المغرب وأزمة كورونا.. توليفة النجاح
إدارة ناجحة لفيروس مجهول وغامض وقاتل وأدوات ناجعة، مكّنت المملكة من تلافي مصير العديد من البلدان المتقدمة ممن تكبدت خسائر بشرية فادحة.
تعبئة مبكرة وتدابير صارمة ووعي مجتمعي.. ثلاثية صنعت توليفة نجاح المغرب في إدارة أزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، ومنحتها سبل المضي بثبات واطمئنان نحو مرحلة ما بعد الجائحة.
إدارة ناجحة لفيروس مجهول وغامض وقاتل وأدوات ناجعة، مكّنت المملكة من تلافي مصير العديد من البلدان المتقدمة ممن تكبدت خسائر بشرية فادحة جراء تأخر إقرار التدابير الاحترازية، واستطاعت ضمان تموقع آمن وسط الزلزال الذي أحدثته الجائحة محلياً ودولياً.
سياسة استباقية ناجحة
محمد الرقراقي، أستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالعاصمة المغربية الرباط، قال معلقاً على سر نجاح الأداء المغربي بمواجهة كورونا: "أعتقد أن نجاح المملكة يعود إلى السياسة الاستباقية التي تمَّ اعتمادها منذ ظهور الفيروس وبداية انتشاره على المستوى الدولي".
وأضاف الرقراقي لـ"العين الإخبارية": "بطبيعة الحال، إذا أردنا أن نقف على نجاعة هذه السياسة، فلا بد أن نقارن بالأوضاع التي آلت إليها العديد من البلدان التي لم تتخذ هذه الإجراءات الاستباقية والاحترازية، ونرى الآن الثمن الذي تدفعه هذه البلدان مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية".
وأوضح أن "المغرب اتخذ، منذ بداية ظهور الفيروس في الأسبوع الأول من مارس/آذار الماضي، احتياطات مهمة، واعتمد سياسة استباقية، وأعلن إغلاق الحدود، ولم يكن ذلك قراراً هيناً نظراً لكلفة الإغلاق المالية والاقتصادية، لكن كان لا بد منها وكان من اللازم اتخاذ تلك القرارات وان كانت موجعة لتجنب الأسوأ".
ولفت إلى أن هذه السياسة "ستمكن المغرب من مواجهة المخاطر والحد منها، لأن الحالات الأولى التي سجلتها المملكة كانت لأفراد قدموا من أوروبا أساساً، كما أن المملكة قررت، منذ بداية ظهور الوباء في الصين، إعادة جميع طلابها من مدينة ووهان الصينية، وتمَّ وضعهم في الحجر الصحي ولم يغادروه إلا بعد التأكد من سلامتهم".
جهود ووعي مجتمعي وتضامن
وبالتوازي مع التدابير الحكومية، يرى محللون أن الوعي المجتمعي وقيم التضامن كان لهما دور كبير في تألق التجربة المغربية بمواجهة الجائحة.
فالإجراءات التي نفذتها المملكة اعتمدت إلى حد كبير، على ضوابط اجتماعية واسعة النطاق، مثل تعليق التعليم الخاص والعام، وحظر السفر والتجمعات الكبيرة، وإغلاق المقاهي والمطاعم، وتعليق الصلاة في المساجد، في تدابير لاقت التزاماً من قبل المواطنين.
وبحسب الرقراقي، أعلن الملك محمد السادس إنشاء صندوق لجمع مليار يورو لمواجهة كورونا، وقد جمع في غضون أيام قليلة، 3 مليارات يورو، ساهمت فيها المؤسسات العامة والشركات الكبرى وكبار موظفي الخدمة المدنية والشخصيات العامة والمواطنون.
وأشار إلى أن "هذا الصندوق سيمكن المغرب من مواجهة جزء من الكلفة الباهظة لمواجهة كورونا".
عامل نجاح آخر، وفق الأكاديمي، يضاف إلى القائمة، وهو تحويل المغرب جزء من مؤسساته وشركاته لإنتاج الكمامات الضرورية للمواطنين، ما ساهم بتوفير ملايين الكمامات للاستهلاك المحلي، بل "أصبحنا نصدر لأوروبا وللجيش الفرنسي وإلى غيرها من الدول".
واعتبر أن ذلك أظهر قدرة التفاعل والتجاوب مع هذه الأزمة الخطيرة التي كان لها آثار مدمرة على مستوى التبادل التجاري، وإيقاف الدورة الإنتاجية بجل بلدان العالم.
محط إعجاب بالداخل والخارج
طرق إدارة أزمة كورونا لم تحظ بتأييد وتقدير محلي فقط، وإنما لاقت الإعجاب والإشادة خارجياً، إلى حد اعتبارها نموذجاً يحتذى به.
صحيفة "فرانس سوار" الفرنسية، اعتبرت أن "أزمة كورونا فتحت أعين العالم على اختلاف طرق الإدارة في أوقات الأزمات، وأظهرت عجز الكثير من الحكومات أمام الفيروس وتداعياته، إلا أن أداء المغرب أثار الإعجاب داخلياً وخارجياً، إلى حد اعتباره نموذجاً يحتذى به".
وفي مقال، اعتبرت الصحيفة أن المغرب لم يثر إعجاب المجتمع الدولي فحسب، بل أثار إعجاب مواطنيه، باستفادته من التجارب الدول التي سبقته بمواجهة كورونا، وعامل الوقت من جهة، وتحديث ورقمنة مؤسساته من جهة أخرى.
ولفت المقال إلى أن المغرب اختار الشفافية مع مواطنيه، حيث توخى عرض الأرقام والمعطيات كما هي، بلا تزييف، وسط تغطية إعلامية موحدة تصدر المعلومات إليها حصرياً من وزراء الصحة والاقتصاد والمالية والصناعة.
وأعلن المغرب، الجمعة، تسجيل 121 حالة إصابة جديدة بالفيروس، ما يرفع إلى 7332 العدد الإجمالي للمصابين في البلاد، كما تمَّ تسجيل حالة وفاة إضافية ليصل عدد الوفيات إلى 197 حالة.
وسجل المغرب 97 حالة شفاء إضافية ليرتفع العدد الإجمالي للحالات التي تماثلت للشفاء إلى 4377 حالة.