنضج نوعا ما جعلني مستعدة لكي أواصل ذلك الحلم الذي بدأته في مصر، فأنا منفتحة على كل العروض بشرط أن تكون قوية وتحترم ذكائي كممثلة، وتحترم ذكاء المشاهد وشغفي بهذه المهنة.
ماذا سيكون ردكِ إذا عرض عليكِ المشاركة في عمل فني إماراتي؟
بالتأكيد سأوافق، فالتخوف كان دائما من اللهجة، لكن المسألة تخضع للإعداد والتدريب حتى لو عرض عليّ عمل باليابانية، فأنا أستطيع التمثيل بجميع اللهجات لأن هذا عملي، ويظل شرطي الوحيد أن أعجب بالسيناريو.